يصادف هذا العام مرور 250 سنة على ولادة الموسيقار العالمي وولفغانغ أماديوس موتسارت، وتحتفل بالمناسبة مهرجانات الموسيقى في العالم، خصوصاً مدينة سالزبورغ النمساويةمسقط رأسه. لكن أيضاً براغ وفيينا وكل المدن الأوروبية التي زارها وعزف فيها موسيقاه، تلك الظاهرة الفريدة في تاريخ الفن عبر العصور. وإذ يبدأ"مهرجان البستان"اللبناني أواخر شباط فبراير المقبل حاملاً في جعبته 25 أمسية موسيقية تكريماً واحتفالاً بالمناسبة نفسها، فانه يأتي في مقدمة الفاعليات العالمية التي تحتفي بالذكرى الحدث، خصوصاً أن المهرجانات الأخرى تبدأ كلها في فصل الصيف. و"البستان"يشارك عواصم العالم ومدنه في إطفاء 250 شمعة مساء السابع والعشرين من الشهر الجاري، ليلة ميلاد موتسارت، حينما يستضيف ستة مجلَّين في العزف الكلاسيكي من صفوف المعهد الوطني اللبناني للموسيقى، ومعهم مئات اليافعين والشبان الموهوبين والمهتمين بالموسيقى الراقية، مدعوين مجاناً للسماع وقطع قالب حلوى، بعد إطفاء الشموع. وبينما يكون"البستان اللبناني"منهمكاً في إطفاء الشموع والاحتفال بالمواهب الجديدة مساء 27 كانون الثاني يناير الجاري تعيد"ميتروبوليتان أوبرا"في نيويورك تقديم"المزمار الساحر"مطلقة تكريمها للمناسبة في ثلاثة أسابيع تحت عنوان"سحر موتسارت". وفي الوقت نفسه، تنهمك مدينته سالزبورغ في التحضير لتقديم 22 أوبرا له هي مجمل أعماله الأوبرالية، خلال الصيف المقبل، كما تصدح المدينة طوال هذا العام بمئتين وستين أمسية موسيقية وپ55 قداساً تكريماً لذكراه. أماديوس، وهو الاسم الذي اشتهر به موتسارت، يملأ شوارع المدينة ومحالها ومقاهيها وقمصانها وقبعاتها، الى فناجين القهوة والميداليات وحمّالات المفاتيح والشالات والقطع التذكارية الأخرى، ذلك أن سالزبورغ تتوقع ملايين الزائرين هذه السنة. هؤلاء سيزورون بلا شك البيت الذي شهد ولادة"الطفل المعجزة"الذي بدأ يؤلف الموسيقى وهو في الخامسة من عمره. والبيت المذكور محفوظ بأدق تفاصيله حتى أصغرها وأقلها شأناً مثل خصلة شعر ووتر كمان وزرّ قميص... إلاّ أن المشاركين في الرحلات المنظمة للمناسبة سيزورون مكان ولادة أوبرا"زواج فيغارو"وهو منزل سكنه موتسارت في فيينا لدى تأليفه أجمل أعماله الأوبرالية. وفي المكتبة الوطنية، سيشاهدون مخطوطة"ريكويوم"التي تعرض للمرة الأولى. أما في براغ فسيزورون"الأستيت تياتر"الراجع بناؤه إلى عام 1783 حيث قاد فرقته الموسيقية عام 1787 لدى تقديم أوبرا"دون جيوفاني". وسيطاول الاحتفال بهذه الذكرى في النمسا مجالات التعليم والرياضة والحياة العامة. ففي سباق الماراتون السنوي عبر فيينا 43 كلم مثلاً سيرتدي موسيقيون الملابس الوطنية ويعزفون مقطوعات لموتسارت على امتداد المسافة. وسيحفظ الأطفال عن ظهر قلب انه عاش 13097 يوماً وأمضى 3720 منها متجولاً في مئتي مدينة أوروبية،وأنه توفي في الخامس من كانون الأول ديسمبر 1791 بعدما وضع 626 عملاً موسيقياً. في المؤتمر الصحافي الذي سبق فعاليات"مهرجان البستان"، رحبت رئيسة المهرجان ميرنا بستاني بالحاضرين، وأحالت الكلمة إلى الزميل جورج سكاف الذي تذكّر الصدمة و"الأمل الكبير"الذي رافق مهرجان العام الفائت، وكيف أن الأحداث الأليمة التي بدأت باغتيال الرئيس الحريري أكدت أيضاً عدم الاستسلام للإرهاب والموت، فلم يلغ المهرجان حفلة واحدة بما فيها حفلة 14 شباط الأليمة الذكر. المايسترو وليد غلمية تحدث عن"الإيقاع الذي نشعر به ولا نسمعه"في موسيقى البهجة لدى موتسارت. وقال إن الكونسرفاتوار الوطني الذي يرئسه يمتحن الموسيقيين الجدد بمقطوعة لموتسارت هي المحكّ في قبولهم أو رفضهم ضمن الأوركسترا السمفونية. وأعاد غلمية إلى أذهان الحاضرين أن موتسارت كان أوّل من أدخل لغات غير الإيطالية إلى الأوبرا. وكان ذلك في معرض مناقشة قابلية اللغة العربية للكتابة الأوبرالية، بعدما صرّحت السيدة بستاني بأن مهرجان 2006 سيستقبل السوبرانو المصرية منى رفله، والباريتون رؤوف زيدان يرافقهما عازف البيانو ديفيد هيلز في ترجمة لبعض المقاطع الأوبرالية وضعها الدكتور علي صادق الشغوف بأعمال موتسارت. وأكدت بستاني أن الترجمة العربية على مستوى لائق جداً من الحرفية واللياقة وستكون مفاجأة سارّة لمن طالما شكك في إمكان صلاح اللغة العربية للأوبرا. وختم غلمية:"إن الصوت البشري هو أعظم آلة موسيقية، وهو عندنا مكرّس منذ قرون للخطابة، لكن آن الأوان لإدخاله الحيّز الغنائي في أعلى مستوياته". ينطلق"مهرجان البستان"هذا العام في 22 شباط . وتأكد السيدة بستاني أن الحفلة الواحدة تقدم مرّة واحدة فقط. وإضافة إلى السهرة العربية في 16 آذار مارس المقبل، يستضيف المهرجان وجود أشقاء، سيرغي ولوزين ختشتريان وليندا وجوزيه بستاني، كذلك زاد ملتقى الذي يلتقي جمهور بيروت في الرابع من الشهر نفسه.