تابعت الصدام المتسع بين المفتي والمثقفين الذين رأوا في فتواه عن التماثيل اعتداء على حرية الإبداع، وتضييقاً يقترن بالتشدد والرجوع إلى الوراء، كما رأى فريق ثان في الفتوى خللاً في القياس، وإيثاراً للتحريم على الإباحة، وتجاهلاً للسياقات التاريخية ومتغيراتها. ورأى فريق أخير في الفتوى انقطاعاً عن الميراث العقلاني الذي راده الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية 1849 - 1905 الذي عرف بتسامحه الديني من ناحية، وسعة أفقه الاعتقادي من ناحية ثانية، وحرص على عدم تناقض الدين والعلم والمدنية من ناحية أخيرة. ولذلك ترك كتابه"الإسلام دين العلم والمدنية"وناقش متغيرات العلم بعقل مفتوح لا يتناقض وجوهر الإسلام السمح الذي انطوى عليه، وكتب عن الفنون الجميلة وعن التماثيل بصفتها ميراثاً عظيماً للإنسانية لا بد من احترامه وتقديره، والكشف عن القيم الروحية التي ينطوي عليها. وقد مضى في طريق الإمام محمد عبده عدد غير قليل من الذين آثروا العقل على النقل، وتأولوا النقل في ضوء متغيرات العصر ومستجداته من المصالح المرسلة. ولذلك ثار الكثير من المثقفين على فتوى المفتي، واستمر الجدل الذي ملأ الصحف المصرية، وأصبحت الفتوى الصادمة مثاراً للغضب عند البعض، وللسخرية عند البعض الثاني، وللرفض الصريح عند البعض الأخير. ولم يفلح في تهدئة الغاضبين، أو إيقاف سخرية الساخرين، أو إقناع الرافضين ما حاول المفتي أن يقدمه من تبريرات تنطوي على احترازات أو استثناءات، منها أن التحريم يقع على التماثيل الكاملة وليس على النصفية، ويستبعد ما يدخل في باب اللهو البريء للأطفال وليس الأعمال الإبداعية للمبدعين الكبار. وكان واضحاً أن التبريرات لم تقنع الغاضبين أو الساخرين أو الرافضين. واستمر الخلاف الذي كشف عن تزايد هوة الصدع ما بين المؤسسة الدينية الرسمية التي ينتسب إليها المفتي وأكثرية المبدعين والمثقفين الذين يسعون إلى توسيع دوائر الحرية، ابتداء من المجال السياسي والاجتماعي، وانتهاء بالمجال الفكري والديني والإبداعي. وكان واضحاً للمراقبين والمهتمين بتحليل الخطاب الثقافي - من أمثالي - أن الفتوى نكأت جراحاً لم تبرأ بعد، وأهاجت احتقاناً قديماً بين المؤسسة الدينية الرسمية، وما يوازيها من مجموعات التطرف الديني، وجماعات المثقفين والمبدعين ومؤسساتهم الرسمية وغير الرسمية من ناحية مقابلة. ولقد هممت أن أكتب عن الفتوى فور صدورها، ولكنني تعمدت التروي. أولاً: لكي أرقب المشهد كله بتعقد تفاصيله، وتنافر اتجاهاته، داخل سياقه الذي تنتسب إليه الفتوى نفسها. وثانياً: لأنني رأيت أن كبار المثقفين في مصر نهضوا بعبء الرد المباشر والفوري على المفتي. وثالثاً: لأنني لا أزال مؤمناً بأن المناقشة الهادئة هي التي تأتى بعد انقشاع غبار الاختلاف، وردود الأفعال التلقائية التي لا تخلو من عنف اللغة أو عنف الاستجابة. ورابعاً: لأن التباعد عن موضوع التحليل يتيح رؤيته في تمام تفاصيله وعلاقاته السياقية. وقد