اتخذ القاضي رؤوف عبدالرحمن رئيس المحكمة الجنائية العليا قراراً بتأجيل الجلسة ال23 لمحاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وسبعة من اعوانه في قضية الدجيل الى 15 ايار مايو المقبل. واستمعت المحكمة في الجلسة التي عقدت امس الى تقرير خبراء الأدلة الجنائية الذي افاد بصحة توقيع صدام وستة من المتهمين معه، على مستندات تربطهم بإعدام 148 من أهالي الدجيل عام 1982، وجاء في التقرير الذي تلاه احد القضاة ان"التواقيع الموقعة والهوامش المحررة على المستندات تطابق تواقيع صدام حسين على المراسيم الجمهورية"وبين التقرير ان نتائج الفحص اظهرت تطابق توقيع صدام حسين، الذي حصلت عليه المحكمة، مع تواقيعه التي ذيلت قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في عام 1983 والقاضي بإحالة المتهمين في قضية الدجيل الى"محكمة الثورة"والمرسوم الجمهوري الصادر في العام نفسه والقاضي بالمصادقة على قرار الاعدام، كما ان التواقيع والهوامش على المستندات، موضوع الفحص، كانت مطابقة لتوقيع المتهم برزان التكريتي على رسالته المعنونة الى وزير الخارجية العراقي عام 1992، ابان توليه منصب رئيس بعثة العراق للأمم المتحدة في جنيف. كما اظهرت النتائج تطابق تواقيع جميع المتهمين الآخرين عدا المتهم مزهر عبدالله كاظم مع النماذج المأخوذة منهم لغرض المقارنة. وختم خبراء الأدلة الجنائية تقريرهم بالاشارة الى ان عدم توفر المختبرات الكيماوية المتخصصة يحول دون تحديد عمر الوثائق المقدمة. واستغلت هيئة الادعاء العام رفض هيئة الدفاع التعليق على تقرير خبراء الأدلة الجنائية للقيام بعرض قرص سي دي مدمج، يضم تسجيلاً صوتياً لاحدى المكالمات التي جرت في عام 1986 بين الرئيس العراقي السابق والمتهم طه ياسين رمضان الجزراوي، بخصوص تجريف بساتين الدجيل، وبين الجزراوي خلال المكالمة الهاتفية مساحة الاراضي المشمولة بعمليات التجريف وتحديد المناطق المشمولة بالعملية واسماء اصحاب البساتين التي سيتم تجريفها، وقال الجزراوي في التسجيل الصوتي مخاطباً صدام حسين"تم تشكيل لجنة امنية وسيتم تنفيذ المشروع على مرحلتين بين المدينتين بلد والدجيل وبحدود 30 كلم"، حيث ستكون ارض البساتين ارضاً بيضاء، واضاف:"اما المرحلة الثانية فسيتم فيها تحديد الملكية، وسيتم تعويض اصحاب البساتين الذين لم يشتركوا في محاولة الاغتيال"، مشيراً الى ان التعويض سيكون بمنح هؤلاء أراضي زراعية بدلاً من المبالغ النقدية"، واكد"من كان لديه عقد مع الاصلاح الزراعي فسيتم تعويضه بدلاً عن الثلاثة دونمات أربعة او خمسة"، لافتاً الى ان اصحاب البساتين منحوا مهلة شهر يصار بعده الى تنفيذ المشروع. وزاد:"ستبنى بدلاً عنها مدينة جديدة وجميلة كما ستلغى جميع التجاوزات الحاصلة في المدينتين". وذكر الجزراوي خلال التسجيل ان"الموظفين والمعلمين سيتم استبدال آخرين بهم"وسنحاول توفير اراضٍ سكنية لهم وقد تم تشكيل لجنة بهذا الخصوص، وسيكون هذا التغيير في الواقع الاجتماعي بشكل هادئ. وشكر صدام حسين نائبه في نهاية المكالمة. يذكر ان هذا التسجيل الصوتي هو اول دليل تقدمه هيئة الادعاء العام، يربط بين الجزراوي وبين احداث الدجيل. وطلب محامو الدفاع مهلة لا تقل عن 45 يوماً لمناقشة الدليل الجديد القرص المدمج مع المتهمين الثمانية لأنهم لم يتسلموا هذا القرص إلاّ صباح يوم الجلسة. من جانبه شكك برزان التكريتي بصحة الوثائق المقدمة من قبل هيئة الادعاء العام في المحكمة وتساءل عن مصدرها ومكان وزمان الحصول عليها، متهماً رئيس هيئة الادعاء القاضي جعفر الموسوي باتباع سياسة الترغيب والترهيب في تعامله مع الشهود والمشتكين في القضية. وقال التكريتي في احدى المداخلات إن"رئيس هيئة الادعاء العام صرف مبالغ كبيرة من اجل تهيئة الشهود لهذه القضية"، واضاف في مداخلة اخرى:"انني اتحفظ على الوثائق والتواقيع التي عرضها الادعاء العام"، وقال ان التقنيات الحديثة في مجال الطباعة والنسخ باتت متطورة جداً ويمكن بواسطتها تزوير اصعب التواقيع والوثائق وتقديمها على انها وثائق اصلية. ولفت برزان الى ان معلوماته القانونية تفيد بأن الوثائق لا يعتدّ بها الا اذا حظيت بتأييد