بعد خمسة عشر عاماً من غياب الدولة في الصومال يعود أصحاب المصالح التي ترسخت بالتجارة، وأصحاب النفوذ الذي استقر بالسلاح إلى البحث عن معادل جديد، قد يوقف ما وصلت إليه صراعات عقد ونصف. فهل يتحقق ذلك عبر قوة اجتماعية متمددة مثل أهل الشريعة؟ أم بواسطة قوة دولية عبر آليات التدخل الأجنبي؟ وهل يملك أهل الشريعة مشروعاً للدولة غير مشروع التجار المحيطين بهم والممولين لهم، أم يتقدم أهل السلاح ليواصلوا عملية الضبط عبر حكومة صورية يساندها مشروع خارجي أميركي أو دولي أو إقليمي؟ ويبقى سؤال لماذا هذه التطورات الآن تحديداً؟ هل بسبب نضج الموقف بين قوى المجتمع من الإسلاميين والمنظمات الأهلية، أم بسبب حاجة القوى الدولية والإقليمية الى ممارسة استراتيجية الفوضى البناءة ومواجهة الإرهاب على خط مشابه من دارفور إلى مقديشو، تأثراً بالوضع في أفغانستان والعراق؟ وأين دور"الحكومة"الصومالية القائمة التي بقيت منذ تشكيلها أواخر 2004 كحكومة في المنفى في نيروبي تارة أو في قرية معزولة تدعى"بيدوا" تارة أخرى؟ وهي عاجزة من أول لحظة عن إحداث أي توازن بين الإسلاميين والتجار الذين يميل اليهم الرئيس وبين لوردات الحرب وأنصارهم في البرلمان - وإذا كانت"الحكومة الصومالية"أصبحت كلها في منفى ذاتي أو دولي، فكيف تتعامل معها منظمات إقليمية هي عضو فيها مثل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، بل وهي عضو ذو صوت في الاممالمتحدة؟ لن نعود هنا لسرد مكرر عن ظروف سقوط الدولة الاستبدادية بقيادة سياد بري والتي لم يرثها الديموقراطيون أو مدنيون كما كان متوقعاً على رغم أنه سقط فعلياً عبر تمردات شعبية جعلته يهرب وفريقه من العاصمة بليل. ولكن تراثاً سابقاً للعسكرية الوطنية الصومالية على النسق العربي أيضاً أعطى نفوذاً لقادة الفصائل الذين بدوا كعسكر مرتزقة أكثر منهم شخصيات سياسية ذات خطة بديلة، ومن هنا وصلت الحال إلى وجود أكثر من أربعين فصيلاً متقاتلاً في الصومال، وبدت"العشائر"التي هي بالمئات في الصومال شمالاً ووسطاً وساحلاً وجنوباً في ثوب القبائل الكبرى من اسحاقية إلى هوية إلى مجرتين وداروط اضافة إلى تجمعات جنوبية أصغر مثل"الديجل"والرحانوين... الخ، وبهذا التحول عن مشروع الدولة الوطنية بمرحلتها الديموقراطية في الستينات أو الاستبدادية في العقدين التاليين شكل لوردات الحرب القوة القائدة للمجتمع، مع التحفظ والرفض العام دائماً إزاء تدخل القوى الخارجية، وعاد الاقتصاد السياسي والاجتماعي الذي لم يجر تحديثه بشكل حيوي في الستينات ولم تنقذه اشتراكية علمية مصطنعة في عقدين تاليين، عاد إلى سيرته الأولى، تحكمه جماعة من التجار كنا نسميهم"الحجاح السبعة"في الستينات ولا أظن انهم زادوا كثيراً أخيراً - يقوم دخلهم على ريع الثروة الحيوانية الحيوية في البلاد، إلى جانب مجموعات اجتماعية متواضعة الأصول في الجنوب تقوم على زراعة الموز الأساس، ولتمتد تجارة الجميع إلى الدول الخليجية وشرق آسيا، بل