تعلمنا، في النقد الأدبي، منذ أرسطو، أنه لا بد من مسافة كافية تباعد ما بين الذات المدركة وموضوعها الإدراكي، بما لا يجعلها تغرق في التفاصيل، في مدى شدة القرب فتحسب الجزء كلاً، أو تسرف في البعد فلا ترى الجزء أو الكل. وهو المعنى الذي أشار إليه الشاعر القديم عندما قال:"سأطلبُ بُعْدَ الدار عنكم لتقربوا". وصاغه صلاح عبدالصبور بقوله:"أجافيكم لأعرفكم". وفي تقديري أن فتوى المفتي لا تعبّر عنه من حيث هو فرد متعين، يشبه في ذلك الآلاف غيره من علماء المسلمين الذين يجتهدون في فهم دينهم، وإنما هو فرد بصيغة الجمع. أعني ممثلاً لمؤسسة دينية، ونائباً عنها في مجال الفتوى، وفتواه - من هذا المنظور - تصدر عن"ذات مجاوزة للفرد"وتستدعى ما تنتسب إليه، أو يتوافق معها، من تيارات يمكن اختزالها في تيارين أساسيين، لا تخلو العلاقة بينهما من تضاد وصراع. وهما تياران موجودان في الحياة الفكرية والاعتقادية في الثقافة العربية عموماً، والمؤسسة الدينية الرسمية أو غير الرسمية في مصر خصوصاً، سواء من حيث هي بعض الثقافة المحيطة التي تتبادل وإياها التأثُّر والتأثير، أو من حيث هي استجابة لمتغيرات فاعلة، ومجموعات ضغط قوية، تُسهم في توجيهها وتضييق أو توسيع مداراتها. أما التيار الأول فينطوي على اتجاه ماضوي، اتباعي، حَرْفي في الالتزام بالنص، غير مؤمن بجدوى التأويل الذي يوائم بين الثوابت والمتغيرات بما يؤكد معنى اليسر لا العسر، ومواكبة العصر في تجدده وتدافع تحدياته. ويتميز التيار الثاني النقيض بتوجهه العقلاني الذي لا يتقوقع في المدار المغلق للقياس على الماضي في كل الأحوال، بل يبدأ من تأويل الماضي بما يدعم الاتجاهات الإيجابية في الحاضر الصاعد نحو المستقبل، ويقيس على وعود المستقبل حركة الحاضر في علاقته التأويلية بنصوص الماضي. والعلاقة بين هذين التيارين ليست علاقة مقطوعة أو عدائية في كل الأحوال، فهناك، دائماً مناطق للتماس، والتداخل، تسمح بانتقال بعض من ينتسب إلى التيار الأول إلى التيار الثاني، في بعض المواقف، والعكس صحيح بالقدر نفسه، وبحسب شروط أو إمكانات الحوار المجتمعي والثقافي التي إذا اتسعت، وامتد اتساعها، اتسعت نقاط التماس والتداخل، وإذا تقلصت، أو انعدمت، تقلصت أو انعدمت مناطق التماس والتداخل. وللأسف، فإن التيار الغالب على المؤسسة الدينية الرسمية هو التيار الماضوي الذي يغلب عليه الاتباع لا الابتداع، والذي يستريب في الاجتهاد والمغايرة، بينما لا يزال التيار العقلاني مهمشاً، مقموعاً في غير حال. صحيح أن رجالاً من أمثال محمد عبده وتلامذته والمنتسبين إلى عقلانيته الدينية ظلوا، ولا يزالون، يعملون على توسيع دوائر الاجتهاد والاختلاف، ولكنهم كانوا يصطدمون، ولا يزالون، بالجامدين الحرفيين من رجال الدين لا يزالون يناصبون المختلفين العداء، ولنتذكر - في هذا السياق - ما عاناه الإمام محمد عبده وما شكا منه مر الشكوى من جمود الجامدين وتعصب المتعصبين في المؤسسة الدينية التي سعى