خالد بن سلمان يبحث العلاقات الثنائية مع وزيرة دفاع جنوب إفريقيا    الديوان الملكي: وفاة الأميرة جواهر بنت سعد بن عبدالعزيز بن عبدالله بن تركي آل سعود    الرئيس الفرنسي: تحدي المياه مرتبط بندرتها .. وتغيّر أوضاعها يجعل من الصعب توقع توافر كمياتها    السفارة في كوريا تدعو المواطنين لتوخي الحيطة والحذر وتجنب مناطق التجمعات    ولي العهد يلتقي مجموعة من القادة ورؤساء المؤسسات الدولية    نادي الاتحاد يكشف عن نتائج الفحوصات الطبية للاعبيه بيرجوين وعبدالإله هوساوي    8 مقاعد دولية وقارية للمبارزة    الهلال في التصنيف الثالث في كأس العالم للأندية    حسن حجاب لصندوق الموارد: الأهداف الاستراتيجية غير واضحة    تواصل الأمطار الغزيرة على جازان    المملكة تواصل توزيع المساعدات الإيوائية على النازحين في غزة    تعليم جازان تحتفي بيوم ذوي الإعاقة    وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية يكرم شركة المراعي في الحملة الوطنية للتدريب «وعد»    محافظ جدة يكرِّم 21 طالباً وطالبة من الفائزين بجائزة «صناعيو المستقبل»    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن عبدالله بن عبدالمحسن    مدرب ليفربول: لن نتعجل عودة أليسون من الإصابة    فرع الإفتاء بمنطقة جازان يطلق مبادرة اللحمة الوطنية"    إطلاق خدمة الامتثال بالتأمين الصحي للمنشآت في المملكة    التحالف ينفي تصريحات ومزاعم القيادي الحوثي حول جثمان شقيقه    إسرائيل تحذر: لن نميّز بين لبنان وحزب الله حال انهيار الهدنة    مدير تعليم الطائف التطوع قيمة إسلامية ومطلب مجتمعي    جمعية أصدقاء البيئة تشارك في مؤتمر الأطراف COP16 بالرياض    نائب أمير مكة يشهد توقيع مذكرة تعاون بين الإمارة وجامعة الطائف    تقنية نجران للبنات بنجران تنظم معرض فنون تقنية " تاريخ وأصاله"    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل"اليوم العالمي للسكري"    تشكيل الهلال المتوقع ضد الغرافة    الجيش السوري يُفشل محاولات «قسد» السيطرة على 7 قرى    المملكة نموذج عالمي للإصلاحات.. اتفاقية استراتيجية مع البنك الدولي لإنشاء مركز عالمي للمعرفة    «التجارة»: السجن والتشهير بمواطن ومقيم ارتكبا جريمة التستر في المقاولات    الهيئة الملكية لمحافظة العُلا تعلن زراعة 500 ألف شجرة وشجيرة    مجمع إرادة بالرياض: المضادات الحيوية لها تأثيرات نفسية تصل إلى الذهان    الصندوق العقاري يمنح مستفيدي الإقراض المباشر قبل عام 2017 خصمًا يصل %24 في حالة السداد المبكر    مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يستقبل طلاب البحرين    المياه الوطنية: إغلاق جزئي لشارع 18 بحيّي القزاز والعدامة لتنفيذ مشروع تحسين جودة مياه الشرب بالدمام    مذكرة تفاهم بين هيئة الصحفيين بمكة وجامعة جدة وكلية جدة العالمية للتدريب والتطوير    أكثر من 60 مفكرًا يشاركون في مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة الخميس المقبل    سفير قطر بالمملكة: التأييد الدولي التاريخي لملف استضافة المملكة لمونديال 2034 يؤكد مكانتها المرموقة    الكلية التقنية تكرم فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بجازان    أمير القصيم يتفقد محافظة النبهانية ويناقش احتياجاتها مع الأهالي والمسؤولين    أمير القصيم يكرم عددًا من رجال الأمن المتميزين في شرطة محافظة النبهانية    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. نائب أمير مكة المكرمة يرعى الملتقى العلمي لأبحاث الحج والعمرة    يجمع بين رواد الحِرف اليدوية من مختلف الدول.. «بنان».. تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب    مبادرات إنسانية    «إكس» تميز الحسابات الساخرة بملصق خاص    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 27 إلى لبنان    أهمية الداش كام وكاميرات المراقبة المنزلية    تطبيقات توصيل الركاب ما تزال غير آمنة    البشر القدماء يمتلكون رؤوسا كبيرة    تعليم سراة عبيدة يحتفي باليوم العالمي للطفل    تامر يكشف سراً مع أليسا عمره 12 عاماً    ولي العهد والرئيس الفرنسي يشهدان مراسم توقيع مذكرة تفاهم بشأن تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين حكومتي المملكة وفرنسا    أطباء في جدة يناقشون أسباب إصابة 17.9 % من البالغين بالسكر    لا تنحرج: تجاهلُها قد توصلك للموت    5 أغذية تصيبك بالكسل    محمد بن عبدالرحمن يلتقي مسؤولي "مكنون"    أدب القطار    رحم الله الشيخ دخيل الله    الشؤون الإسلامية تواصل تنفذ جولاتها الرقابية على الجوامع والمساجد بأبي عريش وفيفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشفافية الرقمية تواجه رقابة عربية على التدفق الإلكتروني للمعلومات
نشر في الحياة يوم 18 - 04 - 2009

تُعدّ الشفافية الرقمية Digital Transperancy، ويقصد بها التدفق الالكتروني الحر للمعلومات، من المميزات المهمة لشبكة الإنترنت بالنسبة الى العالم العربي، ولكنها أيضاً من أهم التحديات التي تواجه الحكومات العربية. ويعتقد البعض أن الاستخدام البطيء والمتأخر للإنترنت في بعض الدول العربية يرجع في المقام الأول إلى رغبة الحكومات في السيطرة على المعلومات.
هوامش ضيّقة للشفافية الرقمية
تتنوع ردود أفعال الحكومات العربية حيال الشفافية الرقمية بحسب هامش الحرية المتاح في كل دولة بشكل عام. إذ سمحت بعضها بهامش أكبر للحرية على الإنترنت مقارنة ببقية وسائل الإعلام في الدولة نفسها مثل مصر والأردن. ومال بعضها الآخر الإمارات العربية المتحدة مثلاً الى لتشدد في الرقابة على الشبكة الالكترونية الدولية بحجة أنها وسيلة اتصال غربية مملوءة بالمواقع"غير الملائمة"للثقافتين العربية والإسلامية. وهنا يثور سؤال محوري: إلى أي مدى يُمثّل التشدد سياسة ناجعة في التعامل مع الوسيط الرقمي الدولي؟
طبقاً لتقرير"منظمة حقوق الإنسان الدولية"هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch عام 1999، تمكنت بعض الحكومات الخليجية من الدخول الى الإنترنت منذ عام 1994، ولكنها حرّمت ذلك على المواطنين حتى عام 1999 لضمان وجود نظام جيد للسيطرة على ما سمته"الأشياء السيئة على الإنترنت". وعمد بعضها إلى"تمرير"الانترنت عبر عقدة مركزية محلية، ما يتيح السيطرة على محتوى الإنترنت من البيانات والمعلومات والبريد الإلكتروني وغيرها.