ولتمتد داخلياً إلى استثمار المال في ما يشبه البنية الداخلية من طرق ومطارات وموانئ ومصارف ووسائل اتصال. ولا يحتاج الامر هنا إلى توفيق بين الحداثة - الاقتصادية - والعسكرية الوطنية على نحو ما كان الأمر من قبل وبين فصائل الحرب ولأمرائها لحماية"الحجاج الجدد"، سبعة كانوا أو سبعين! وفي أجواء الاضطراب تلك، يستقر التجار، ويتمترسون بالعشائر ورموزها السياسية والعسكرية، ويفر"الغلابة"الى الخارج مشكلين أكبر مصادر الهجرة إلى أوروبا وأميركا وشرق آسيا، كما يشكلون أكبر مصدر مالي من العائدات التي جعلت رأسمال مصارف مثل"البركة"يصل الى بلايين عدة من الدولارات، وليجعل ذلك الدولار عملة رئيسية أخيراً. من هنا سقطت الدولة وبقي"المجتمع المفتت"الذي هو الصيغة المقترحة دائماً من أجهزة العولمة وتهدد معظم مجتمعات العالم الثالث، وحتى لا يبدو الصومال نموذجاً غريباً على الأسماع، كما يحلو للبعض أن يصوره. ولأن هذا النمط العشائري التجاري هو الذي يستطيع تحقيق"شكل استقراره"لبعض الوقت فقد تقدمت بنيته التحتية بشكل أفضل من بنيته العسكرية أو قل عالم أمراء الحرب. ذلك أن عناصر الاقتصاد التجاري الجديد أوجدتت بسرعة وسائل سيطرتها التوحيدية - بعيداً من الدولة -، فصار هناك محطات للتلفزيون أربع والإذاعة تسع و الصحف عشر، وشركات المحمول اثنتان، وصار لكل جماعة ميناؤها، وتوافر المطار والطائرات إلى كينيا ودبي وصنعاء، وانتعشت حركة الاستهلاك بأموال المهاجرين، بل وراجت تجارة السلاح إلى حد بيع أحد الأمراء أكثر من أربعين صاروخاً للقوات الأميركية قبل رحيلها عام 1993. تحت هذه المظلة تم أيضاً نضج"المجتمع المدني"أو قل العمل الأهلي لتقديم الخدمات الصحية والتعليم بل وترتيب العلاقات بالعالم الخارجي، أو قل"التخديم"على العمل السياسي وبخاصة في علاقته بالخارج وخصوصاً بأوروبا والولاياتالمتحدة الأميركية، ولذلك فإن التسابق الدولي لم يتوقف في الصومال عبر تقديم المساعدات والمنح للمنظمات الاهلية التي بلغت المئات وجاءت بالمانحين وملايينهم بالمئات أيضاً. وبتعدد النشاطات وعمليات التبادل الاقتصادي والمدني بدأت مراكز النفاذ إلى الخارج تأخذ أوضاعها المفيدة لهذا الوضع، فاستقرت"أرض الصومال"عندما اختارت ذلك وتركها الصوماليون موقتاً لأهمية ميناء بربرة في العلاقة مع الخارج عندما يضطرب الحال في موانئ مقديشو الكثيرة- بل استقرت بلاد بونت نسبياً. وعندما وجد الزراعيون مجالاً للحكم الذاتي فعلوها في وادي جوبا جنوبا، بل وانتعشت قرى قديمة لتصير كالمدن مثل بيدوا وجوهر كمنفذ إلى الداخل والصومال الغربي في أثيوبيا. ظهور المحاكم الشرعية في هذه الأجواء من أشكال العمل والاقتصاد غير الرسمي، وأشكال العزلة الانسانية واعتبار ذلك من أثار الاقتتال أو الحداثة المزيفة، يرجع الصوماليون إلى ما يحقق تماسكهم التاريخي والأيديولوجي من جهة، وإلى ما تحتكم إليه ضرورات العلاقات الاجتماعية والأحوال الشخصية من جهة أخرى، ومن هنا كان