أطلقت"منظمة الاغذية والزراعة"في الأممالمتحدة فاو صرخة انسانية تُحذر من احتمال موت 11 مليون شخص في القرن الافريقي، ما لم تصلهم مساعدات غذائية عاجلة. والمفارقة ان هذا التحذير صدر في وقت تُقرع فيه طبول الحرب في القرن الافريقي، سواء في الصومال الممزق او بين اثيوبيا واريتريا، مما يعنى ان الجوعى هم وقود حروب الفقراء في القارة السمراء. وترددت أصداء الصرخة ذاتها في الهند، إذ صرح مدير منظمة"فاو"جاك ضيوف ان منظمته تعقد الآمال على الهند والصين في تنفيذ برنامج يرمي للتخلص من الجوع خلال السنوات العشر المقبلة. ورأى ضيوف ان الأمر لا يمثل حلماً، خصوصاً اذا تعاون البلدان اللذان يزيد عدد سكانهما عن بليوني نسمة، مع باقي الدول النامية ومنظمة الدول المصدرة للبترول"أوبك"لاقناع الدول الصناعية المتقدمة بالانضمام الى الجهود الرامية للتخلص من الجوع عالمياً. وأوضح ايضاً ان علماء الهند حققوا قفزات علمية كبرى في مجال الزراعة ومكاثرة المحاصيل الغذائية وحمايتها من التلف. وجاء كلام ضيوف اثناء حلوله ضيفاً على المؤتمر ال93 للعلوم في الهند. ووفق تقديرات المنظمة، يحتاج اكثر من 11 مليون شخص في الصومالوكينيا وجيبوتي وأثيوبيا الى ما يسد رمقهم ويقيهم مغبة الموت جوعاً. ولاحظت الفاو ان النقص الغذائي يتفاقم في منطقة القرن الافريقي، خصوصاً في الصومال حيث يحتاج نحو مليوني شخص الى مساعدة انسانية. وتتخذ الازمة عينها طابعاً اكثر حدّة في شمال كينيا وشرقها، وجنوب شرقي اثيوبيا وجيبوتي. وقبل فترة وجيزة، اعلن الامين العام للمتحدة كوفي انان، ان الارقام تبيّن توافر الاغذية عالمياً في شكل يكفي لاطعام سكان العام كله، وان المشكلة الفعلية تكمن في سوء توزيعها بحيث تتخم حفنة من الدول في مقابل وقوع دول آخرى فريسة للمجاعة. ووجه بيان منظمة"فاو"انذاراً خاصاً لفت فيه الى ان المجاعة في منطقة القرن الافريقي تفاقمت بسبب موجات الجفاف التي ضربت المنطقة خلال السنوات الاخيرة، والتي مثلت عبئاً ثقيلاً اضيف الى الاثر الفادح للصراعات العسكرية المستمرة في تلك المنطقة الحساسة من القارة السمراء. ومعلوم ان ارتفاع حرارة الارض، الذي نجم من تراكم غازات التلوث، ترافق مع متغيّرات مناخية في العالم، ضمنها انخفاض معدلات الامطار في مناطق لم تعان الجفاف سابقاً، وزيادة سرعة زحف الصحراء على المناطق الخصبة، مما حرم الانسان والحيوان والنبات من مصادر عيشهم الاساسية. وتراكمت تلك المتغيرات البيئية، لتُحدث انخفاضاً مستمراً في المحاصيل الزراعية، مما اطلق موجات متعاقبة من المجاعات. وتفاقم ضيق العيش مع رفض الدول الغنية وقف المساعدات الهائلة التي تعطيها لمزارعيها، والتي تُمكنهم من بيع منتوجاتهم الوفيرة وذات النوعية المُرتفعة بأثمان منخفضة نسبياً، وبما جعل مزارعي العالم الثالث وخصوصاً في الدول الافريقية غير قادرين على تصدير منتوجاتهم الى اسواق الدول الصناعية. وهكذا سدت المساعدات الزراعية اسواقاً كان في امكانها إتاحة فرص لمزارعي آسيا وافريقيا لجني ارباح تقيهم العوز. ويُعتبر هذا الامر اساساً في المفاوضات حول ما يُسمى ب"التجارة العادلة"التي ما زالت تشهد تصلباً من قبل العالم الصناعي حيال مطالب الدول الفقيرة. وزاد تدهور الامور الصراعات المريرة في تلك المنطقة مثل الحرب المديدة بين ارتيرياواثيوبيا والحروب في الصومال.