دعا الرئيس المصري حسني مبارك إلى حوار بين المسلمين والغرب"على أساس الاحترام المتبادل بين الحضارات والثقافات والأديان". وشدد في كلمة وجهها أمس إلى المؤتمر الثامن عشر للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ألقاها نيابة عنه رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف، على ضرورة الانفتاح على العالم والاستفادة من منجزات العصر وتطوراته، معتبراً أن العولمة"طرحت تحديات أمام العالم الإسلامي ينبغي العمل من أجل الوصول إلى حلول لها، وعلى رأسها ضرورة الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية". وأكد مبارك ضرورة الحفاظ على المقدسات الإسلامية والتضافر والتعاون على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية من أجل تحقيق ذلك. ودعا الرئيس المصري المنظمات الإسلامية وعلى رأسها منظمة المؤتمر الإسلامي الى العمل على توطيد العلاقات بين الدول الإسلامية بعضها بعضاً لتهيئة الفرصة من أجل القيام بدور مهم على الساحة السياسية، مشدداً على أهمية الاستناد الى قاعدة صلبة من أجل مواجهة التحديات. وقال"إن علماء الأمة الإسلامية يتحملون مسؤولية كبيرة إزاء ترسيخ أصول الإسلام ومبادئه في عقول الشباب وتذكيرهم بأن الحضارة الإسلامية إنما هي حضارة تسامح وسلام لا تريد أن تعادي أحداً أو تعتدي على أحد، حضارة تسامح لا تعرف التعصب أو التطرف أو الإرهاب، حضارة تؤكد إنسانية الإنسان وتحترم آدمية البشر من دون تمييز، وعلينا أن نعرض ذلك كله ونبرزه أمام عالمنا المعاصر ليس بالقول فحسب بل بالفعل والسلوك". وأعرب عن ثقته بأن اختيار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لمؤتمره هذا العام بحث مشكلات العالم الإسلامي وسبل مواجهتها والتغلب عليها في ظل العولمة،"جاء في وقته تماماً". وكان المؤتمر بدأ أعماله أمس بمشاركة ممثلين من 7 دول، وتحدث في الجلسة البابا شنودة الثالث فأكد"ضرورة نشر ثقافة الحوار بدلاً من العنف سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول"، مشيراً إلى أهمية تعلم اللغات للتأثير على الآخر في الخارج ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتعزيز دور الإعلام العربي في الدول الأجنبية. وشدد على ضرورة انطلاق قنوات فضائية مترجمة لما يقدم من برامج نشر الصحف بجميع اللغات الأجنبية، وقال"إذا أردنا أن نتعامل مع الغرب فلا بد من معاملته بما يتناسب وعقليته". وأضاف"إننا في عصر لا يصلح فيه الانعزال اطلاقاً بل لا بد من ربط العالم الإسلامي بالشعوب الأخرى، وإن الأمر لا يقتصر على التمثيل الديبلوماسي بل يجب أن يكون على مستوى شعبي وثقافي مع الاحتفاظ بالخصوصية". ودعا شنودة الجاليات العربية والإسلامية في الخارج سواء أكانت جاليات عاملة أو مهاجرة إلى العمل المشترك من أجل تقديم صورة صحيحة للشعوب في البلاد التي يقيمون بها والى التعاون من أجل تكوين"لوبي"عربي أو إسلامي يكون له تأثير في الغرب. أما شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي فقال في كلمته إن"العالم الإسلامي يواجه تحديات كثيرة تتطلب منه التضافر والتعاون ونبذ الفرقة والاختلاف والاهتمام بتفعيل الحوار البناء الذي يؤدي إلى الخير للمسلمين"، مؤكداً أن"المشكلات في العالم قديمة وأن الإسلام أوجد الحلول الناجحة لجميع مشكلات البشر إن هم تمسكوا بالإيمان"، وأضاف أن الكون منذ أوجده الله عز وجل عبارة عن معركة بين الحق والباطل، والخير والشر، والفضائل والرذائل، وهي معركة مستمرة وباقية، مؤكداً أهمية أن يتحلى المسلمون بالأخلاق في ظل الظروف الحالية وأن يتعاونوا على البر والتقوى، معرباً عن تمنياته في أن تكلل أعمال المؤتمر بالنجاح. ويشارك في الموتمر 23 وزيراً من المعنيين بالشؤون الدينية والأوقاف والعدل في العالم الإسلامي، و15 مفتياً، بالإضافة إلى 8 منظمات إسلامية دولية هي جمعية الدعوة الإسلامية العالمية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة"إيسيسكو"ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والهيئة الخيرية الإسلامية والمجلس الإسلامي العالمي للدعوة ورابطة الجامعات الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالإضافة إلى جامعة الدول العربية. ويشارك في المؤتمر 18 دولة عربية، و19 أفريقية، و18 آسيوية، و20 أوروبية، وخمس دول من الأميركيتين واستراليا. وأثار تغيب العراق عن المؤتمر جدلاً كبيراً خصوصاً أن العراق شارك في المؤتمر السابق ودافع آنذاك عن حق مقاومة الاحتلال، وفرضت قضية الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم نفسها على أعمال المؤتمر رغم أنها ليست ضمن جدول الأعمال وأرجعها المتحدثون إلى العداء التاريخي الموروث في الغرب ضد الإسلام بالإضافة إلى جهل آخرين به، وهذا يتطلب مزيداً من الحوار الجاد والفعال مع الجماعات المتطرفة في الغرب حتى لا يعزل المسلمون أنفسهم عن مجريات الأمور الدولية.