بدأ النمو الكبير الذي تشهده سوق التأمين الإسلامي، المعروف باسم"التأمين التكافلي"، في استقطاب شركات تأمين عالمية إلى منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً دول الخليج، في ظل توقعات بمضاعفة حجم السوق خلال السنوات القليلة المقبلة. وكما أطلقت مؤسسات مصرفية عالمية غربية مثل مجموعة"اتش اس بي سي"منتجات مصرفية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وافتتحت فروعاً لمعاملاتها الإسلامية، فإن شركات تأمين عالمية كبرى، أعلنت هي الأخرى عن خططها لإطلاق منتجات متوافقة مع الشريعة في منطقة الشرق الأوسط والخليج ، بينها شركة"سويس ري"، المتخصصة في مجال إعادة التأمين، والتي بلغت عائدات الأقساط التأمينية لها العام الماضي 27 بليون فرنك سويسري نحو 22.3 بليون دولار، وفقاً لرئيس قسم التأمين على الحياة والصحة في الشركة كريس سينغلتون. وقال سينغلتون، خلال زيارته إلى دبي للترويج للمنتجات الجديدة التي تنوي شركته إطلاقها، ان الشركة قامت بدراسة السوق لمدة عامين، وقررت دخول سوق"إعادة التكافل العائلي"، المتفق مع مبادئ الشريعة، لوجود فرص نمو هائلة لهذه السوق في المنطقة. ويقدر خبراء حجم سوق التكافل في العالم بنحو خمسة بلايين دولار منها بليون دولار في السعودية، و1.5 بليون دولار في إيران، في حال اعتبار التأمين في السوقين"تكافلياً". ووفقاً لما يقوله المدير التنفيذي لشركة"تكافل ري"، وهي أكبر شركة تكافل من حيث حجم الأعمال، فإن حجم سوق التكافل في العالم يقدر بنحو 2.5 بليون دولار باستثناء السعودية وإيران. وعلى رغم تأكيده أن الأرقام تمثل مشكلة وأن ما يذكر هي تقديرات، فإنه يقدر حجم سوق إعادة التكافل في الدول العربية والإسلامية بين 600 و700 مليون دولار. ويتوقع نائب الرئيس في الشركة العربية الإسلامية للتأمين"سلامة"، أن تشهد سوق التكافل وإعادة التكافل معدلات نمو تتراوح بين 25 وپ30 في المئة سنوياً، خلال السنوات القليلة المقبلة. جنوب شرقي آسيا وتعتبر دول جنوب شرقي آسيا، وماليزيا في شكل خاص، أكبر سوق للتكافل وإعادة التكافل في العالم حالياً. وإذا كان التكافل وإعادة التكافل يشكلان سوقاً كبيرة عالمياً وإقليمياً، كما يقول المدير الإقليمي للتأمين على الحياة والصحة في"سويس ري"توماس كيل، فإن التكافل على الحياة في شكل خاص، لا يزال صغير الحجم، لكنه يزخر بفرص هائلة للنمو في السنوات القليلة المقبلة. وقدر كيل حجم هذه السوق بنحو عشرة ملايين دولار فقط. ولدى سؤاله عن عدم الاستناد إلى فتوى من علماء إسلاميين عرب موثوق بهم حول مشروعية هذا النوع من التأمين، والاعتماد على عالم إسلامي ماليزي، قال كيل إن السبب يرجع إلى ارتفاع الكلفة وليس إلى عوامل أخرى. يشار الى أن قضية التأمين وإعادة التأمين على الحياة لا تزال مثار جدل طويل حول مدى اتفاقها مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ولكي تبث الثقة في نفوس أبناء المنطقة حول مشروعية منتجاتها، أفادت"سويس ري"أن العلاّمة الشيخ محمد تقي عثماني، الذي يتولى رئاسة المجلس الشرعي في الشركة، وبمساعدة المستشار عبدالله صديقي من"إيرنست أند يونغ"، قام بمراجعة هيكلية المنتج الجديد، وأقر بأنه متطابق تماماً مع مبادئ وتعاليم الشريعة الإسلامية. "الوكالة"وپ"المضاربة" وأشارت الشركة في المؤتمر الصحافي الذي عقدته في دبي، الى أنها قامت بتطوير"إعادة التكافل العائلي"، بهدف تلبية احتياجات السوق، وحرصت في ذلك على تقديم منتج عملي من الناحية التجارية، يستوفي شروط الصدقية والمعايير الأخلاقية كافة. كما أكدت أن الخبراء في الشركة درسوا نموذجي"الوكالة"وپ"المضاربة"، وتبين لهم أنه في الوقت الذي يعتبر نموذج"المضاربة"المستخدم حالياً في بعض الأسواق، مقبولاً من الناحية التسعيرية، إلا أنه لا يعتبر منتجاً إسلامياً كاملاً في أسواق أخرى. وعليه، فقد اختارت"سويس ري"أن تعتمد نموذج"الوكالة"لتضمن قبوله عالمياً. ونموذج"الوكالة"يتطلب تجميع العمل من مصادر مختلفة في مجمّع موحد لجعل المشاركة في الأرباح مجدية وعملية. وأكدت أنها ستحرص على أن تكون الأعمال المرشحة للمشاركة في هذا المجمّع، مستوفية متطلبات أفضل ممارسات إدارة المخاطر المطبقة على كل الأعمال التي تعيد تأمينها. وتقضي خدمة"إعادة التكافل العائلي"، بأن تتحمل الشركة المخاطر، وأن تتولى كذلك إدارة العمل. وعلاوة على ذلك، فإن العمل المكفول سيكون مدعوماً بالقوة المالية.