طلباً للهدوء، وبحثاً عن المكان الأفضل للدراسة، تتوجه آلاء 22 عاماً إلى مكتبة الجامعة للتحضير لامتحانها. على كل حال، هي ليست"شاذة"في ذهابها إلى المكان الأهدأ. فالمكتبة لم تعد مكاناً للمطالعة، إنما للدراسة والاستعداد للامتحان. تقول آلاء:"المكتبة مكاني المفضل للمراجعة. إنها هادئة، والكل يأتي إليها ليدرس. هي أفضل من أي مكان آخر في الجامعة للمراجعة. لقد جربت أكثر من زاوية وأكثر من مبنى، لكن تبقى المكتبة الأفضل". ومكتبة الجامعة التي تشكو قلة زوارها من المطالعين تحوّلت مبنى مخصصاً للمراجعة، يشتد الإقبال عليها ثلاث مرات في الفصل الدراسي الواحد: عند الامتحان الأول، ثم الثاني، ثم الامتحانات النهائية. وهي الامتحانات الرسمية الثلاثة التي ينبغي لطلاب الجامعات تقديمها خلال كل فصل. مشهد"شلة"من الطلاب تجلس في ظل شجرة أو تتحلق حول كرسي خشبي فيما تراجع للامتحان، باتت صورة نمطية بالية تجسد عهداً بائداً، وتصوّر مكاناً لم يعد صالحاً للمراجعة. آلاء تعتبر أن المراجعة في المكتبة سمة تميّز شباب الجامعات اليوم. تقول:"هذه الأيام الكل يراجع دروسه في المكتبة. في أرجاء الجامعة، في المباني وخارجها، يمكن التسكع لا أكثر. أعتقد أن السبب هو نوع المواد التي تدرّس في الجامعة، إذ أن غالبيتها تتطلب الحفظ، وهذا يجعلنا في حاجة إلى مكان هادئ". حتى المراجعة صارت خاضعة للموضة و"متطلبات العصر الجديد". أماني، تدرس مع آلاء في التخصص عينه، ترى أن الوقت تغيّر والصورة القديمة تبدلت. تقول:"لم يعد ذلك الطالب الذي نراه على شاشة التلفزيون موجوداً. أقصد أن لا أحد الآن يدرس في منزله على مكتب عليه ضوء جانبي، ثم تدخل عليه والدته لتعطيه كوب عصير. المكان الأفضل للمراجعة إما المكتبة، أو الممر بين القاعات". لكن هنالك فرقاً جوهرياً بين المكانين، بحسب أماني، يدفع الطالب إلى اتخاذه مكاناً للدراسة. تقول:"المكتبة مكان مناسب للدراسة بتمهل. في الممر يدرس المستعجلون، الذين لا يجدون وقتاً كافياً للذهاب إلى المكتبة للمراجعة. الأهم من هذا وذاك أن المراجعة، ومكانها تحديداً، تخضع أيضاً لتغيرات الزمن". وبحث أماني عن"الجديد"حتى لو كان شكلياً، لا يلبس ثوب البساطة، إنما يتخذ جانباً لا بأس به من التنظير. فتغيير أماكن مراجعة الدروس التقليدية داخل الجامعة، أو في المنزل، لم يأت لأنه مكان أفضل، وإنما لأن التجديد اقتضى ذلك، ولأن"الوضع الآن تغيّر". لكن على رغم حماسة أماني لجعل موضوع البحث عن مكان دراسة جديد أشبه ب"نظرية"متكاملة، فإنها تعتقد أن المكان تغيّر فقط، فيما كل شيء آخر بقي على ما هو عليه. تقول:"أرى أن الديكور تغيّر فقط. لكن طريقة الدراسة، والمواد التي ندرسها لم تختلف كثيراً، ولم تخضع لمتغيرات العصر الجديد. نحن نحفظ ونسمّع ما نحفظه، فيما العالم من حولنا تغيّر". وما تتحدث عنه أماني قد يكون أكثر صواباً في جانب تعليمي دون آخر. إذ تراعي عدداً من التخصصات متغيرات كثيرة تطرأ عليه، مثل تخصصات التكنولوجيا، فيما الأمر يختلف في التخصصات الإنسانية التي لا تطرأ عليها تعديلات جوهرية". لكن أماني، في كل الأحوال، تعتقد أن"تغيير الديكور"أمر مفيد، على الأقل ليخفف من"جمود الواقع المتحجر".