اجتذبت الدول النامية نصف تريليون دولار من الاستثمارات الدولية والبينية السنة الماضية مسجلة رقماً قياسياً، بحسب"تقرير تمويل التنمية الدولية 2006"الصادر مساء أمس عن البنك الدولي. وفسّر محللون شاركوا في إعداد التقرير"طفرة التدفقات المالية الخاصة"بسرعة التوسع الاقتصادي، وتجدد نشاط التخصيص، وصفقات الدمج والتملك، وإعادة تمويل الديون الخارجية وإعادة هيكلتها، مشيرين إلى أن العامل الأهم جاء من إقبال الاستثمار الدولي بحماسة شديدة على تملك السندات المقومة بالعملات المحلية للاستفادة من فروق العائد الاستثماري. ولم تشكل تدفقات الاستثمارات الدولية الى الدول النامية سوى 188 بليون دولار في 1999. وأكد كبير الاقتصاديين في البنك الدولي فرانسوا بورغينيون أن تزايد التدفقات المالية الخاصة إلى الدول النامية، على رغم التخوف من آثار اقتصادية سلبية محتملة لارتفاع أسعار النفط ومستويات الفائدة وتفاقم مشكلة اختلال موازين المدفوعات العالمية،"يعكس ثقة الاستثمار الدولي في الآفاق الاقتصادية لهذه البلدان"، مبرزاً في المقابل"التحديات الصعبة"التي يفرضها اندماج أسواق المال العالمية على حكومات الدول النامية والصناعية على حد سواء لانتهاج سياسات محفزة للنمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار المالي. 192 بليون دولار في سندات الدول النامية ومن التدفقات المالية الإجمالية ضخ الاستثمار الدولي 192 بليون دولار في سندات الدول النامية في عام 2005، مقارنة بپ85 بليون دولار في عام 2003. وعزا تقرير"تمويل التنمية العالمية 2006"أسباب هذه القفزة الكبرى في الإقبال على السندات النامية إلى توافر السيولة بكثافة على الصعيد العالمي والتحسن المطرد في التصانيف الائتمانية للدول النامية وانخفاض العائد الاستثماري في الدول الصناعية. ولاحظ التقرير أن السندات استفادت من قوة الأداء الاقتصادي للدول النامية، التي بلغ متوسط نسب نمو ناتجها المحلي السنة الماضية 6.4 في المئة. وباستثناء الصين والهند حيث بلغت نسبتا النمو 9.9 وثمانية في المئة على التوالي، تراجع متوسط النمو في الدول النامية الأخرى المستوردة للنفط إلى 4.3 في المئة، من 5.7 في المئة في عام 2004، لكنه بقي أعلى من متوسط النمو في الدول الصناعية 2.8 في المئة ويتوقع أن يحتفظ بتفوقه في السنتين المقبلتين. وقال مسؤول الاتجاهات الاقتصادية في البنك الدولي هانز تيمر:"ستقيّد أسعار النفط العالية، وأسعار الفائدة المتجهة إلى الارتفاع، والضغوط التضخمية المتزايدة، حركة النمو في معظم الدول النامية في السنتين المقبلتين. بيد أن الأداء الاقتصادي لهذه الدول سيستمر يضاهي الاقتصادات المرتفعة الدخل". وبحسب توقعات التقرير الجديد حتى عام 2008، ينتظر أن يتجاوز متوسط نسب النمو خمسة في المئة في أفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية، وأن يحاذي أربعة في المئة في أميركا الجنوبية. التجارة البينية وأوضح كبير معدي التقرير منصور ديلمي أن طفرة التدفقات المالية عكست كذلك تسارع حركة التبادل التجاري والاندماج المالي بين الدول النامية، مشيراً إلى أن حجم التجارة البينية ارتفع إلى 562 بليون دولار و26 في المئة من القيمة الإجمالية لتجارة هذه الدول في عام 2004، مقارنة بپ222 بليون دولار في عام 1995. كما ارتفع حجم الاستثمارات المباشرة البينية إلى 47 بليون دولار و37 في المئة من الاستثمارات المباشرة التي تلقتها الدول النامية من المصادر العالمية في 2003، مقابل 14 بليون دولار فقط في 1995. ولاحظ ديلمي أن الاستثمارات المباشرة في المبادلات التجارية البينية ما زالت تشكل حصة صغيرة نسبياً من التدفقات المالية الخاصة وتجارة الدول النامية، لكنها قادرة على تغيير خريطة مصادر تمويل التنمية، خصوصاً في حال استمرت الاقتصادات النامية في تحقيق معدلات نمو أكبر من الدول المتقدمة. ولفت إلى أن القسم الأعظم من الاستثمارات المباشرة البينية يتدفق من الدول النامية المتوسطة الدخل إلى دول الجوار، باستثناء الصين التي توظف نصف استثماراتها المباشرة في مشاريع المصادر الطبيعية في أميركا الجنوبية. الفجوة الائتمانية إلا أن التقرير أكد أن"الفجوة الائتمانية"التي تفتح أبواب التدفقات المالية أمام بعض الدول النامية وتغلقها أمام البعض الآخر ما زالت قائمة، مشيراً إلى أن مجموعة صغيرة لكن مؤثرة تضم"النجوم"مثل الصين وتشيلي وهنغاريا وماليزيا والمكسيك وبولندا وروسيا وتايلاند التي تتمتع بميزات استثمارية قوية مكنتها من إصدار السندات في شكل منظم منذ عام 2002 بينما لا يتاح للآخرين سوى مصادر تمويل محدودة تنحصر في القروض المصرفية القصيرة الأجل للدول ذات المداخيل المؤكدة، وفي المساعدات الإنمائية الرسمية للدول الأكثر فقراً. ونبه مدير مجموعة الآفاق الاقتصادية في البنك الدولي يوري دادوش الدول النامية الى أهمية الحذر، لافتاً إلى أن الأداء الاقتصادي القوي الذي حققته السنة الماضية ودعمته بانتهاج سياسات"جيدة"ارتكز أيضاً على أوضاع خارجية مؤاتية لكن يتوقع أن تضعف في الفترة المقبلة. وقال:"استنفدت دول نامية كثيرة الفوائض الأخرى التي مكنتها من امتصاص صدمة أسعار النفط، وحققت في الوقت نفسه نمواً سريعاً، لكنها أصبحت في النتيجة مكشوفة على الصدمات، مثل الزيادات الجديدة في أسعار النفط أو انخفاض أسعار السلع". التدفقات الاستثمارية والمالية الخاصة إلى الدول النامية ببلايين الدولارات 1999 2005 آسيا والمحيط الهادئ 28 138 أوروبا وآسيا الوسطى 52 192 أميركا الجنوبية 85 94 الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3 15 جنوب آسيا 10 24 أفريقيا جنوب الصحراء 10 29 المجموع 188 491