وصلت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس إلى بغداد بعد ساعات من وصول نظيرها البريطاني جاك سترو في وقت متأخر مساء اول امس السبت في زيارة غير معلنة، وبحث الوزيران مع القيادات العراقية في العقبات المستمرة في وجه تشكيل الحكومة وأزمة ترشيح ابراهيم الجعفري لرئاستها بعدما ظهرت نداءات للمرة الاولى من داخل"الائتلاف العراقي الموحد"تدعو الى تنحيه لإفساح المجال امام تسهيل تشكيل الحكومة. وكانت رايس زارت العراق قبيل الانتخابات في كانون الاول ديسمبر الماضي فيما زار سترو العراق في كانون الثاني يناير المنصرم، واجرى الوزيران محادثات مع السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد واطلعا منه على اسباب تأخر اعلان الحكومة على رغم مضي اكثر من ثلاثة اشهر على الانتخابات. ولم يعقد الطرفان مؤتمراً صحافياً كما كان متوقعاً، لاعلان نتائج زيارتهما. لكن رايس قالت للصحافيين الذين رافقوها"اننا نولي اهمية كبيرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتجنيب العراق حرباً اهلية"فيما اكد سترو"نحن ملتزمون ازاء العراق ومن مصلحة الجميع توحيده سياسياً وشعبياً". وفي اطار المواقف داخل"الائتلاف"، دعا قاسم داود العضو المستقل رئيس الوزراء المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري الى"اتخاذ خطوة شجاعة وضرب مثل يحتذى بالتخلي عن منصبه". كما دعا جلال الدين الصغير الذي ينتمي الى"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"الجعفري الى"التنحي لأن المرشح لا بد أن يحظى بتوافق الآراء على المستوى الوطني وبالقبول على المستوى الدولي". وفي مواجهة هذه الاصوات اكد عدد كبير من اعضاء الكتلة الشيعية امس ان الجعفري هو مرشحهم الوحيد. وقال رياض النوري الناطق باسم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ل"الحياة""ان ابراهيم الجعفري هو مرشح"الائتلاف"الوحيد لرئاسة الوزراء وان التيار الصدري لن يوافق على تغييره معتبراً ان اختيار الجعفري جاء وفق ارادة الشعب الذي انتخب"الائتلاف"وان استبداله سيحدث خللاً في الدستور والديموقراطية. واضاف النوري ان اميركا تضغط على"اطراف من أزلامها انضمت خطأ الى الائتلاف لتغيير مرشحه"، مشيراً إلى ان تصريحات عضو الائتلاف قاسم داود"مشبوهة"، كما ان انضمامه الى الائتلاف"خطأ كبير"مشدداً على وجوب ان يأخذ"الائتلاف"موقفاً من داود ويطرده وقال ان"سجل داود مليء بالجرائم عندما ضرب شعبه في النجف والفلوجة". وكان قاسم داود شارك في الهجوم على ميليشيا"جيش المهدي"التابعة للتيار الصدري في النجف قبل عامين في ظل حكومة اياد علاوي، عندما كان يتولى وزارة الدولة لشؤون المحافظات. واعتبر النوري ان كل محاولات تغيير الجعفري ستفشل، واتهم قوى من داخل"الائتلاف"باثارة هذه المسألة طمعاً بالمنصب وقال"اذا انسحب الجعفري من منصبه سوف تنسحب الكتلة الصدرية معه". واعلن بيان لرئاسة الجمهورية العراقية ان الرئيس جلال طالباني بحث مع وزيرة الخارجية الاميركية والوزير البريطاني العملية السياسية، والجهود التي تبذلها الاحزاب لتشكيل الحكومة. واضاف البيان ان طالباني اطلع الوفد الزائر على الحوارات الجارية بين الكتل السياسية وما تمخض عنها من اتفاق على تشكيل المجلس السياسي للأمن الوطني واللجنة الوزارية للامن الوطني، والبرنامج الحكومي، وزاد البيان ان"كلاً من جاك سترو وكوندويزا رايس أعربا عن امتنان حكومتيهما للدور الايجابي الذي لعبه طالباني في تقريب وجهات النظر خلال المساعي لتشكيل حكومة توافقية وقوية". وأكد بيان مقتضب صدر عن رئاسة الوزراء بعد اجتماع ضم الجعفري والوفد الزائر ان الاجتماع جرى بحضور عدد كبير من المسؤولين العراقيين في مكتب الجعفري، وبحثوا موضوع تشكيل الحكومة من دون الاشارة إلى تفاصيل اخرى، لا سيما ما تردد عن ضغوط اميركية لاستبدال الجعفري بشخصية اخرى. وقالت مصادر سياسية مقربة من الاجتماعات الاميركية - البريطانية العراقية ان الاجتماعات بحثت