حزمت الحكومة (الهندية) أمرها، وقررت إعلان معارضتها علناً لعزم الصين الانغماس في خطط إنشائية في القسم الباكستاني من كشمير المتنازعة، والاستثمار في الأبنية التحتية في منطقتي جيلجيت وبالتيستان الشماليتين. وسبق للصين ان تولت شق طريق كاراكورام، بين البنجاب الباكستانية وشينغيانغ الصينية من طريق كشمير. وهي تتولى اليوم تجديد الطريق هذه وصيانتها. وأعدت باكستان دراسة جدوى لسكة حديد بين ميناء جوادر، على بحر العرب، وشينغيانغ من طريق كشمير كذلك. واستثمار الصين في أراض لم تحسم مسألة السيادة الباكستانية عليها، وتتنازعها الهند وباكستان، لا ينم بسياسة صينية ودودة تجاه الهند. وقد لا يؤدي احتجاج الهند الى عودة الصين عن الخطط التي تنفذها، ولكن الاحتجاج يُفهم الصين ان هذه الخطط تحول دون قيام علاقات طبيعية بينها وبيننا. ومن جهة أخرى، حصلت بعض شركات البناء الصينية على عقود عمل بالهند. فجاءت بعدد كبير من العمال الصينيين الى الهند، فنافسوا العمال الهنود في عقر دارهم. وهذا النهج تنتهجه الصين في افريقيا، حيث العمالة المحلية المؤهلة قليلة، على خلاف الحال في الهند. والإدارة الهندية عازمة على حجب التأشيرات عن العمال الصينيين، ما لم تثبت الشركات الصينية ان لا نظير لعمالها في الهند. وينبغي ان تدقق الهند في استثمار الصين وشركاتها في حقول مثل الاتصالات وشبكاتها. فليس من الحكمة انخراط الشركات الصينية في بلد تندد به صحافتها الموجهة والمقيدة من غير كابح، ويشن حزبها الحاكم عليه حملات مغرضة، ويتوعده بأقسى العواقب إذا هو (اي الهند) لم يماش نهجه (الصيني) في التيبت. وامتنع المسؤولون الهنود من لقاء الدالاي لاما علناً، مراعاة للصين وسياستها. ولكن اللاجئين من التيبت الى الهند يعدون عشرات الألوف. وعلى رئيس الوزراء الهندي مناقشة أحوالهم مع زعيمهم، الدالاي لاما. والحق ان تحسن العلاقات الصينية - الهندية أعقب زيارة راجيف غاندي الى الصين، في 1988، تلبية لدعوة دينغ هسياو بينغ، على رغم مساندة الصين باكستان، ومساعدتها على التسلح النووي، والرئيس الصيني الحالي، هو جينتاو، بلغ منصب القيادة لقاء إثباته جدارته السياسية والإدارية على رأس التيبت. واضطره الى كبح هذه السياسة حلف الجيش الشعبي والمتشددين الشيوعيين. ولعل مقالات الصحافة الصينية المنددة بالهند إيذان بهيمنة المتشددين من جديد على سياسة الحزب الشيوعي الصيني. ولا يسع بلدين مثل بلدينا المغامرة بخوض مناوشات على حدودهما المشتركة. فهذا يجرهما الى دمار معنوي وسياسي لا يقاس به الدمار المادي. ونحن، على هذا، ملزمون إعلان مصالحنا، والإصرار على مناقشة خلافاتنا، والدعوة الى علاقات ثنائية متميزة. * مدير الاستخبارات الهندية سابقاً، عن موقع «ساوث ايجيا أناليسيز غروب» الهندي، 27/10/2009، إعداد جمال اسماعيل