سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الشتات التحاق فلسطيني مبكر بپ"القاعدة" ... وفي الداخل تأخر في استقبالها . "الجهاد العالمي" يسرع خطاه الى الضفة الغربية وغزة بعدما شكل "الجهاد الوطني" حكومته 2 من 2
بعدما تناولت حلقة امس "القاعدة" في الشتات الفلسطيني ومحاولات ايصالها الى الداخل، تتناول حلقة اليوم التيارات"السلفية الجهادية"داخل مدينة غزة ومناطق الضفة الغربية، وترصدً الفارق بين"الجهاد العالمي"الذي تبنته"القاعدة"والجهاد الوطني"الذي تخوضه الأحزاب والحركات الأسلامية الفلسطينية مثل حماس والجهاد الأسلامي. كما نتناول اليوم مسألة البيئة الأسلامية الحاضنة للأفكار"الجهادية"، ومعلومات عن بدايات اختراق ل"القاعدة" في غزة ترجِّح مصادر أمنية وأخرى"جهادية"في عمان ان تلعب شبكة الإنترنت دوراً كبيراً في بناء شبكات لپ"القاعدة"داخل الضفة الغربية وقطاع غزة. ويقول ناشط فلسطيني إسلامي"نحن لا نتحدث عن إيصال أفكارنا عبر الشبكة، فأفكارنا وصلت، وانما نتحدث عن بناء تنظيم وهو أمر يحتاج الى استعدادات هي اليوم متوافرة اكثر من اي يوم سابق وإمكان التفلت من المراقبة امر ممكن عبر الشبكة فقط". ويتحدث مسؤول أمني أردني عن جيل"قاعدي"جديد محترف ويتمتع بقدرات"اتصالية"عالية تمكنه من الوصول الى مناطق خارج الرقابة الأمنية. الباحث حسن هنية يرى ان اللحظة مناسبة لپ"القاعدة"لبدء التأسيس في الداخل لكنه يتوقع ان تستمر مرحلة التأسيس سنوات قليلة قبل بدء العمل الفعلي. ويقول:"انها طريقتهم في العمل، ففي بداية تسعينات القرن الفائت كان مناصرو القاعدة والفكر السلفي الجهادي قلة في الأردن، وبعد ان اتُخذ القرار ببدء العمل لم تمض سنوات قليلة الا وكانت القاعدة منتشرة ولها جماعات وانصار". يعزز ما قاله هنية كلام لأحد الناشطين في"التيار السلفي الجهادي"اذ قال ان"اي عمل ينسب اليوم الى"القاعدة"في الضفة وغزة سيكون بمبادرة شخصية وستقوم به مجموعات غير منظمة والفرع الفلسطيني لپ"القاعدة"لن يبدأ العمل قبل اكتمال التحضيرات". ولكن ما هي تلك اللحظة التي أشار اليها اكثر من مصدر؟ لماذا دقت ساعة عمل القاعدة في الضفة والقطاع؟ الإجابة الدائمة تفاوتت بين الهدنة التي أعلنتها حركة"حماس"وانخراطها في العملية السياسية وفوزها بالانتخابات. ولا يبدو هذا الكلام نظرياً او تحليلياً إنما ايضاً مبنياً على معلومات لدى اكثر من جهة امنية وسياسية في عمان تشير الى بداية تململٍ في القيادات والقواعد في الجناح العسكري لپ"حماس". خصوصاً ان الانتقال الى العمل السياسي والتفاوض يترك قطاعاً واسعاً من ناشطي الحركة للاستهداف الإسرائيلي الذي لم يتوقف، في وقت قررت فيه القيادة السياسية نقل جهودها الى صعيد آخر. فپ"حماس"التي فازت على نحو فاجأ قيادتها اصلاً لم تكن أعدت نفسها وقواعدها للدور الذي اضطلعت به اليوم. ولطالما عرّضت المراحل الانتقالية تنظيمات مثل"حماس"لارتجاجات داخلية سينجم عنها بحسب اكثر من مراقب انشقاق مجموعات راديكالية، وستعزز سياسة الاستهداف الإسرائيلية الميل الانشقاقي هذا. يؤكد ابو محمد ان نحو مئتين من الجناح العسكري لپ"حماس"في مدينة غزة يقودهم مسؤول عسكري معروف بدأوا اتصالات مع جهات خارج الحركة احتجاجاً على الهدنة. ويتحدث"السلفيون الجهاديون"في الأردن عن رسالة وجهت عبر موقع الكتروني من قيادة"تنظيم القاعدة"الى"المجاهدين في فلسطين"موقعة من المقداد عمر، حملت نصائح ودعوى لعدم الالتزام بالهدنة ورفض العملية السياسية. واشاروا الى ان الرسالة وُجهت الى المسؤول العسكري لكتائب القسام محمد ضيف وانه قرأها، وهي نشرت على موقع خاص ب"القاعدة"في