أصدر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد امس مرسوما بحل مجلس الأمة البرلمان، ودعا الى انتخابات برلمانية جديدة في التاسع والعشرين من حزيران يونيو المقبل. وقال صباح الاحمد، في كلمة عبر التلفزيون، ان اتخاذ قرار الحل كان صعبا عليه، لكنه اضطر اليه بعدما"حجب غبار الصراعات والمساجلات نور الحقيقة، وامتزجت المصالح الخاصة بالمصالح العامة"، خلال الجدل الدائر بين النواب على تعديل الدوائر الانتخابية، في حين اتهم نواب معارضون الحكومة بالتسبب في قرار الحل ورحبوا بالانتخابات التي"ستجعل الناخب حكما عدلا في مسألة الاصلاح السياسي". وجاء في نص المرسوم الذي حمل الرقم 146 لعام 2006 أنه"لما كان تشتت الرأي وانقسامه داخل مجلس الأمة وتقاذف الاتهامات بين اعضائه وتطرق المناقشات الى أمور غير مجدية قد أدت الى تعطل أعماله واثارة الفتن بين أطياف المجتمع وتشويه الحوار الوطني والإضرار بالمصالح العليا للبلاد. وبناء على عرض رئيس مجلس الوزراء، وبعد موافقة مجلس الوزراء، رسمنا بحل مجلس الامة". وتبع ذلك مرسوم برقم 147/2006 ونصه"يدعى الناخبون لانتخاب أعضاء مجلس الامة في يوم الخميس 4 جمادى الثانية 1427 الموافق 29 يونيو حزيران سنة 2006م". وألقى امير الكويت في السادسة مساء كلمة متلفزة أوضح فيها الأسباب التي دعته الى حل المجلس، وفي مقدمها المساجلات داخل مجلس الأمة حول قضية الدوائر. وقال:"تابعنا جميعا حالة الشحن والتأجيج التى شغلتنا عن باقي أولوياتنا، وما دأب عليه البعض من ممارسات انحرفت عن المسار البرلماني السليم، والتي باتت تشكل تهديدا لامن الوطن واستقراره، بما انطوت عليه من مظاهر الفتنة والشقاق وهز الثقة بين أبناء المجتمع الكويتي وإضعاف وحدتنا الوطنية. وهي السياج الحامي والحصن المتين لكويتنا الغالية... ولا شك بأن هذه الاجواء المشحونة التي تغيب فيها الحكمة والعقلانية ويسود فيها التشكيك والتصعيد لا تسمح بالتوصل الى حلول عملية مدروسة لمسألة مهمة تشكل أحد أهم محاور العمل الوطني". واضاف أنه انتظر طويلاً"أملاً في انجلاء هذه الغيمة عن سماء وطننا العزيز، من خلال حوار ايجابي بناء تحت قبة البرلمان". لكنه رأى ان"غبار الصراعات والمساجلات حجب نور الحقيقة وامتزجت المصالح الخاصة بالمصالح العامة. وطغى التشكيك والتجريح وتسجيل المواقف على تحكيم العقل والمنطق مما أضحى يشوه صورة الديموقرطية الكويتية... وفي بعض المواقف يجد المسؤول نفسه أمام قرار يجبر على اتخاذه... ومن اجل ذلك كان لزاما علي ان اتخذ قرارا صعباً ما كان بودي ان اتخذه ولكنني رأيت من واجبي حفاظا على امن وطننا وسلامة ابنائه ان اتخذ قرارا بحل مجلس الامة حلا دستوريا يتيح لنفوسنا جميعا ان تهدأ، ولقلوبنا ان تطمئن، ولعقولنا ان تفكر بما فيه مصلحتنا وخير وطننا في الحاضر والمستقبل". وجاء قرار الحل اثر تصاعد أزمة"الدوائر الانتخابية"والنزاع بين المعارضة من جهة، وبين الحكومة ونواب موالين من جهة أخرى الى حد دفع ثلاثة نواب معارضين الأربعاء الماضي الى تقديم طلب لاستجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد على خلفية هذه الأزمة. ويعتبر أقطاب في السلطة الكويتية صعود رئيس الوزراء منصة الاستجواب خطاً احمر لا يمكن تجاوزه اذ لم يحدث قبل ذلك. وكانت الأزمة قسمت الكويت الى معسكرين أحدهما"برتقالي"يمثل المساندين للقوى السياسية والنواب المعارضين الذين أقاموا اعتصامات وتظاهرات خطابية، وهم يحملون الرايات والشارات البرتقالية اللون تحت شعار"الارادة"، وبين معسكر الموالين للحكومة الذين تحركوا متأخرين ونظموا تظاهرات حملوا خلالها رايات وشارات زرقاء اللون تحت شعار"العدالة". وبينما اعتبر معسكر المعارضة موافقة الحكومة على مشروعه تقليص الدوائر الانتخابية الى خمس شرطاً لا رجعة عنه، طالب الموالون بتوزيع عادل للدوائر يضمن مساواة نسبية بين اعداد الناخبين في الدوائر. وهذه المرة الرابعة التي يحل فيها البرلمان الكويتي، اذ جرى حله العام 1976 حلا غير دستوري عطل بموجبه الدستور حتى العام 1981. ثم حل العام 1986 حلاً غير دستوري ايضا واستمر ذلك حتى الغزو العراقي العام 1990، ثم أعيد العمل بالدستور واجريت الانتخابات البرلمانية في تشرين الاول أكتوبر 1992. وفي أيار مايو 1999 حل البرلمان مجددا ولكن على أسس دستورية هذه المرة، واجريت انتخابات خلال شهرين.