إلى إضاءتها بأنوار العقل ولوامع الاجتهاد. وما عاناه الإمام محمد عبده، في مطلع القرن العشرين، كان بداية سلسلة معاناة المجددين التي لم تتوقف، فبعد وفاة الإمام بأقل من ربع قرن - عشرون عاماً على وجه التحديد - هاجت المؤسسة الدينية، ولم تهدأ إلا بعد أن سحبت شهادة العالمية من الشيخ علي عبدالرازق عندما أصدر كتابه"الإسلام وأصول الحكم". وترتب على سحب الشهادة طرد الرجل من وظيفته القضائية في مدينة المنصورة، إن لم تخني الذاكرة، وبعد ذلك بربع قرن تقريباً، قامت عاصفة مشابهة على فتوى اجتهد فيها الشيخ بخيت في مسألة الصوم، وكثرت دعاوى تكفيره لخروجه على"المعلوم الثابت من أمور الدين". وقد كتب طه حسين مقالين في جريدة"الجمهورية"المصرية، هما وثيقتان مضيئتان في ذاتهما، بعنوان"حق الخطأ". وقبل أن ينتهي القرن الماضي هبَّت عاصفة غاضبة على عبدالصبور شاهين عندما أصدر كتابه"أبى آدم"الذي اجتهد فيه اجتهاداً مغايراً للمتعارف عليه، فناله من الاتهام ما سبق أن كاله هو لنصر حامد أبو زيد. ولولا رجال من ورثة التقاليد العقلانية، قاوموا، ولا يزالون، يقاومون ما سماه محمد عبده"جمود المشايخ وغفلتهم"لاختفت أصوات الاجتهاد في المؤسسة الدينية الرسمية على نحو مطلق، ولم تتح لنا الفرصة للاستماع إلى الأصوات المتعقلة المنفتحة لأمثال الدكتور محمود زقزوق والدكتور أحمد الطيب والدكتور عبدالمعطي بيومي وغيرهم من أشباههم. وقد زاد من عنف التيار النقلي الاتِّباعي الماضوي في المؤسسة الدينية أمران أسهما في الإضافة إلى جموده. أما الأمر الأول فهو سياسي يرتبط بغياب الحوار بين قوى المجتمع وطوائفه، وتقليص مساحات الحرية السياسية التي تقبل الاختلاف، والعداء للآخر المختلف أو المغاير. وهو أمر يُسقط حضوره على الفكر عموماً، والفكر الديني خصوصاً، فتتقلص المساحات الممكنة من حرية الاجتهاد والاختلاف والمغايرة، حيث يصبح الإجماع هو القاعدة، وتقترن صحة الدين بوجود"فرقة ناجية"تحتكر الحقيقة الدينية، وتذود عنها أصحاب الفرق المبتدعة الضالة. ولا ينفصل الأمر الأول عن الثاني الذي يبدو نتيجة له. أعني تصاعد تيارات التطرف الديني التي اقترنت بالإرهاب منذ السبعينات، مقترنة بتصاعد العنف الذي لم يكد ينجو منه قطر عربي، والذي أدّى إلى كارثة أفغانستان مع ظهور"طالبان"ثم"القاعدة"التي أسهمت - أكثر من غيرها - في عولمة الإرهاب الديني الذي امتد كالخلايا السرطانية ليشمل قارات العالم. وكما أسقط الاستبداد السياسي لوازمه الفكرية على المؤسسة الدينية، في مدى التضييق على حرية الرأي ومعاداة حق الاختلاف، انتقلت عدوى التطرف الديني من مجموعات الإسلام السياسي إلى المؤسسة الدينية التي بدت - في بعض الأحيان - كما لو كانت تزايد على أخوتها الأعداء في التمسك بما تراه صحيح الدين، وقمع المخالف أو المختلف عنها في الاجتهاد. وأتصور أن تفاعل هذين الأمرين معاً أدى إلى ازدياد نزعة المحافظة الاجتماعية من ناحية، وتصاعد ما سبق أن سميته