وجهت صحيفة"تشرين"الحكوميةپ أمس انتقادات شديدة لموقعي"إعلان دمشق - بيروت"واعتبارهم أن الأزمة بدأت مع التمديد للرئيس اميل لحود وتوزيعهم البيان قبل صدور قرار جديد لمجلس الأمن. وتزامنت الحملة الإعلامية مع توقيف عدد آخر من موقعي"الإعلان"وإصدار القضاء المدني مذكرة توقيف قضائية بحق الكاتب ميشيل كيلو وتوجيه تهم تصل عقوبتها القصوى إلى السجن المؤبد. واعلن الناطق باسم"المنظمة الوطنية لحقوق الانسان"عمار قربي امس ان قاضي التحقيق رغيد توتتجي أصدر مذكرة توقيف بحق كيلو بتهم تتعلق بپ"إضعاف الشعور القومي"و"إيقاظ النعرات العنصرية او المذهبية"و"نشر أخبار كاذبة او مبالغ فيها من شأنها ان تنال من هيبة الدولة او مكانتها"و"الذم والقدح بحق رئيس الدولة او المحاكم او الهيئات المنظمة او الجيش او الادارة العامة او موظف ممن يمارسون السلطة العامة من اجل وظيفته او عمله". وأوضح قربي ان عقوبة هذه التهم تتراوح بين الاعتقال الموقت والمؤبد. وتأكد ان السبب الاساسي لتوقيف كيلو دوره في توقيع"اعلان دمشق -بيروت"الذي صدر يوم الخميس الماضي بتوقيع اكثر من 250 مثقفاً سورياًولبنانياً. اذ اعلنت"المنظمة الوطنية"ان اجهزة الامن اوقفت عدداً من موقعي"الاعلان"بينهم محمود عيسى وصفوان طيفور وخالد خليفة وخليل حسن بعد اعتقال الناشطين في مجال حقوق الانسان وموقعي البيان نضال درويش ومحمود مرعي واستدعاء سليمان الشمر وكمال شيخو. وتزامن ذلك مع حملة اعلامية شديدة على موقعي"اعلان دمشق - بيروت". اذ نقل موقع"شام برس"الالكتروني لصاحبه علي جمالو ليل اول امس عن"أوساط سياسية سورية"تحليلها للاعلان واعتبارها انه يستهدف"تحميل سورية مسؤولية الوضع القائم في لبنان وهو لا يختلف عن المسودة السابقة لأطروحات سياسيين لبنانيين معادين لسورية". وفصلت"الاوساط السياسية"ملاحظاتها على البيان، في كونه"ربط تدهور الأوضاع بين البلدين بالتمديد للرئيس اميل لحود وليس بمحاولة فئة لبنانية استغلال العلاقات اللبنانية - السورية لمصلحتها خلال الفترة الماضية، ومن ثم وخوفاً على مصالحها، استغلالها لمقتل الرئيس رفيق الحريري لمحاولة تفجير العلاقات بين البلدين واستخدام لبنان أداة للعدوان والغزو والتدخل ضد سورية". وتابعت:"يقول البيان أن هناك توافقاً بين الموقعين على العمل قولاً وفعلاً من أجل الأهداف المذكورة بما فيها مطالب متعلقة بالوضع السياسي الداخلي في سورية"قبل ان" يتناسى دور سورية الإيجابي تجاه لبنان في المرحلة قبل الحرب الأهلية ودور سورية في الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله في منعطفات تاريخية كثيرة سابقة ... والتصدي للعدوان الإسرائيلي وإحباط اتفاق أيار مايو و يتناسى دور القوى اللبنانية العميلة لإسرائيل ولأميركا والقوى الدولية في استخدام لبنان كقاعدة مادية ليس للعداء لسورية فحسب بل للتهديد المادي والمباشر لأمن سورية واستقلالها". وأخذت"الاوساط السياسية"السورية على"اعلان دمشق - بيروت"حديثه عن لبنان و"كأن التهديد الأساسي لسيادة لبنان حالياً هو قادم من سورية من دون التطرق الى