درجت العادة على رؤية فتيات يتحلّقن حول امرأة، ينظرن إليها ويتلقّفن كل كلمة تقولها، فكأنّها تملك أسرار الكون وتدرك الماضي والحاضر والمستقبل... الحكاية بسيطة، إنها تقرأ الطالع! إلاّ أن هذه المهنة أصبحت شائعة أكثر من قبل في العراق، والسبب حسب الباحث الاجتماعي زهير محسن يعود إلى الواقع الاجتماعي والنفسي الذي يعاني منه العراقيون. بالطبع تعود هذه المهنة إلى التاريخ القديم، مروراً بحضارات بلاد الرافدين ووادي النيل. كما نجدها عند البابليين والرومان واليونان والعرب. لكن ما الذي يدفع الناس، من مختلف الأعمار، إلى ذلك؟ زينب الطالبة 20 سنة وزميلاتها يزرن عند كل امتحان قارئة الطالع،"نحاول أن نعرف ما سيجري لاننا نخاف من الامتحانات". لكن هذه الاستشارة لا تتوقف عند الامتحانات، إذ تقول زينب بخجل:"نزورها احياناً لنعرف مدى صدق الطرف الآخر الشاب وحسن نياته تجاهنا". الامتحان والزواج! أما هيثم الذي يملك محلاً لبيع الأدوات الكهربائية فيقول:"اعتدت ان تأخذ والدتي لي"الخيرة"لاني اخاف الحسد والمنافسة من أقراني في المهنة". ويضيف:"لا ألجأ إلى قارئة الفأل لأني لا أؤمن بما تقول، على رغم لجوء الكثير من اصدقائي إليها. حتى أني أراهم أحياناً مسرورين بسبب فعالية النتائج التي يقطفونها من خلال توصياتها". ويستطرد ساخراً:"لم يعد الأمر مقروناً بالنساء بل أصبح الرجال أيضاً مهووسين بقراءة الطالع". غير أن ام زيد التي اعتادت أن تقصد قارئة الطالع القريبة من دارها، فتقول ان لها ثلاث بنات في سن الزواج"وأود تزويجهن وأذهب أحياناً إليها لأسالها عن نصيبهن". وتضيف:"أخاف على بناتي من العنوسة، قصدت الشيوخ لفك السحر عنهن من دون فائدة، وهذا ما دفعني الى العرافة واتمنى ان اجد عندها الحل". ألا أن سجى الموظفة تعترض على هذا كله، مؤكدة ان اكثر ما يؤلمها هو أن ترى مجموعة من زميلاتها في العمل وهمهن الوحيد الذهاب إلى قارئة الطالع، على رغم ما يحملن من شهادات علمية. وتقول معلّقة على هذه الحال:"اجدهن فارغات"وتستطرد:"ما ان يأتين إلى العمل حتى تبدأ عملية اعداد القهوة املاً في ان تقرأ لهن زميلة الفنجان. يرغبن بالزواج بأي ثمن".