وتستخدم بعض الحكومات العربية برنامجاً اميركياً متطوراً باهظ الثمن اسمه"سيكيور كومبيوتنغز سمارت فلتر"Secure Computing's Smart Filter . ويعمل البرنامج من طريق منع الصفحات والمواقع التي تحتوي على كلمات"مفتاحية"معينة keywords أو أنواع مُحددة من الصور، التي لا تستسيغها تلك الحكومات عينها. وتُقدّر"هيومن رايتس ووتش"ان السلطات الخليجية تمنع نحو 200 ألف موقع إلكتروني سنوياً، توصف بأنها"مواقع مُضرَّة"، وخصوصاً تلك التي ترى انها قد"تتنافى مع الدين الحنيف والأنظمة الوطنية". ويتضمن المنع، بداهة، المواقع الإباحية، ولكنه يطاول مواقع تحتوي على مواد تنتقد أو تعارض النُظُم السياسية.
وبذا، يُمنع المواطنون من الدخول إلى أعداد كبيرة من المواقع التي قد تخرق القيم الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية أو الإعلامية أو الاقتصادية أو الدينيtة وغيرها. وبحسب رأي تلك المنظمة الدولية، يعترف بعض المسؤولين الخليجيين بتجاوز حدود المراقبة العادية أحياناً، لا سيما حينما يتعلق الأمر بالمواقع الطبية التي عادة تخلط برامج المراقبة بينها وبين المواقع الإباحية. فمثلاً إذا قام فرد ما بالبحث عن معلومات خاصة بسرطان الثدي أو البروستاتا، عادة ما لا يستطيع الدخول الى تلك المواقع لاحتوائها على كلمات قد تعتبر إباحية في سياق آخر، وبالتالي فإن برامج المراقبة تدرجها في قوائم المنع.
ويتساءل بعض الخبراء عن جدوى تلك الممارسات التي كثيراً ما تتذرع بحجة"حماية"المواطن. ويشير بعض المسؤوليين أيضاً إلى نوع من التأييد الشعبي لمسألة الرقابة على الانترنت.
ففي عام 2001 أعلنت إحدى الحكومات انها تتلقى مئات الرسائل من مواطنين يطلبون حظر مواقع بعينها. وكذلك فإنها لا تتلقى سوى القليل من طلبات رفع الحظر عن بعض المواقع"المظلومة".
وفي المقلب الآخر من الصورة عينها، يلجأ بعض المواطنين إلى خدمات قراصنة الإنترنت المحترفين لرفع الرقابة الحكومية. ويلجأ بعض مقدمي خدمات الانترنت خليجياً إلى استعمال خطوط دولية تخرج عن نطاق السيطرة الحكومية، في مسعى منهم للالتفاف على الرقابة.
قبضة الرقابة العربية تتراخى
على الجانب الآخر، تميزت بعض الدول العربية بحرية كبيرة في تعاملها مع الإنترنت، مثلما هي الحال في لبنان ومصر والأردن والمغرب. ففي مصر، وعلى رغم تطبيق قانون الطوارئ منذ عام 1981، إلا أن وضع حرية المعلومات تحسن تدريجاً على مدار السنوات الأخيرة.
وبالنسبة الى الإنترنت، لم تتدخل الدولة المصرية لحظر الدخول على أي مواقع، بما في ذلك مواقع منظمات حقوق الإنسان العالمية، وكذلك المواقع ذات التوجهات السياسية المعارضة للحكومة. وبدا ذلك واضحاً في السنة الماضية، اذ كان التواجد الأساسي لبعض الحركات والمؤسسات السياسية المعارضة على شبكة الإنترنت، مثل حركتي"كفاية"وپ"شايفنكم". وطبقاً لتقارير حديثة صادرة من منظمة"هيومن رايتس ووتش"، تعدّ مصر والأردن من الدول التي تسمح بنشر أخبار وتعليقات على الإنترنت، حتى وإن كانت تعرضت للرقابة، أو مُنعت، في الصحافة المطبوعة ووسائل الإعلام الأخرى. ويوجد في مصر أكثر من 180 مقدم خدمة يمكنهم الدخول الى الإنترنت من خلال بوابة الحكومة المصرية، أو أي بوابة دولية أخرى يفضلونها. ويضمن هذا الأسلوب من اللامركزية الفنية مستوى أعلى من حرية التعبير والشفافية الرقمية.
