يتزامن ثراء الصين الحديث مع بناء شبكة مواصلات، وإبرام علاقات تجارية. وهذه العلاقات التجارية وخطوط المواصلات تعرض الهند الى ضغوط كبيرة، وتفتح ثلاث جبهات عليها. فالصين توسع خطي سكك حديد على الحدود الهندية، الشمالية والجنوبية. ويربط الخط الأول كاراكورم الصينية بجوادر، على مدخل مضيق هرمز. والثاني يربط إيراوادي بخليج البنغال، ويعبر الاراضي البورمية، ويجتاز سلسلة من الأنهار وسكك الحديد. وتشق الحكومة الصينية طريقاً آخر يصل الشرق بالغرب عبر هضاب وجبال التيبت، على حدود الهند الشمالية. وهذه الطريق بلغت كلفة شقها نحو 6.2 بلايين دولار تطبق قبضة الصين الحديدية على التيبت، وتعزز قدرة الجيش الصيني الهجومية على الهند. والى التهديد العسكري، يهدد خط سكة الحديد هذا الحيوانات البرية بالانقراض، والغابات بالانحسار. وشأن هذا الطريق شأن سكة حديد تربط بين لاسا وسايغيتس. فهذان الخطان يخولان الصين استقدام 12 فرقة عسكرية، ونشرها على الحدود مع الهند. وترفد هذه الفرق العسكرية سلسلة من القواعد الجوية الصينية. وتعزز الصين كذلك ترسانتها الصاروخية بالتيبت. والصواريخ الصينية العابرة القارات صالحة للنقل على السكك الحديد. ولا ريب في أن خطوط سكة الحديد في التيبت تهدد الهند استراتيجياً. فهذه الخطوط تسهم في"تذويب"التيبتيين في المجتمع الصيني، وفي هيمنة العرق الصيني على التيبت. فالصين نشرت أجهزتها الامنية على الشواطئ البورمية، وأنشأت مراكز مراقبة في جزيرتين سلمتهما الهند الى بورما في الخمسينات، وأُجِّرتا الى الصين في 1994. وتمول الصين شق طريق مكران الساحلي بين جوادر، مقر التنصت الصيني الالكتروني، وكراتشي. وجوادر المحصنة بسلاسل جبلية وشواطئ، هي عمق استراتيجي لباكستان في مواجهة الهند التي حاصرت، في 1971، البحرية الباكستانية، ومرفأ الغواصات الصينية في حديقة الهند الخلفية. وتضاهي طريق جوادر أهمية طريق كاراكورم. فهذه الطريق أرست دعائم التحالف الصيني - الباكستاني في 1969، ونقلت سراً عليها الصواريخ الصينية، والتقنية النووية الصينية، الى باكستان. وتبحث إسلام آباد وبكين مشروع خط أنابيب غاز ونفط من جوادر إلى غرب الصين. ويتيح للصين الحصول على حصة أكبر من مصادر الطاقة الخليجية. وتسعى الصين الى جذب بنغلادش الى الفلك الصيني، وإلى إرساء نفوذها، تجارياً وعسكرياً في ميناء تشيتاغونغ، والربط بين بنغلادش وبورما، الممر إلى شمال شرقي الهند. وعلى هذا، فتعاظم دور الصين ونموها السريع، يتهددان الهند بأخطار استراتيجية. وعلى رغم دعوة الهندالصين الى التعاون، فلن تتوانى الصين عن انتهاج إستراتيجية تتعارض مع مصالح الهند وأمنها . عن براهما تشيلاني محلل استراتيجي وأستاذ الدراسات الاستراتيجية في معهد الأبحاث السياسية بنيودلهي،"هندوستان تايمز"الهندية ، 22/6/2006