النزوع إلى"التعبير الإسلامي"في مواجهة هجمات الوجود الأوروبي الكثيف وتهديد الخضوع لعدو تاريخي مثل أثيوبيا من جهة، بل وكراهية أصيلة للغازي الأجنبي في تاريخهم من بريطانيا حتى أميركا وإسرائيل من جهة أخرى. وكانت مدارس التعليم الديني وانتشار الفقهاء التقليديين"الشافعية"بوسطيتها المعروفة بل وانتشار الفرق الصوفية مجالا لترسيخ تدين قديم أصلاً، وبزغ هذا المركب في ما عرف بالمحاكم الشرعية، لصلة ذلك - أكثر من غيره - بتنظيم الحياة الاجتماعية التي تفتقد مظلة الدولة أو المجتمع السياسي أو المدني، في فترة كان الدعم السوداني في ظل المشروع الحضاري مصدر تنمية لهذا الاتجاه في ما عرف بدعم الاتحاد الاسلامي، وحين سلم النظام السوداني بالأمر الواقع، بل وسلم ملفات"المتطرفين"عموماً في أي موقع للصديق الأميركي، استمر الصوماليون في منحاهم الديني وعبر المدارس الدينية التي تجد بطبيعتها الدعم الوافر من هيئات عربية واسلامية كثيرة, ظلت تعزز وجود المحاكم الشرعية خلافاً لمظلة الاتحاد الاسلامي، ولن نستطيع أن نقطع هنا - إذاً - أننا أمام حركة اسلام سياسي أو حتى حركة جهادية عميقة أو متطرفة، وإنما نحن أمام حركة اجتماعية ذات طابع شعبوي أظن أنه سيبقيها عاجزة عن تقديم مشروع دولة أو مشروع اجتماعي اقتصادي قابل للحياة في أجواء الصراع السياسي الذي يمر به الشعب الصومالي حالياً ما لم تتقدم نخب حديثة - يتوافر بعضها فعلاً في الصومال الآن - لطرح مشروع توافقي أو تحالفي جديد ،لذلك أدهشني الحديث بسذاجة أو بخبث عن صراع العلمانية مع السلفية في الوضع المؤسف الراهن. عودة الحكومة من المنفى! وإذا كانت المحاكم الاسلامية تمتلك أداة النفاذ والاستقرار هذه فكيف تفجر الموقف بين القوى الاخرى لتلتقطه قوى النفوذ الخارجية على هذا النحو؟ لم تعد الطبقة التجارية السائدة في حاجة الى مثل هذا التحالف مع"جنرالات الحرب"بعد أن أصبحوا أداة عدم استقرار لنفوذ قبيلة مثل الهوية يشكل أبناؤها النسبة الأكبر من سكان مقديشو، بل إنهم يتحولون إلى مهاجمين كالمرتزقة على مواقع الحياة الاقتصادية اليومية، أو محاولة انفرادهم بتملك قطاعات مثل الارض أو الخدمات... الخ، وقد أدى ذلك من قبل الى مزيد من التفتت العشائري المستعين بهؤلاء الأمراء في وقت يشتد فيه ميل الاقتصاد للتوحيد. ومن هنا بات الصراع داخل العشائر أكثر منه بين العشائر أو الفصائل ولكن الأثر السياسي والأمني الأكثر يكمن في عدم قدرة امراء الحرب على ممارسة السياسة بل والانحراف بالوزن السياسي للعشائر الكبرى التي تبحث عن النفاذ إلى الدولة وليس مجرد الاقتتال عن طريق هؤلاء الأمراء، وبدا ذلك في انهيار الوزن السياسي فعلا لتنظيمات العشائر شبه الحزبية مثل" الحركة الوطنية" للاسحاقيين أو الجبهة الديموقراطية الصومالية للمجرتين أو المؤتمر المتحد الأبجال والهيرجيدير أو الحركة الأهلية داروط بسبب سوء تمثيل أمراء الحرب لها مثل عيديد وياتو وغيرهم، واكتمل ضعف وجود هؤلاء