شهدت مدينة الاسكندرية الساحلية صدامات طائفية جديدة خلال اليومين الماضيين على خلفية اعتداءات استهدفت ثلاث كنائس صباح الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل مواطن قبطي وإصابة آخرين. فتطورت الصدامات التي كانت بدأت ظهر أول من أمس أثناء جنازة المواطن القبطي، الى اشتباك بين مسلمين وأقباط، أدى الى مقتل مواطن مسلم هو مصطفى محمد مشعل مقاول هدم الذي أُصيب بكسر في الجمجمة نتيجة ضربة بجسم صلب طوب أو حجارة، ولفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى مصطفى كامل في الاسكندرية. وتجمع عشرات الأقباط صباح أمس في جوار كنيسة القديس في منطقة سيدي بشر، ورددوا هتافات معادية للشرطة، وحمل بعضهم عصياً وأسلحة بيضاء لكن رجال الأمن تدخلوا لمنع وقوع صدامات جديدة بينهم وبين مسلمين. وتظاهر حوالى 30 شخصاً غالبيتهم من الأقباط ومعهم ممثلون عن جمعيات حقوق الانسان والمجتمع المدني أمام مكتب النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد في القاهرة أمس، وطالبوا بإعلان نتائج التحقيقات في اعتداءات الاسكندرية. والتقى عبد الواحد عدداً منهم من بينهم ممثلة حركة"كفاية"الدكتورة ايمان رسمي، وخالد علي من مركز هشام مبارك، ورئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان نجيب جبرائيل، وممثل عن مركز الكلمة ممدوح نخلة، والمفكر القبطي كمال زاخر. وأكد النائب العام أن التحقيقات لم تنتهِ بعد وستعلن نتائجها فور انتهائها، لافتاً الى أن غالبية الشهود تعرفت على المتهم محمود صلاح الدين عبد الرازق الذي اعتُقل، وسيقرر الأطباء ما اذا كان مريضاً نفسياً. وفرضت قوات الأمن اجراءات أمن مشددة على غالبية كنائس القاهرة، ولم تسمح لأي شخص بالدخول الى الكنيسة للاحتفال بأحد الشعانين، إلا بعد التأكد من هويته أو علامة الصليب على يده. وشوهد عدد من ألوية الشرطة وجهاز مباحث أمن الدولة عند كثير من الكنائس، وخصوصاً منطقة كنائس مصر القديمة والكاتدرائية الكبرى في العباسية وكاتدرائية العذراء في الزيتون. واعتقلت أجهزة الأمن في الاسكندرية 37 من مثيري الشغب من المسلمين والأقباط بعد أحداث العنف التي شهدتها منطقة المنتزه، وأسفرت عن تحطيم 35 سيارة و30 محلاً وتدمير واجهتي مسجد وكنيسة. لكن وكالة"أسوشييتد برس"أفادت أن عدد المعتقلين في أحداث الشغب وصل الى 50، فيما ارتفع عدد الجرحى الى 43 وقال مصدر أمني ل"الحياة"إن وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي أمر بارسال عدد من قيادات الأمن في وزارة الداخلية الى الاسكندرية للإشراف على عمليات تأمين الكنائس والمساجد، تفادياً لوقوع مزيد من أعمال العنف من الجانبين. وكان مدير المباحث في وزارة الداخلية اللواء عدلي فايد أول من وصل الى الاسكندرية في إطار تلك المهمة. وواصلت نيابة شرق الاسكندرية التحقيقات في وقائع ما جرى واستمعت الى أقوال عبد الرازق، في حين انتهت النيابة بإشراف المحامي العام المستشار سامي بريك من الاستماع الى أقوال 16 شاهداً من الكنائس الأربع، أكدوا أنه الذي هاجم الكنائس. وعاين خبراء المعمل الجنائي المناطق التي شهدت احداث العنف، وأدلى 12 جريحاً قبطياً في المستشفيات بشهاداتهم أمام وكلاء النيابة، أكدوا فيها أيضاً أن الشخص الذي طعنهم هو المعتقل. كما استمعت النيابة للمرة الثانية الى أقوال والدة المتهم زينب محمدين عثمان التي أكدت أن ابنها مصاب"بمس شيطاني واكتئاب"، وقالت إنه ارتبط بفتاة منذ عامين ثم تركها بسبب حالته النفسية السيئة. وتابعت أن المتهم توقف في الفترة الأخيرة عن تناول الدواء، وعلى رغم انها كانت تطحنه وتضعه له في الشاي، إلا أنه كان يرفض تناوله. وأكدت أنها عرضت ابنها على كثير من الاطباء في مستشفيات المعمورة ورأس التين ونور الاسلام، لكن رفضه تناول الدواء أدى الى حدوث مضاعفات وتدهور حالته النفسية. وقالت مصادر مطلعة إن المتهم أقر في التحقيقات باقتحام كنيسة مار جرجس وطعن ثلاثة أشخاص، ثم تخلص من حذائه واستقل الترام متوجهاً الى محطة مصر، ومن هناك استقل سيارة أجرة وتوجه الى كنيسة القديسين وطعن ثلاثة آخرين من دون أن يعلم ما اذا كان من طعنهم ماتوا أم لا. وبعدما مسح سلاحه توجه الى كنيسة العذراء في جناكليس، وحاول الهجوم على من في داخلها، لكن رجال الأمن طاردوه ففر واستقل الترام"الأزرق"الى كنيسة مار جرجس الكبرى في سبورتنغ حيث قُبض عليه. وأمرت النيابة بتحويل المتهم الى مستشفى المعمورة للأمراض النفسية والعصبية لوضعه تحت الملاحظة لفترة 45 يوماً، على أن يعرض هذا القرار على قاضي المعارضات اثناء تجديد حبسه اليوم الاثنين.