في معايير اختيار رئيس الوزراء، كما تراها اميركا وبريطانيا، لا سيما قدرته السياسية على توحيد العراقيين. واكدت ل"الحياة"ان رايس اكدت للجعفري ان"اميركا ترى فيه سياسياً كفوءاً وطيباً لكنها تشكك في قدرته على لم شمل العراقيين مع استمرار الاعتراضات السنية والكردية عليه". وأكدت المصادر ان هذا الموقف الاميركي البريطاني ليس حازماً ولا يمكن اعتباره تدخلاً لكنها رؤية بعيدة المدى لمستقبل العراق السياسي. الى ذلك، بحث وزير الخارجية هوشيار زيباري مع نظريته رايس مستجدات المفاوضات الجارية لتشكيل حكومة وحدة وطنية ذات تمثيل واسع. وجاء في بيان لوزارة الخارجية تلقت"الحياة"نسخة منه ان زيباري أوضح لرايس وسترو خلال الاجتماع الذي حضره روز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء، العقبات القائمة وكيفية الاسراع في خطوات تشكيل الحكومة. وقال القيادي في"المجلس الاعلى"رضا جواد تقي ان ترشيح الجعفري لرئاسة الوزراء"محسوم"نافياً اخبارا صحافية امس مفادها مطالبة عبدالعزيز الحكيم الجعفري بالتنحي. واضاف ان اجتماع امس بين المفاوضين عن الكتل السياسية لجنة المفاوضات المصغرة لتشكيل الحكومة أقر نهائياً اللجنة الامنية الوزارية"وتبقى صياغة بنود عملها والنص النهائي بشكل مكتوب توافق عليه الكتل السياسية رسمياً". كما ان الاجتماع بحث آلية عمل مجلس الوزراء على ان تستكمل خلال يومين للبدء جدياً في حسم المرشحين للمناصب. إلى ذلك، اكد عباس البياتي، العضو في"الائتلاف"ان الاخير سيقدم ضمانات إلى الكتل السياسية المشاركة في الحكومة ان اختياره للجعفري لن يضر بمسألة الوحدة الوطنية. وكان الجعفري زعيم حزب"الدعوة"فاز بمنصب المرشح لرئاسة الوزراء اثر عملية اقتراع داخل احزاب"الائتلاف"امام نظيره عادل عبد المهدي المرشح عن"المجلس الاعلى". من جانبه قال القيادي الكردي محمود عثمان ان"اجتماعاً للكتل السياسية عقد امس في منزل رئيس الجمهورية جلال طالباني ناقش النظام الداخلي للعمل الحكومي"مجلس الوزراء، مشيراً الى ان"شبه اتفاق تم التوصل اليه بين الكتل السياسية على آلية عمل مجلس الوزراء بعد الاتفاق على نقطة الخلاف الاساسية الملف الامني باعلان تشكيل اللجنة الامنية الوزارية"، واكد ان"موضوع حل الميليشيات او دمجها بالجيش العراقي بحسب الدستور رحل إلى البرلمان لإقراره او تعديله او تفعيله او تجميده، لانقسام الآراء حوله". واشار الى ا ن بقاء الازمة يعني وجوب تشكيل جبهة وطنية غير موجهة ضد أي فئة وان هذا المشروع سبق وطرح بين خمسة احزاب سياسية المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحركة الوفاق الوطني والحزب الاسلامي العراقي والحزبين الكرديين. وعن أزمة الجعفري، شدد عثمان على ان رأي"التحالف الكردستاني"لا يزال كما هو فضلاً عن موقف"التوافق"السنية و"القائمة العراقية"وهو وجوب ابداله بمرشح آخر. وبالنسبة الى زيارة وزيري الخارجية الاميركية والبريطاني اضاف انها تقع في اطار الضغوط الدولية للاسراع بتشكيل الحكومة وحل موضوع رئاسة الوزراء وهو احد الازمات امام اعلان الحكومة. وعن الضغوط الاميركية لتغيير الجعفري قال عثمان:"لم تتضح لدينا صحة اتصال الرئيس الاميركي جورج بوش بالسيد عبدالعزيز الحكيم حول ابدال الجعفري". وقال:"لو صح ذلك فإننا نرفضه لان أي تدخلات دولية واقليمية في تشكيل الحكومة ستعقد العملية السياسية"مشيراً الى ان مخرجاً قانونياً التصويت داخل مجلس النواب من شأنه حسم المرشحين للمناصب السيادية والوزارية اذا ما فشلت الكتل السياسية بالتوافق حولها. وجدد حسين الفلوجي عضو"جبهة التوافق"السنية تمسك قائمته بإبدال الجعفري، واعتبر انها غير راضية على اللجنة الامنية الوزارية بصورة تامة، وقال"نطالب بإبدال الجعفري مع ارتفاع الاصوات ضده داخل الائتلاف"واضاف"نحن غير راضين تماماً عن الاتفاق على الملف الامني، لكن لا يمكن الحصول على كل ما نريد". وكانت القائمة السنية طالبت بأن يرأس هذه اللجنة نائب رئيس الوزراء لشؤون الامن.