من المتهم او من شاهد يعتد بشهادته، وواصل كلامه بصوت جهوري"يا سيادة القاضي، يا أحرار العراق، ان الاشخاص الذين قررت المحكمة حكمهم بالاعدام لم نقتلهم، وهناك فرق هائل بين القتل وبين احالة متهمين بقضية الى المحاكم وفق القانون، كالفرق بين الارض والسماء"، وزاد"هذا تجن وظلم، كيف نقتل، نحن لسنا قتلة، نحن رجال بناء، نحن مناضلون، ورجال وطنيون"وذكر التكريتي ان"الجماعة"الذين نفذوا عملية الاغتيال كانت لديهم مدافع رشاشة نوع"ديمتروف"رباعية، اسقطوا بها طائرة هليوكوبتر وقتلوا طيارها اضافة الى اجهزة طبع وورق وادوية وملابس عسكرية ومواد"تي ان تي"ورمانات يدوية. واشار الاخ غير الشقيق للرئيس العراقي السابق الى ان أحد قياديي حزب"الدعوة"الذين نفذوا العملية وتحفظت المحكمة على اسمه هو من الذين قدموا الى العراق بعد سقوط النظام، وذهب الى بلدة الدجيل وعقد ندوة جماهيرية لاهاليها في المقر السابق للحزب، حيث طالبه الاهالي بفصل عشائري لانه كان سبباً في توريط ابنائهم في العملية"فنصحهم بتقديم شكاوى قضائية على كل من صدام حسين وعواد البندر وبرزان التكريتي وطه ياسين رمضان"، ثم ذهب هذا القيادي الى قاعدة البكر الجوية القريبة من بلدة الدجيل حيث دعي القاضي رائد جوحي، رئيس المحكمة الجنائية العليا الاسبق، وقابل الاهالي ودوّن شهاداتهم حيث لم يوافق غير 40 شخصاً على تقديم شكاوى، بعد ان وعدهم القيادي المذكور بوظائف وقطع ارض و15 الف دولار لكل منهم، بحسب برزان. ورد جعفر الموسوي، رئيس هيئة الادعاء، على تساؤلات رئيس جهاز الاستخبارات العراقي السابق، وقال ان المحكمة الجنائية المختصة تضم ضمن تشكيلاتها قسم الادلة الوثائقية، مشيراً الى وجود كوادر فنية وادارية في هذا القسم وأطنان من المستندات والاوراق تتعلق بجميع القضايا ومن ضمنها قضايا الدجيل وال91 والانفال، وأكد ان هذا القسم هو الذي يزود هيئة الادعاء بهذه الوثائق ثم تقوم الهيئة بتحديد صلاحية المستند لعرضه في المحكمة ام لا، لافتاً الى ان كل مستند يحمل تسلسلاً يضعه القسم المذكور كما يضع رقماً تسلسلياً للأقراص المدمجة. وشدد الموسوي على ان"هيئة الادعاء العام لا تملك حق السؤال عن مصدر هذه الوثائق والادلة". وزاد رئيس هيئة الادعاء"نحن لم نصرف فلوساً ولا علاقة لنا بالموضوع". وشكك المتهم علي دايح، هو الآخر، بصحة النتائج التي توصل اليها خبراء الادلة الجنائية، وقال في مداخلة مع القاضي خلال انعقاد الجلسة"ارفض كل ما ورد في التقرير المعروض على المحكمة لأنني لم اكتب كلمة من هذا القبيل طيلة حياتي"، وطالب بالاستفسار من عواد البندر، رئيس"محكمة الثورة"، عن عائدية المستند الذي قدمه فريق الخبراء الجنائيين ودوره في محاكمة وزير الداخلية العراقي آنذاك او رفع أي تقرير إليه، وأكد دايح انه كان موجوداً في الفرق الحزبية يوم وقوع الحادث كأحد اعضاء الجهاز الحزبي، وزاد"لم نكن نستطيع عمل شيء، وما يحدث محاولة لتشويه سمعتنا كوننا من وجهاء وشيوخ الدجيل"، ولفت الى امتلاكه مستندات كان يحتفظ بها في بيته تعود الى العام 1980 وصلته أخيراً، يمكن الاستفادة منها، وطالب بضمها الى الادلة التي تثبت عدم تورطه في قضية الدجيل. من جانبها، طالبت هيئة الدفاع، بعدم حرمان موكليها من الكلام وعدم اقتطاع مقتطفات من مداخلاتهم وحجبها عن الرأي العام بقطع البث. وقال احد محامي الدفاع، الذي حجبت صورته، ان"علنية الجلسات غير متوفرة بالمفهوم القانوني المتعارف عليه بحجة احتوائها على خطب سياسية، كما لا يسمح للآخرين بحضور الجلسات الا بعد الخضوع لاجراءات امنية مشددة"مما اثار استياء القاضي رؤوف عبد الرحمن الذي قال"الا يكفيكم البث الى جميع العالم"وطالب المحامي خليل الدليمي، رئيس هيئة الدفاع، بتأمين الحماية لشهود الدفاع واحاطة هوياتهم واسمائهم وعناوينهم بالسرية، مشيراً الى تلقي الهيئة آلاف الطلبات من المواطنين للادلاء بشهاداتهم، وقال:"نودع هذه الاسماء امانة في عنق المحكمة"وقرر القاضي الاستجابة لطلبه والايعاز له بوضعها في ظرف مغلق من دون السماح لهيئة الادعاء بالاطلاع عليها و"عدم الكشف عن قائمة الاسماء حماية لهم الى حين احضارهم والاستماع اليهم".