دخل الشبان السويديون الثلاثة المتهمون بالارهاب كلُّ من باب وجلسوا الى جانب وكلائهم في قاعة المحكمة السويدية في استوكهولم. انها المرة الاولى التي يلتقي فيها اندرش فالين 26 سنة، سويدي والبرت راميتش 20 سنة بوسني الاصل ونيما غانجين 32 سنة ايراني الاصل على أرض الواقع، فهم يعرفون بعضهم بعضاً من خلال غرف الدردشة على شبكة الانترنت فقط، حيث كان لكل منهم اسم سري. هناك، في المساحة الافتراضية خططوا لهجمات بالقنابل الحارقة على مركز اقتراع للمهاجرين العراقيين في ضاحية شيستا شمال العاصمة استوكهولم. وفي الغرف نفسها، يعتقد المدعي العام توماس ليندستراند انهم خططوا للهجوم على مركز كنيسة"كلمة الحياة"التي تقدم تسهيلات مالية ولوجستية لليهود الروس من اجل الهجرة الى فلسطين. ولكن الهجوم على مركز الاقتراع في شيستا فشل بسبب عدم اشتعال كل القنابل الحارقة ولان الحراس كانوا متيقظين فكشفوا الامر قبل ان تقع الكارثة. اما الهجوم على الكنيسة فلم يتم لأن اجهزة الامن السويدية القت القبض عليهم قبل التنفيذ. السبب وراء اعتقال المجموعة يعود الى شريط فيديو يظهر فيه شاب ملثم بكوفية عربية يجلس وبجانبه كتاب تفسير القرآن وقذيفتين تبين لاحقاً انهما فارغتان، يهدد ويتوعد المجتمع الاوروبي بعامة والسويدي بخاصة بأن"تنظيم القاعدة في السويد"انطلق في عملياته ضد"الكفار". تمكنت اجهزة الاستخبارات السويدية من معرفة مصدر إرسال الشريط على شبكة الانترنت واعترف الشاب البرت راميتش بأنه هو الشخصية التي تظهر في الشريط ولكن رسالة التهديد لم تكن بصوته لأنه لا يتكلم العربية بل حاول من خلال تحريك يديه ورأسه اثناء قراءة التهديد ان يوهم المشاهد انه هو من ينطق بتلك الجمل. بعد ساعتين من تقديم الأدلة والصور وأفلام القتل وتقطيع الرؤوس التي وجدتها الاستخبارات السويدية في جعبة هؤلاء رفعت الجلسة من القاعة رقم 17 وخرج الجميع الى استراحة الغداء. في دردشة مع"الحياة"قال راميتش الذي يسكن مع اهله في مدينة ترليبورغ:"لم نكن نعرف بعضنا سوى من خلال غرف الدردشة، وعندما خططنا لمهاجمة مركز الاقتراع وتحديد نقطة الصفر كان من المفترض ان استقل القطار الى استوكهولم للمشاركة في الهجوم. ولكن في اللحظة الاخيرة تراجعت بعد ان فكرت في ان ما اقوم به يتعارض مع مبادئي الخاصة وان هذا البلد منحني حياة جديدة بعد ان هربت مع اهلي من حرب البوسنة والهرسك. بدأت اتساءل كيف يمكن ان اتسبب بالضرر لبلد مثل السويد قدم لي كل ما يتمناه الانسان. وقتها تراجعت ولم اسافر الى استوكهولم". يجلس البرت على مقعد حجري في القاعة الكبيرة التي تدخلها الشمس من نوافذها الواسعة ويشرح"لا ادرس ولا اعمل وانما اعيش مع اهلي حياة شبه هادئة. انام في النهار واسهر في الليل. وفي سهراتي التي تمتد حتى الصباح اجلس امام جهاز الكومبيوتر ادخن سيجارة الكيف وأدردش مع اناس من كل العالم لا اعرفهم. بهذه الطريقة تعرفت الى اندرش ونيما". اندرش هو سويدي الاصل ويعيش في مدينة كرامفورش شمال. يمر الى جانبنا اثناء الحديث بعد الاستفسار عن قناعاته الدينية يقول:"انا لم اعتنق الإسلام ولكن انا منفتح على كل الاديان"ثم ينسحب باتجاه محاميه شارحاً انه"مرتبك بعض الشيء". والد اندرش اكاديميان معروفان في مدينة كرامفورش. وشرح للمدعي العام انه"ضد الحرب على العراق"وانه ليس ارهابياً وانما"كل الدردشة والتخطيط الذي تم من خلال الانترنت لم يكن سوى افكار من نسج خيالي لم اخطط لتنفيذها". اندرش لم يشارك في الهجوم على مركز الاقتراع واقتصر دوره على توزيع بيان يتبنى عملية الهجوم. وعن البيان يقول:"انا لم اكتبه بل حصلت عليه من خلال نيما الذي بدوره حصل عليه من شخص لا اعرفه". نيما من اصل ايراني يعيش في استوكهولم وله خلفية اجرامية سابقة. وهو الوحيد الذي لم يسمح له بمغادرة غرفة الحجز في المحكمة اثناء الاستراحة، اذ يعتقد المدعي العام انه قد يحاول الهرب او القيام بشيء غير متوقع. واعترف نيما انه هو من هاجم مركز الاقتراع العراقي بمشاركة اشخاص آخرين. يرفض نيما كشف هوية هؤلاء الاشخاص ولكن محاميه اكد انه في الجلسات المقبلة سيكشف هوية المخطط لتلك العمليات. يقول البرت ان نيما حصل على مبلغ عشرة آلاف كرون في مقابل عملية الهجوم على مركز الاقتراع وان"الشخص الذي اعطاه ذلك المبلغ اسمه علي العراقي. انا لا اعرف من هو ذلك الشخص ولكن نيما يعرفه". أكد المدعي العام، من جهته، ان اجهزة الامن السويدية استعانت بالاستخبارات الاميركية والاسرائيلية لاعتقال تلك المجموعة. ومن خلال الاطلاع على الادلة الموجودة يمكن إكتشاف مدى دقة عملية التجسس التي تمت. فالمدعي العام قدم ادلة هي عبارة عن نصوص الدردشة بين الثلاثة وصور لهم في مقاهي انترنت مخلتفة. يخرج الشبان الثلاثة من الابواب نفسها التي دخلوا منها الى قاعة المحكمة التي امتلأت بالصحافيين والتي كان حاضراً فيها ديبلوماسي من السفارة الاميركية. تم اقتياد نيما الى زنزانة في الحجز الاحتياطي اما اندرش فأطلق سراحه ولكنه سيبقى تحت المراقبة حتى صدور الحكم وكذلك البرت سمح له بالعودة الى منزل اهله ولكن لن يتمكن من مغادرة البلاد الا بعد انتهاء الجلسات التي ستستمر لبعض الشهور. اثناء صعوده الى سيارة المحامي قال البرت:"سأبتعد عن عالم المخدرات ولن اتعاطى بعد الآن بقضايا توصف بالارهاب ولكن سأبقى من مناصري المقاومة العراقية بخاصة ان الشعوب المسلمة تتعرض للقتل على يد الكفار".