اثبتت الدراسات العلمية ان الأطفال كلهم، من دون استثناء، عرضة للأحلام المخيفة أو التي تسمى كوابيس. من المهم ان نفرّق بينها وبين الهلع أو الخوف الشديد الذي يُصيب حوالى 5 في المئة من الأطفال اثناء الليل، إذ يستفيقون مذعورين، خصوصاً الأولاد الذين تراوح اعمارهم بين الخامسة والحادية عشرة. ويرتبط الكابوس بحد عينه مباشرة بالحياة اليومية وكل ما يمر من أحداث مزعجة خلال النهار. اثناء النوم يتحرر الخوف والرغبة في آن معاً ليخرجا من اللاوعي. وبالنسبة الى الصغار دون السنتين، فهم لا يتقبلون فراق الأم خلال الليل، والحلم يساعدهم في الهرب من غرفتهم واللجوء إلى أحضان والدتهم. من الملاحظ ان لكل مرحلة عمرية نوعاً من أنواع الخوف. ففي سن السنتين مثلاً يكون"الخوف من الظلمة"المسيطر على الأطفال. وفي سن الثلاث سنوات، هناك كثير من المخاوف من الحيوانات الكبيرة كالذئب. اما في الرابعة من العمر، فيغلب الخوف من الحيوانات الصغيرة الحجم او الزاحفة مثل العقارب والأفاعي. وبداية التخيل تبدأ في عمر الخمس سنوات حيث يبدأ الطفل بتخيل احداث وأوضاع مختلفة: كوقوعه في حوض سباحة او انه تاه في محل كبير. وجدي طفل في الخامسة من العمر، استفاق ذات ليلة مذعوراً بعدما تراءى له ان نسراً ضخماً تحول قطعة بلاستيكية تهدم كل شيء من حولها وتحلق في الفضاء. راود هذا الكابوس وجدي لأيام محدودة وصار يلجأ الى فراش اهله ليلاً وهو معتاد على النوم بمفرده منذ حوالى السنتين. استغرب ذووه الأمر وحاولوا ان يستطلعوا السبب وتوصلوا الى استنتاج ان وجدي يتعرض لضغوطات مختلفة من المدرسة أي من مدرّسيه، وفي البيت أي من أمه التي تقسو عليه احياناً أثناء الدرس. ومن أبرز مهمات الأهل لمساعدة طفلهم في تخطّي هذه الكوابيس أن يضعوا الحلم في مكانه المناسب. بكلام آخر، عليهم مساعدة الولد ليفرق بين الحقيقة والحلم. ويكون ذلك بالابتعاد عن السخرية وعدم تعظيم الأمور وإعطاء الموضوع أهمية اكثر من حجمه. وخوف الطفل هو خوف حقيقي يتطلب تفهماً من الأهل وحناناً يمكن إظهاره ببعض القبل والعاطفة والمواساة. كما على الأهل ان يثبتوا لطفلهم ان الذئب غير موجود داخل الغرفة مثلاً حتى لو أدى بهم الأمر الى الانحناء تحت السرير ليؤكدوا غياب أي شيء مخيف. والأهم من كل شيء ألا يسمحوا لطفلهم بالنوم في فراشهم الخاص، إذ يمكنه ان يستخلص ان الخطر حقيقي وأن المشكلة تكمن في غرفته وهي مسكونة بالأشباح والأشياء المرعبة. ولا شك ان على الأهل توفير اوقات هادئة في هذه المرحلة الصعبة للطفل ودعوته الى سرد كل ما يجرى معه يومياً في المدرسة لعله يُفضي بما يزعجه ويقض مضجعه، فتراكم الأحلام المخيفة هو إشارة إلى إرهاق شديد. وفي كل الأحوال، ينبغي على الأهل أن يضيئوا لطفلهم سراجاً صغيراً في غرفته ويتهربوا من المداعبة قبل الخلود إلى النوم. كما على الطفل ان يأوي الى فراشه بمفرده. أخيراً من المهم احترام النظام او التقليد المتبع في كل أمسية، كقراءة قصة أو إنشاد أغنية بحيث يتمكن الطفل من الغوص في نوم عميق بهدوء وسلام.