قلّل مسؤول إداري واستشاري في صندوق النقد الدولي من مخاطر تقلبات أسواق المال العربية على استقرار النظام المالي العالمي، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن الارتفاع السريع لمؤشرات هذه الأسواق اعتمادا على عدد محدود نسبيا من الشركات المدرجة ينذر بحدوث عملية تصحيح جسيمة لا يستبعد أن يكون لها آثار سلبية تطاول النظام المصرفي للمنطقة برمته. وأكد مستشار ومدير إدارة أسواق رأس المال العالمية غيرد هوسلر في مؤتمر صحافي عقده بمناسبة اصدار صندوق النقد تقريره نصف السنوي المهم "الاستقرار المالي العالمي"أول من أمس بأن أسواق المال العالمية تواجه مخاطر يمكن أن تؤثر في أداء مؤشراتها في الفترة المقبلة، إلا أن تقلبات أسواق المال العربية وخصوصاً الخليجية ليست واحداً منها. وأوضح هوسلر الذي عقد مؤتمره الصحافي في مبنى المصرف المركزي البريطاني بانك أوف إنغلاند بأن أهم المخاطر التي تواجه أسواق المال العالمية تتركز في احتمال ارتفاع معدل التضخم وأسعار الفائدة، مشيراً إلى أن استمرار نمو الاقتصاد العالمي وانخفاض معدل البطالة يمكن أن يؤديا إلى تشكيل ضغوط تضخمية خصوصاً في حال سجلت أسعار النفط زيادات جديدة. وشدد على أن التوقعات الحالية للتضخم لا تدعو للقلق، لكنه اعترف بأن أي ارتفاع مفاجئ في مؤشر التضخم سيدفع بأسعار الفائدة القصيرة والطويلة الأجل إلى مستويات غير متوقعة، وهو ما من شأنه أن يحدث اضطراباً في أسواق المال، مشيراً إلى أن ارتفاع عائد السندات الحكومية الأميركية الطويلة الأجل بما يصل إلى نصف نقطة مئوية في الأسابيع القليلة الماضية عكس مخاوف السوق في هذا الاتجاه. وأكد بأن أثر المخاطر التضخمية على أسواق المال سيكون مضاعفاً لاجتماعه مع توقع تباطؤ نمو أرباح الشركات الداعم الأساس لأسعار الأسهم، وإن استبعد احتمال حدوث عمليات تصحيح حادة تستعيد ذكريات فقاعة أسهم التكنولوجيا في ربيع عام 2000 ، لافتاً إلى أن تقويمات القيمة السوقية ممثلة بنسب سعر السهم إلى ربحيته تقترب من مستوياتها التاريخية في معظم الأسواق العالمية. أسواق المال العربية لكن هوسلر استثنى أسواق المال العربية من احتمال التعرض لعمليات تصحيح خطيرة وعزا ذلك إلى أسباب أهمها الارتفاع الحاد الذي سجلته مؤشراتها في العامين الماضيين وافتقادها إلى العمق الاستثماري، في إشارة إلى العدد المحدود من الشركات المدرجة، إضافة الى المستويات المرتفعة لمتوسط تقويمات القيمة السوقية للأسهم المتداولة. ولفت خصوصاً إلى أن أسواق المال الخليجية ضاعفت قيمتها السوقية في العام الماضي لتصل إلى أكثر من تريليون دولار، وأن متوسط تقويمات أسهمها راوح بين 30 و40 ضعف ربحيتها، بينما بلغ متوسط تقويمات الأسهم في اليابان في بداية العام الجاري 23.6 ضعف وفي أميركا 18.6 ضعف وفي ألمانيا 17.5 ضعف وفي أوروبا 15.3 ضعف وفي الأسواق الناشئة 15 ضعفاً وفي بريطانيا 13.9 ضعف. ولاحظ هوسلر بأن طفرة أسعار النفط واستثمار جزء من مكاسبها محلياً لعب دوراً أساسياً في الارتفاع السريع الذي حققته مؤشرات أسواق المال، ليس في منطقة الخليج وحسب بل أيضاً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى. ورأى بأن المخاطر الرئيسة التي تواجه هذه الأسواق تكمن في الارتفاع السريع والمتزامن لمستويات الاقتراض الائتماني وأسعار الأصول الاستثمارية، محذراً من أن حدوث خفض في أسعار النفط بمكن أن يؤثر سلباً في النظم المالية لبعض البلدان. وقال إن"المصارف المحلية تنشط في توفير خدمات الوساطة للمستثمرين الأفراد في أسواق مال الشرق الأوسط، وإن الارتفاع السريع لمؤشرات الأسهم اعتماداً على عدد محدود من الشركات المدرجة ينذر بحدوث عملية تصحيح جسيمة يحتمل أن يكون لها تداعيات خطيرة تطاول النظام المصرفي للمنطقة برمته". لكن هوسلر أكد بأن دول المنطقة ستكون قادرة على الحؤول دون حدوث عمليات تصحيح خطيرة من طريق تعميق أسواق المال لزيادة الفرص المتاحة للاستثمار المجدي وكذلك تجنب الوقوع في حبائل المسؤولية الأخلاقية بتشجيع المستثمرين على أن يحملوا أعباء الاستثمار في أسواق المال وتبعاته وألا يتوقعوا من الحكومة انقاذهم في الأزمات.