إلا أن هناك حالين سلطتا الضوء على مقدار حرية التعبير على الإنترنت في مصر.
برزت الأولى عندما أُلقى القبض على 55 من المثليين في حفلو على متن الباخرة النيلية"نايل كوين"في حزيران يونيو 2002. وقد استخدمت تلك المجموعة الإنترنت للترويج لنشاطاتها، مما ساعد الشرطة في الكشف عنه. وعلى رغم أن التهم الموجهة إليهم لم تتعلق بالإنترنت، فقد ساور ناشطو الإنترنت القلق على مدى حرية تدفق المعلومات على الشبكة الالكترونية.
ظهرت الحال الثانية في تشرين الأول أكتوبر 2005، حين اعتقل عبدالكريم نبيل سليمان المعروف باسم كريم عامر. والمعلوم ان كريم طالب مصري يعيش في الاسكندرية ويبلغ من العمر 21 عاماً، ويدرس القانون في جامعة الأزهر فرع دمنهور. واعتاد كريم الكتابة في مدونته الالكترونية، التي يعتقد البعض أنها السبب في اعتقاله. كما نشط في مجال حقوق المرأة، إضافة الى مراسلته لموقعي"الأقباط المتحدون"التابعة لأقباط المهجر، وپ"الحوار المتمدن"وهي صحيفة الكترونية ذات اتجاه يساري علماني.
وألقت مباحث أمن الدولة المصرية القبض على كريم يوم الأربعاء 26 تشرين الأول أكتوبر 2005 في منزله بعد أن نشر في مدونته الالكترونية مقالة تدين موقف المتطرفين المسلمين من حادثة المسرحية التي مٌثلت في كنيسة في الاسكندرية وأثارت استياء الكثيرين. ووصف كريم أولئك المتطرفين بأنهم"في قمة الهمجية والوحشية واللصوصية واللاإنسانية"وبأن سلوكياتهم"غاية في الوقاحة والإجرام والبشاعة". وصادرت السلطات مقالات كريم المطبوعة. واعتقلته لمدة 18 يوماً. وعلى رغم استياء الكثيرين مما كتبه كريم وادانتهم الشديدة له، فقد نادى هؤلاء بسرعة بإطلاق صراحه لأنه أصبح"سجين الرأي الالكتروني"الأول في مصر. واعتبروا ان اعتقاله يمثل خطراً شديداً على مستقبل حرية التعبير على الشفافية الرقمية في مصر. ولا تزال مُدوّنة كريم مفتوحة على الانترنت، محتوية على مقالاته بما فيها تلك التي تسببت باعتقاله.
الجدير بالذكر أن بعض الحكومات العربية بدأت أو زادت من جهودها لمراقبة تدفق المعلومات على الإنترنت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001، والمعلوم ان كثيراً من تلك الجهود نشأت نتيجة ضغوط من الولايات المتحدة من أجل مكافحة الإرهاب. ومن المثير للدهشة أن تفرض الدول العربية رقابة أشد وأكثر صرامة نتيجة لمطالب ونداءات الدولة الأكثر دعماً للحرية والديموقراطية في العالم. والمشكلة أن تلك الدول لا تقصر رقابتها على ما يسمى بالاتصالات"الإرهابية"أو حتى المواقع الإباحية، بل تشمل أي اتصالات تراها الدولة"غير ملائمة"لسياساتها. ويصعب ختام النقاش عن الشفافية الرقمية عربياً من دون الاشارة الى"مؤتمر حرية التعبير على الإنترنت"الذي استضافته المملكة المغربية عام 2004. وشهد هجوماً على الإجراءات المتشددة ضد الإنترنت. وأكد أن دعاوى"الأمن القومي"وپ"الحرب ضد الإرهاب"يجب الا تمثل مبرراً لتقليص الشفافية الرقمية وحرية التعبير على الإنترنت أو أي وسيلة إعلامية أخرى.
* أستاذة في الجامعة الاميركية في القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.