الأمراء بظهور"نظام شركات الأمن"الذي ينتشر حديثاً في الصومال بل ومعظم"النظم القلقة"، ففضلاً عن أدوارها الوظيفية المباشرة فإنها باتت تستقطب شباب الفصائل العشائرية كأفراد، ويستخدمها التجار وأصحاب المصالح الرأسمالية الكبرى في الصومال بشكل أفضل من استخدامهم السابق لأمراء الحرب لحماية هذه المصالح، ولا شك في أن هذه التركيبة مجتمعة حاولت الوصول الى صيغة تستعيد بها هيكل الدولة أو تستعيدها من"المنفى الذاتي"في نيروبي او"بيدوا". ولكن مشروع الحكومة القائم على اكتاف سياسيين عشائريين او بمشاركة أمراء حرب محترفين لم يستطع بعد تشكل الحكومة و البرلمان اواخر 2004 في نيروبي ان يعود بها الى مقديشو وانما اكتفى بعودة لا معنى لها إلى"بيدوا"وپ"جوهر"بقدر رغبة رئيس الجمهورية أو الحكومة طلباً للأمان وسط أهليهم. الاختراق من الخارج الإطار الخارجي للأزمة لا يبشر بوصول الصوماليين إلى هيكل دولة في وقت قريب، لا دينية ولا علمانية، وإنما هو استمرار للدولة"الفاشلة"حيث تواصل الولاياتالمتحدة دعمها لأمراء الحرب منذ جددت الاتصال بهم بعد أحداث أيلول سبتمبر 2001 وأقامت قاعدة استخبارات لها في بيدوا على وجه الخصوص منذ عام 2003 لتنظيم البحث عن"إسلاميين"إرهابيين، قدمت قائمة بهم واستلموا عدداً منهم بالفعل وفق المصادر الاعلامية التي أعلنت ذلك أكثر من مرة، ولعل الولاياتالمتحدة قد أدركت خلال حوالي خمس سنوات أن لا حركة اسلامية أصولية منظمة في الصومال بالمعنى الذي يوجد به"الإسلام السياسي"في عدد آخر من الدول الصديقة أو العدوة لها، ومن ثم فإن لا مشروع لقيام دولة"طالبان"كما تردد بعض المصادر الأميركية من باب تغذية الحملة الإعلامية الأخيرة على الإرهاب. ومن هنا اضطرت المصادر الاميركية أخيراً أن تقول إنهم يواجهون الإرهاب"أفراداً وجماعات"، حيث تعطي لهم هذه الصيغة حق المتابعة وپ"التدخل العسكري"من دون"سبب سياسي"واضح مثل ضرورة ملاحقة تنظيم معروف، وإنما يمكن أن يوضع الصومال على قائمة منع قيام أي نظام يخلق أجواء معادية للولايات المتحدة وخصوصاً باسم الاسلام، وهذه حالة الصومالوالصوماليين تجاه الأجنبي. واللافت أن تقرن الولاياتالمتحدة هذا التوجه بالعمل شبه منفردة فيما قد يكون متوقعاً أن يكون جماعياً من طريق مؤسسات الشرعية الدولية، لكن مجموعة العمل الأخيرة ضمت دولاً ذات معنى خاص للولايات المتحدة نفسها بريطانيا - إيطاليا - السويد - تنزانيا ... بعيداً من دول ذات معني مثل كينيا أو اليمن، مع أن الأولى تستضيف اجتماعاً"للإيجاد""للنصح بالتدخل"والثانية أعلنت عن مبادرة قبلتها الأطراف المتنازعة للتصالح على رغم ان الحديث عن طائرات لها تحمل السلاح إلى بيدوا بما قد يكون يمنياً أو أثيوبياً لحماية حكومة تستصدر قراراً برلمانيا بطلب التدخل. والولاياتالمتحدة في مثل هذا الموقف تمارس استراتيجية خاصة بها عن عولمة قرارها وقيادة تنفيذه. وتوفر لها ظروف"الفوضي البناءة"في الصومال سواء كانت تلقائية أو من