كتبت صحيفة"واشنطن بوست"الأميركية، أمس، ان امتناع الرئيس جورج بوش عن الضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية على لبنان، ينطلق من رؤية للنزاع في الشرق الأوسط تختلف كثيراً عن رؤية أسلافه. فحين كانت تندلع الأعمال الحربية في الماضي كان الرد الأميركي هو التحرك الديبلوماسي الفوري الهادف إلى التوصل إلى وقف للنار، على أمل عدم تصاعد الأزمة. ولكن هذا الأسبوع، وفي وجه المطالب الدولية المتصاعدة، ظل البيت الأبيض يتجنّب أي إشارة إلى ان صبره ينفد إزاء إسرائيل. وعلى رغم أن إدارة بوش قالت انها تريد الحد من الضحايا المدنيين، إلا أنها كانت راضية برؤية الإسرائيليين يُلحقون أكبر ضرر ممكن ب"حزب الله". ويرى بوش، كما يقول مسؤولون في البيت الأبيض وأشخاص على علاقة بالرئيس الأميركي وخبراء في الشرق الأوسط، أن الوضع الحالي - المتمثل في وجود مجموعة مسلحة، في دولة ذات سيادة، تملك صواريخ قادرة على ضرب دولة حليفة للولايات المتحدة - غير مقبول. ويعكس هذا الموقف الأميركي الاعتقاد المتزايد لبوش في أن إسرائيل دولة محورية في الحملة الشاملة ضد الإرهاب، ويمثّل ابتعاداً عن النظرة التقليدية إلى الولاياتالمتحدة بوصفها تلعب دور"وسيط نزيه". وترى الإدارة، كما ذكرت"واشنطن بوست"، أن النزاع الحالي ليس فقط أزمة يجب احتواؤها، بل هو فرصة سانحة للتقليل من تهديد كبير للمنطقة، تماماً كما يعتقد بوش انه يفعل في العراق. ويأمل المسؤولون الأميركيون في أن شل إسرائيل قدرات"حزب الله"سيكمل عمل بناء ديموقراطية فاعلة في لبنان ويُرسل إشارات قوية إلى الداعمين السوريين والإيرانيين للحزب الشيعي اللبناني. ونقلت"واشنطن بوست"عن أشخاص يعرفون بوش أن رؤيته للنزاع في الشرق الأوسط متأثرة بهجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 التي جعلت من محاربة الإرهاب محوراً أساسياً في فترة رئاسته. كذلك تأثرت هذه الرؤية برحلة في هليكوبتر فوق الضفة الغربية قام بها بوش عندما كان حاكماً لتكساس في 1998 مع آرييل شارون، وهي رحلة قال بوش انها أظهرت له كم ان إسرائيل مهددة. وأشارت صحيفة"ذا غارديان"البريطانية إلى أن استمرار القصف الإسرائيلي للبنان والحصيلة المرتفعة للضحايا المدنيين محور خلاف بين رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية. ولفتت إلى ان توني بلير يأخذ موقفاً مؤيداً في شدة لإسرائيل وامتنع عن الدعوة إلى وقف فوري للنار، في حين يحض بعض مسؤولي وزارة الخارجية في صورة غير علنية على ضبط نفس أكبر من الدولة العبرية في ظل مخاوف من أن الضربات ستأتي بنتائج معاكسة لما هو مأمول منها، كما انها غير متوازنة وتهدد الاستقرار السياسي للحكومة اللبنانية. وكتبت الصحيفة أن وزيرة الخارجية مارغريت بيكيت التي تولت منصبها قبل ثلاثة شهور فقط، تحاول جسر الهوة بين رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت ومسؤولي وزارتها. لكن بيكيت رفضت الخضوع لضغوط من داخل حزب العمال للدعوة إلى وقف غير مشروط للنار وإدانة العمل الإسرائيلي بوصفه غير متوازن. أما صحيفة"ذي إندبندنت"فأوردت معلومات مفادها أن بريطانيا التي تلوم إيران على انفجار القتال في لبنان، تريد أن تستخدم الأزمة الحالية من أجل بناء تحالف يتبنى سياسة"احتواء"طويلة المدى لطهران. ونقلت عن مسؤولين بريطانيين كبار أن مشروع قرار جديداً لمجلس الأمن عن البرنامج النووي الإيراني يُتوقع طرحه الأسبوع المقبل سيشكّل"حجر الزاوية"في هذه الاستراتيجية.