نزعة"التديين"من ناحية موازية، وهي النزعة التي تُسرف في إقحام الدين في كل شيء، متجاهلة أننا أدرى بشؤون دنيانا، وأننا مأمورون بأن نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبداً، ونعمل لآخرتنا كأننا نموت غداً. ولا تفارق الظواهر الاجتماعية التي تلازم العنف والجمود الظواهر الجمالية التي تقترن بانحدار الأذواق وشيوع صور القبح وعاداته في حياتنا، وتطبيع هذه الصور والعادات بما جعل منها أصلاً يُقاس عليه. ولا ينفصل هذا التفاعل - في التحليل الأخير - عن انحدار مستوى التعليم، وغلبة النقل عليه في المدارس المدنية بعامة، والمعاهد الدينية بخاصة، حيث يشيع التلقين والاتِّباع بصفتهما الأصل الذي لا يجوز الخروج عليه. ولذلك لا تزال المؤسسة الدينية الإسلامية والمعاصرة، في مصر، مؤمنة بالتراتب المذهبي الذي يجعلها منتسبة إلى أعلى الهرم الذي تحتله مذاهب السنّة عموماً، أو السلفية خصوصاً، بينما تتوزع بقية المذاهب والفرق على الدرجات الأدنى من سلّم القيمة المعرفية، لا تفارقها في مدى التراتب الذي لا يخلو من العنف أو القمع الذي تغلغلت آثاره في بناء المؤسسة الدينية، وذلك بما يرد الجزء على الكل، أو يجعل الصفات المهيمنة على الكل مؤدية إلى الجزء الذي تتكثف فيه هذه الصفات. ودليل ذلك الوجود الفاعل لما يسمى"جبهة علماء الأزهر"التي بدأت بصفتها جمعية خيرية أنشئت سنة 1946، وأخذت على عاتقها مناهضة البدع والأهواء ودسائس الإلحاد. وكان أول إسهامها في الحياة الثقافية، الموقف المضاد الذي اتخذته من المرحوم محمد أحمد خلف الله، صاحب رسالة"القصص الفني في القرآن"سنة 1947، وتأجيجها نار الاتهام بالكفر الذي أدى بالجامعة إلى إلغاء مناقشة الرسالة، والرسالة نفسها، وفصل الرجل، أو نقله إلى وزارة المعارف، وعدم السماح له بالعودة إلى الجامعة التي كان معيداً فيها، إلا بعد أن تخلى عن أطروحته لدرجة الدكتوراه واستبدل موضوعاً علمياً آمناً بالبحث المحاط بالمتفجرات الموقوتة في قضية القصص الفني في القرآن. ولم تتخل الجمعية عن خطها الجذري حتى بعد إشهارها برقم 565 لسنة 1967، وتصاعدت مواقفها الحدِّية في زمن السادات، وفي سياق التحالف بينه والإخوان المسلمين، ومباهاته بأنه"الرئيس المؤمن"الذي يبني دولة"العلم والإيمان"، وغير ذلك من الشعارات المعروفة، فتزايد نفوذ الجماعات الدينية غير الرسمية الموازية للمؤسسة الدينية الرسمية، وواصلت ضغطها على الأخيرة بما زادها جموداً في المواقف، وذلك في السياق الذي عارضت فيه الجبهة"المؤتمر الدولي للسكان والتنمية"الذي عُقد في القاهرة، وحاربت بضراوة قرار وزير التعليم الأسبق، حسين كامل بهاء الدين، منع ارتداء طالبات المدارس النقاب، وأسهمت في زيادة وطأة العاصفة التي هبّت بسبب كتب نصر حامد أبو زيد ومحاولته دراسة الخطاب الديني الذي هو خطاب بشرى ونقده. وقاومت الجبهة محاولة وزير الأوقاف المستنير، محمود زقزوق، منع المتطرفين من السيطرة على دور العبادة. وأصدرت بياناً