صناعتها ظروفاً ملائمة لهذا التدخل المنفرد او بشراكة رمزية. ويطرح هذا الموقف تساؤلاً عن مدى تذكر الولاياتالمتحدة ظروف خروجها عام 1993 من الصومال بعد تمرد الصوماليين على وجودها على رأس قوات دولية بلغت ثلاثين ألف جندي جرى سحل الجنود الأميركيين بينهم في شوارع مقديشو، ولذا نص قرار الأممالمتحدة 954 لعام 1994 على"أن تحقق سلام مقبول في الصومال لا يأتي إلا من طريق الصوماليين"وذكر أمين عام الأممالمتحدة"أن الجماعة الدولية لا يمكن أن تفرض السلام"، بل ودعا القرار إلى"تعاون الدول الاعضاء ومنظمة الوحدة الافريقية والجامعة العربية والمؤتمر الاسلامي مع الاممالمتحدة". ويبدو أن استراتيجية" الاقتحام الوقائي"بعد أحداث أيلول أنستها الوقائع والأطراف المذكورة السابقة جميعاً، لأنها تركز الآن على دفع دور الأصدقاء مثل اليمن سلمياً وأثيوبيا هجومياً، وليس للصديقين تجربة مواجهه نشاط"عدواني"سابق من جانب الاسلاميين في الصومال مع أقرانهم في اليمن أو أثيوبيا. وإذا كانت اليمن ستمضي وفق أسلوبها في الشد والمد لتحقيق صيغة تصالحية، فإن أثيوبيا قد تنتهز الفرصة لكبح مطامح الشعور القومي الديني للصوماليين تجاه إخوانهم في شرق أثيوبيا ما قد تثيره المحاكم الاسلامية بعد فشل دور أمراء الحرب كما أنها تريد أن تكبح"إريتريا"المتمردة والقابعة على الحدود المشتركة، والتي يبدو أنها تغتنم فرصة القلق الاثيوبي لتتعاون مع إسلاميي الصومال على رغم سابق عدم مودتها للإسلاميين عموماً في المنطقة لخوف سابق من النفوذ السوداني وغيره وإذ بها تخيف بهم الآن أثيوبيا والولاياتالمتحدة نفسها. مشهد"دارفوري" نحن إذاً في مشهد صومالي قريب من المشهد الدارفوري بمعنى أن على رغم إمكان توفير ظروف تهدئة تعيد الى هذه الدولة أو تلك فرصة العمل في إطار الوحدة الوطنية بوعي ذاتي أو بالضغط الشعبي الداخلي، فإن"المجتمع الدولي"بقيادة الولاياتالمتحدة لا يرى إلا التدخل وبسرعة عبر آلية التدخل بالقوة العسكرية الباب السابع للسودان أو قرارات"مجموعة العمل في الصومال". ولا أظن أن ذلك لمجرد استعراض الرئيس جورج بوش لقوته في موجة انتخابية، ولكن الأمر لا بد من أن يكون وفق استراتيجية تريد تأمين الشريط الأفريقي من الساحل الافريقي الشرقي إلى سواحل الصحراء الغربية، في حركة التفاف على مشاكلها في المشرق العربي ووسط آسيا. وأظن أن الوجود الكثيف للقوات الأميركية وغيرها في جيبوتي وسواحل أفريقيا الشرقية والمحيط الهندي، يعتبر الآن خلفية للوجود المماثل الذي يجرى بناؤه من دارفور حتى موريتانيا في غرب القارة. وليست مصادفة أن تصبح الدول العربية هي التي تعاني مأزق معايشة هذا المخطط في القرن الأفريقي والصحراء الغربية وجنوب المتوسط على السواء، وهي معزولة بالقوة من دون أن تساهم ملتقياتها الثقافية أو نظمها الإقليمية في تدارك الموقف متناسية ما جرى لها جراء هذا الصمت في المشرق العربي والخليج. * مدير مركز البحوث العربية والافريقية في القاهرة.