الدور السابق والحالي لعدد من القوى اللبنانية في محاولة التدخل في سورية والتآمر عليها وعلى أمنها وطلب التدخل والعدوان الأميركي والأجنبي ضد سورية". وبعدما عنونت"تشرين"في صدر صفحتها ان"ملف الرئاسة طوي"في لبنان، كتبت عن"المحرر السياسي"انتقادات مماثلة لپ"الاعلان". لكنها ركزت على"التزامن المريب"للبيان لأنه صدر قبل"السعي الحثيث من ادارة الرئيس جورج بوش الى استصدار قرار جديد في مجلس الامن يدعو الى اقامة علاقات ديبلوماسية مع لبنان مع كل ما يحمله هذا السعي من مكر وخبث في اطار حملة أميركية - اسرائيلية تستهدف سورية وممارسة الضغط والتهديدات"، وسألت عن توقيت هذا الاعلان. وكتب عصام داري في افتتاحية"تشرين"ان:"من حقّنا اكثر من العتب على هؤلاء موقعي البيان الذي لم يكتفوا بتجاهل ما قدمته سورية الى لبنان في أوقات الشدة، بل حاولوا تحميل سورية مسؤولية تدهور الاوضاع من دون ان يتمعنوا ولو للحظة واحدة في حقيقة الوضع في المنطقة الذي يتسم بالتوتر والانفجار وبنشر الفوضى الخلاقة الاميركية". وزادت:"وقف هؤلاء المثقفون السوريون واللبنانيون ليصدروا بياناً يوحون من خلاله ان سورية تهدد لبنان وينسون اسرائيل ودورها التخريبي". ومن الامور التي انتقدتها"الاوساط السياسية"السورية تحميل"الاعلان"دمشق"مسؤولية الوضع على الحدود اللبنانية من حيث مطالبتها بالاعتراف رسمياً بلبنانية مزارع شبعا و تبرئته أميركا وإسرائيل من كل ما يجرى في لبنان حالياً". وفي بيروت، توالت أمس، المواقف من توقيف كيلو. واستنكر رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط"قيام النظام السوري بحملة الاعتقالات التي طاولت الموقعين على الإعلان، معتبرا أن ذلك"يخالف أبسط حقوق الإنسان ويدل على أداء هذا النظام القمعي وسلوكه". ودعا في بيان له إلى"الإفراج عن المعتقلين"، مؤكداً على"ضرورة إلغاء قانون الإعدام في حق جماعات سياسية لمجرد مخالفتها في الرأي توجهات النظام السوري". وأصدر الموقعون اللبنانيون على الإعلان، بياناً استغربوا فيه"كيف يُقرأ الإعلان بخلاف ما تضمنه تماماً وبوضوح تام نصاً وروحاً"، معربين عن استغرابهم"الشديد لهذه القراءة الجائزة للإعلان"، وادانتهم اعتقال كيلو ومرعي ودرويش، ورأوا"في ذلك انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير". وطالب الموقعون السلطات السورية بالإفراج عن المعتقلين الثلاثة، معلنين عن"التحضير لاتخاذ خطوات تضامنية لاحقة في هذا المجال".واعتبر المكتب السياسي في"الحزب الشيوعي اللبناني"أن اعلان بيروت - دمشق يشكل"خطوة بارزة لإعادة صياغة العلاقات اللبنانية - السورية من منطق مواجهة المشروع الأميركي - الصهيوني". ودعا إلى إطلاق سراح المعتقلين. ووقع عدد من المثقفين العرب وبمبادرة من المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا، بياناً دفاعاً عن كيلو وعن حرية التعبير، مشيرين إلى"هذا الاعتقال بوصفه شكلاً من أشكال الاغتيال السياسي، الذي ندينه". وأكد البيان أن"العالم العربي لن يخرج من محنته إلا بزوال الذهنية التي تعتبر الاختلاف جريمة".