تشهد السعودية جدلاً واسعاً واتهامات متبادلة بين المستشفيات الخاصة وشركات التأمين، حول أسعار الخدمات الصحية، خصوصاً أن حجم سوق التأمين يتوقع أن يصل إلى صدور 15 او20 بليون ريال في السنوات المقبلة، ما يرفع نسبة مساهمة قطاع التأمين في الناتج القومي إلى أكثر من 2 في المئة، وأن يصل حجم أقساط التأمين الطبي إلى ما يراوح بين سبعة وتسعة بلايين ريال. وقال رئيس المطالبات الآجلة والتأمين في مستشفى المركز التخصصي الطبي في الرياض الدكتور سمير الكرنز:"إن مشكلة أسعار الخدمات الصحية بين المستشفيات وشركات التأمين موجودة وقائمة، لأسباب عدة منها أن بعض شركات التأمين تفرض أسعار معينة على المستشفيات، والبعض الآخر يضع أسعاراً مقطوعة بناءً على نظرتهم وخبرتهم في السوق"، مضيفاً أن"بعض الشركات لا تلتزم تنفيذ شروط العقد، وتمارس ضغطاً على المستشفيات عند السداد، كذلك مشكلة رفض الموافقة على بعض الإجراءات الطبية". وأشار إلى أن"أسعار المستشفيات المتفق عليها تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الاتفاق، وفي حال أراد المستشفى تغيير الأسعار بناءً على أي اتفاق يتم إبلاغ شركة التأمين بذلك، ويبدأ تطبيقها بعد ثلاثة أشهر من تاريخ التبليغ، أو في البوليصة المقبلة". موضحاً أن"وزارة الصحة تسعى إلى وضع قائمة موحدة للأسعار، وهو ما ترفضه المستشفيات، وأن الوزارة في السابق كانت طرفاً وسيطاً بين المستشفيات الخاصة وشركات التأمين، وتحولت الآن إلى طرف شريك في الضمان الصحي، وأصبح لديهم مركز أعمال"، مؤملاً أن"تحل هذه المشكلة وأن تتقيد الشركات بالأسعار، وتكون الأسعار مراقبة ومعتمدة من وزارة الصحة". وقال المدير العام لمستشفى دلة سليمان الطويان:"إن ما تواجهه المستشفيات مع شركات التأمين، يتلخص في سعي الشركات إلى تخفيض بوليصة التأمين بين المراكز والمستشفيات من ناحية، ورفض هذه الشركات بعض الإجراءات الطبية إلا بعد تخفيض التكاليف من ناحية أخرى"، مضيفاً أنه"لا يمكن التنازل عن الجودة من أجل تخفيض الأسعار لشركات التأمين، وأن المشكلة تتمثل في أن هناك قطاعات ما زالت تقدم الخدمات الطبية مجاناً ممثلة في وزارة الصحة ما يجعل من الصعوبة إقبال المواطنين على المستشفيات الخاصة". وأضاف أن"شركات التأمين بدأت في الفترة الأخيرة تصنيف الخدمات المقدمة إلى فئات تختلف أسعار كل فئة عن الفئة الأخرى طبقاً لدرجة تصنيف المستشفيات والخدمات التي تقدمها"، مبيناً أن"تطبيق التأمين الصحي التعاوني على المواطنين عام 2007، سيؤدي إلى زيادة الطلب على الخدمات الطبية في المراكز الأهلية". رد شركات التأمين نفى مدير التأمين الطبي في"التعاونية للتأمين"صالح العمير أن"تكون شركات التأمين مارست ضغوطاً على المستشفيات لتخفيض أسعار الخدمات الطبية"، مؤكداً أن"شركات التأمين راضية تماماً عن الأسعار الحالية، وترفض رفعها من قبل المستشفيات من دون مبرر"، موضحاً أن"بعض المستشفيات رفعت أسعار خدماتها بنسبة 100 في المئة في حين بقيت أسعار التأمين كما هي من دون زيادة". وأشار إلى أن"أحد المستشفيات كان يقدم لنا خدمة أشعة الرنين المغناطيسي بسعر 3000 ريال، ثم حصلنا على سعر من أحد مراكز الأشعة المتخصصة بسعر 1500 ريال، وعلمت إدارة المستشفى بذلك وعملت على تخفيض أسعارها إلى 800 ريال، ما يوضح إلى أي مدى كانت الأسعار غير عادلة، إما لأن المستشفيات لا تعرف كيف تسعر خدماتها لغياب نظام علمي دقيق لحساب التكلفة وإما لأنها تحاول الحصول على أضعاف الكلفة الحقيقية. وتوقع أن يشمل التأمين على الخدمات الصحية ستة ملايين مقيم في مرحلته الأولى، و16 مليوناً سعودياً في مرحلته الثانية. وقال مدير فرع شركة"مدنت للتأمين"في الرياض أسامة زكي:"إن بعض المستشفيات لا تلتزم بقائمة الأسعار التي تضعها، وتقوم برفعها من دون سابق إنذار لشركات التأمين، في حين أن شركات التأمين تأخذ المبالغ ذاتها التي كانت تأخذها من المواطنين كل عام من دون تغيير، مضيفاً أن تطبيق وثيقة التأمين الطبي الجديدة سيرفع حجم المبالغ التي تؤخذ من أي شركة، وتلزم المريض الدخول في البداية على طبيب عام، وبالتالي زيادة أعداد الأطباء العامين في المستشفيات. ودعا مسؤول التأمين والإدارة الصحية في جامعة الملك عبدالعزيز عبدالإله ساعاتي، المستشفيات والمراكز الصحية الأهلية إلى خفض الأسعار، مشيراً إلى دراسة أعدها، ترى أن10 بلايين ريال يمكن أن تغطي كلفة التأمين، في حين أن موازنة وزارة الصحة خلال هذا العام بلغت 16 بليون ريال، ما يعني تحقيق وفر ستة بلايين ريال".