بتكفير كتب حسن حنفي، معترضة بشدة على دعوة عميد كلية أصول الدين له، في آذار مارس 1997، إلى الإسهام في ندوة أقامتها الكلية عن شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت الذي عرف بعدد من اجتهاداته التي خالف فيها العناصر الأكثر محافظة في الأزهر. وكان الاعتراض قائماً على أن حسن حنفي ينتمى إلى العلمانيين من دعاة التنوير الذين يسيئون إلى الله وإلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإلى القرآن. وتصل لغة العنف إلى مداها في تكفير حسن حنفي الذي وُصِفَ بأنه"أنكر كتاب الله، وجحد محكمه... في مؤلفاته"، وتقترن هذه اللغة بالتحريض على جامعة القاهرة التي سمحت لأمثال حسن حنفي بالتدريس فيها، وإفساد مفاهيم الدين في عقول طلابها، فأخرجت منهم"أمثال المرتد نصر أبو زيد". وقد سبق لي تحليل بيان الجبهة في تكفير حسن حنفي، في مقالات نشرتها"الحياة"ما بين 23 - حزيران/ يونيو و14- تموز/ يوليو 1997. وما يعنيني - في هذا السياق - أن ما أصدرته هذه الجبهة من بيانات عن محمد أحمد خلف الله وعن نصر أبو زيد وعن حسن حنفي لا يُفارق الصعود المتزايد لتيارات التطرف الديني في المجتمع عموماً، وفي المؤسسة الدينية خصوصاً. وهو صعود وجد أصداءه الموازية في تزايد الموقف المتشدد في"مجمع البحوث الإسلامية"الذي لا يزال معروفاً بنزعاته المعادية لحرية الفكر والإبداع، والذي لم يتخل عن لغة الاتِّهام والتكفير التي لم يكد ينجُ منها أحد، حتى من بين الذين روَّجوا لنزعة تكفير الخصوم، كما في حال عبدالصبور شاهين. وعلى من يريد تفاصيل المواقف المتتابعة لمجمع البحوث الإسلامية في عدائها لحرية الفكر والإبداع، مراجعة الفصل السابع من الكتاب التحليلي والوثائقي البالغ الأهمية"المقصلة والتنور: حرية التعبير في مصر، 2002- 2003 المشكلات والحلول"الذي أسهم فيه فريق من الباحثين برئاسة نجاد البرعي، ففيه من التفاصيل والوقائع ما يؤكد تصاعد الدور المعادي لحرية الفكر والإبداع الذي تقوم به المؤسسة الدينية الرسمية، في موازاة مجموعات التطرف الديني في مصر على وجه الخصوص، وفي غيرها من الأقطار العربية على وجه العموم. وهو الدور الذي كان عاملاً مهماً من عوامل تدهور مكانة مصر الثقافية التي لم تعد تحتمل مؤسستها الدينية رجال فتوى من أمثال الإمام محمد عبده ومقاومتها المعلنة والمضمرة للعقول المجتهدة فيها. والنتيجة هي الاحتقان الذي يتزايد في نفوس المثقفين والمبدعين الذين يقدسون حرية فكرهم وإبداعهم، لكثرة تدخل مجمع البحوث الإسلامية في إبداعاتهم، والميل المسبق إلى تحريمها لا إباحتها، وهو احتقان يزداد قوة مع تكرار المصادرة، وتكرار الحجر على العقول المبدعة التي لم تكف عن مقاومة جمود المؤسسة الدينية، ولا تزال تؤمن بأن ثقافة التقدم الأصيلة هي"ثقافة بلا ضفاف"- إذا جاز أن نستعير من عنوان كتاب روجيه غارودي الشهير"واقعية بلا ضفاف"الذي كان في زمنه صرخة احتجاج وتمرد على الأصولية العقائدية للماركسية.