ناوب شهود الدفاع لليوم الثالث على التوالي خلال جلسة محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وسبعة من أعوانه، على الدفاع عن المتهمين من الدرجة الثانية في قضية قتل 148 شيعياً في قرية الدجيل عام 1982. وبدأت الجلسة السادسة والعشرون من هذه المحاكمة في حضور هيئة الدفاع وجميع المتهمين وعلى رأسهم الرئيس السابق، بالاستماع الى أقوال خمسة من شهود الدفاع بينهم امرأة، فيما جلس صدام صامتاً طوال الجلسة ولم يدل الا ببعض التعليقات. وكرر رئيس المحكمة القاضي رؤوف عبد الرحمن وصفه شهود الدفاع بأنهم"خطباء الجمعة"، وقال إنهم"يتحدثون بلهجة محامين وليس بلهجة شهود"، وخاطب أحدهم قائلاً:"أنت شاهد فلا تقرأ محفوظات". وأكد عبد الرحمن في بداية الجلسة:"من أجل تحقيق العدالة، فضلنا أن يكون جميع المتهمين حاضرين في جلسة اليوم، إضافة الى موكليهم". وأفاد جميع الشهود أن صدام تعرض لمحاولة اغتيال خطط لها منفذوها مسبقاً، في حين اعترف بعضهم بمشاهدة الرئيس السابق للاستخبارات برزان التكريتي في مقر الفرقة الحزبية في الدجيل، وإطلاقه محمد عزاوي بعد ساعات قليلة من اعتقاله. وحين أقسم عزاوي أنه لم يفعل شيئاً، أدار صدام وجهه وعلق مبتسماً أن أهل الدجيل يتسمون بالتوتر. بعد ذلك، استمعت المحكمة الى أقوال اثنين من شهود الدفاع في خصوص المتهم محمد عزام علي أحد أعضاء حزب"البعث"المنحل في قرية الدجيل. وأفاد الشاهد الأول أن علي"لا يمكن أن يكون مسؤولاً، اذ كان يحظى بسمعة سيئة بسبب انتماء أحد أقاربه الى حزب الدعوة المحظور، وهو لا يعرف لا القراءة ولا الكتابة". وأضاف:"عانى أيضاً من القمع لأن مزارعه دمرت مثل بقية أهالي المنطقة". وأدت أقوال الشاهد الثاني الى حصول مشادة كلامية حادة مع المدعي العام جعفر الموسوي، اذ كان يبلغ من العمر خمسة أعوام حين وقعت أحداث الدجيل. وقال الموسوي إن"الأطفال يجب أن لا يعطوا الحق في الادلاء بشهاداتهم لأنهم يخلطون ما بين الحقائق وخيالهم". وتدخل صدام 69 عاماً من قفص الاتهام قائلاً إنه تساوره الشكوك ذاتها في شأن شهود الادعاء الذين أدلوا بشهاداتهم منذ أشهر مضت. وقال إن"الطفل بطبيعته... وهذا شيء يعرفه أطباء علم النفس، يكون لديه خيال واسع". وأدلى ثلاثة شهود بشهاداتهم لمصلحة محمد عزاوي، فيما أدلى ثلاثة آخرون بشهادتهم لمصلحة عبد الله كاظم رويد وهو مسؤول صغير في حزب البعث. كما اعترض المدعي العام على أقوال كثير من الشهود، وقال"إنهم لم يشاهدوا شيئاً، وكل ما قالوه هو أنهم سمعوا". وكان مزهر عبد الله الرويد 54 عاماً عاملا في مركز بدالة هاتف الدجيل، فيما عمل والده عبد الله الرويد، وهو أصم، مختاراً في الدجيل. وعمل علي دايح علي الزبيدي 66 عاماً مدرساً ثم باحثاً علمياً في وزارة التربية، فيما عمل محمد عزاوي مزارعاً. وهؤلاء هم من أهالي بلدة الدجيل وأعضاء سابقون في حزب"البعث"المنحل ومتهمون بكتابة تقارير عن بعض سكان الدجيل أُعدموا لاحقاً بتهمة الانتماء الى حزب"الدعوة"الذي كان محظوراً إبان حكم النظام السابق. واستمعت المحكمة الى شهادة أول امرأة من شهود الدفاع وهي زوجة عزاوي ومن سكان بلدة الدجيل. واعترفت الشاهدة باعتقال عشرات العائلات من البلدة بعد الحادث، وقالت إن عزاوي زود البعثيين في الفرقة الحزبية بالطعام، لكنه لم يشارك في اعتقال الأهالي. وأبدى برزان التكريتي اعتراضه على العوائق الكبيرة أمام لقاء المتهمين مع أعضاء هيئة الدفاع، وطلب من القاضي أن يوعز الى السلطات الأمنية بتسهيل هذه اللقاءات، وتبادل الوثائق والمذكرات. ووعد القاضي برزان بالنظر في القضية. واعترض طه ياسين رمضان نائب الرئيس المخلوع على السجال الذي دار بين احد أعضاء هيئة الدفاع والقاضي حول منح رمضان فرصة للبحث عن شهود دفاع. وقال إن"جميع المتهمين من سكان البلدة حصلوا على شهود دفاع من ذويهم أما أنا فلم يشاهدني أحد هناك، وشهادة وضاح الشيخ هي التي زجتني في هذه القضية التي لا علاقة لي بها". وتابع أن"الشيخ عاد وعدل عن شهادته قبل وفاته بيومين". وسأل القاضي رمضان إن كان يرفض الاستعانة بشهود دفاع، فأجاب:"لا أعرف". وطلب رمضان التعليق على عرض الادعاء في الجلسة الثالثة والعشرين قرصاً مدمجاً، ووافق القاضي على منحه ذلك لكن بعد الانتهاء من الاستماع الى شهود الدفاع. وأرجأ رئيس المحكمة القاضي عبد الرحمن محاكمة الرئيس العراقي السابق ومعاونيه حتى 22 الشهر الجاري. وكانت جلسة أول من أمس اقتصرت أيضاً على الاستماع الى سبعة من شهود الدفاع عن المتهمين الثلاثة مزهر عبد الله الرويد ووالده عبد الله الرويد وعلي العزاوي. يذكر أن المدعي العام جعفر الموسوي صرح بأن عدد شهود الدفاع يبلغ 60 شخصاً، في حين رفض صدام في جلسة الاثنين الماضي أن يدفع ببراءته أو الاعتراف بالاتهامات الموجهة اليه. وسبق أن أكد خبراء في جلسة 24 نيسان أبريل الماضي صحة تواقيع سبعة من أصل ثمانية متهمين بينهم صدام حسين، على وثائق تتعلق بالمجزرة. ويحاكم صدام ومعاونوه منذ 19 تشرين الأول أكتوبر الماضي بتهمة تصفية 148 من سكان قرية الدجيل الشيعية، رداً على محاولة اغتيال الرئيس العراقي السابق خلال مرور موكبه في القرية عام 1982. ويواجه المتهمون الذين يدفعون ببراءتهم، حكم الاعدام.