فلسطين هوWWW.ALOMMH.NET. عوامل كثيرة تجعل من الربط بين صدمة استلام حماس السلطة وبين تمكن"القاعدة"من اختراق مناطق الضفة والقطاع امراً ممكناً. اذ ان تمكن الجماعات"السلفية الجهادية"من الوصول والانتشار في البيئة الأردنيةوالفلسطينية حصل وفق منطق مشابه. فهذه الجماعات في الأردن هي في شكل او آخر انشقاقات راديكالية عن جماعة الأخوان المسلمين في الأردن. شيوخ ودعاة وناشطون شعروا بأن جماعة الأخوان لا تلبي تطلبهم العنفي. وشكل انخراط الإخوان في الحياة السياسية وتحالفها مع الملك ثم توزير مسؤولين فيها ولاحقاً خوضها الانتخابات النيابية لهؤلاء خروجاً عن مفهومهم للدعوة. وهذه الانشقاقات حصلت في البداية في البيئة الفلسطينية في الأردن ولم تنتقل الى البيئة الاخوانية الشرق اردنية الا في اوائل تسعينات القرن المنصرم. وپ"حماس"هي امتداد فلسطيني لحركة الأخوان المسلمين الأردنيين، وربما فاق الوليد والده حجماً ودوراً، ولكن جينات الوالد حاضرة في المجتمع"الحماسي". ويضاعف من قيمة هذه المعادلة حقيقة ان"حماس"نشأت بدفع من صقور الأخوان الأردنيين ومن قطبييها، وما يميز"حماس"عن تنظيمات الإسلام"الجهاد العالمي"هو ما يسميه حسن هنية"وطنية سلفيتها"، وهنا ندخل في منطقة ضيقة يسهل فيها القفز بين الفروق الطفيفة للاعتقادات. "حماس"هي اليوم مجتمع الاخوان المسلمين في الضفة والقطاع، كما هي مجتمعهم في المخيمات الفلسطينية في الأردن. وكما كانت هذه المخيمات الاخوانية المحاضن الفعلية لجماعات"الجهاد العالمي"الخارجة من عباءة الاخوان، يُتوقع ان يشكل مجتمع الاخوان في الضفة الغربية اليوم محاضن وان موضعية للخارجين عن"حماس"ممن دفعت بهم ظروف المواجهة مع اسرائيل الى التحول الى هدف محتمل للاغتيال والقتل. علماً ان ثمة معضلة فعلية تواجه عملية التسوية اليوم وتتمثل بأن مئات، وربما اكثر، من الناشطين في"حماس"وغيرها من الصعب تحولهم الى العمل السياسي على رغم دخول"حماس"في هذا العمل وتشكيلها الحكومة. ويقول مصدر امني اردني" المقدسي عصام البرقاوي والزرقاوي لم يعملا في السابق في الضفة والقطاع. في الفترة السابقة اقتصرت الحرب على"حماس"وپ"الجهاد"وپ"فتح"من جهة وعلى اسرائيل من جهة اخرى. لم يكن الوقت متاحاً ولم يكن هناك استرخاء لبناء خلايا عبر الكتب والإقناع. كانت أهداف"القاعدة"مصالح غربية وهو امر لو حصل في فلسطين لكان اصطدم بمصالح"حماس"وپ"الجهاد". والذي تغير الآن هو مشاركة"حماس"في الانتخابات الفلسطينية وتشكيلها الحكومة، وهذا الأمر سيولد تذمراً في أوساط الجناح العسكري". لا معلومات محددة لدى الأمن الأردني عن نشاط لپ"القاعدة"في الضفة الغربية على رغم ميل الأجهزة الأمنية الأردنية الى الاقتناع بأن الأمر ممكن. اما في غزة فتجزم مصادر هذه الأجهزة ان ثمة من بدأ يعد نفسه للإلحاق بپ"القاعدة". وكشفت هذه المصادر عن ان مجموعة العشرة ناشطين في"القاعدة"في غزة تم تجنيدهم عبر الانترنت وانهم اليوم في مرحلة الإعداد والتحضير، وان هذه المجموعة تستعمل في تحركاتها وسائل تمويه لم يسبق ان اعتمدتها تنظيمات فلسطينية مثل تكليف نساء بمهمات الاتصال ونقل الأسلحة. ولاحظت هذه المصادر تزامن ذلك مع بداية اعتماد ابو مصعب الزرقاوي في العراق على النساء في عددٍ من المهمات والتحركات. وفي سياق ربط المعلومات عن تحرك هذه الجماعات في غزة وبين ما يجرى في العراق لفتت المصادر الأردنية الى ان اسم التنظيم"التكفيري""كتائب الناصر صلاح الدين"الذي يعمل في غزة ويقوده جمال ابو سمهدان، تستعمله ايضاً جماعة تعمل في العراق وتصدر بيانات تتبنى فيها عمليات ضد الأميركيين والجيش العراقي. وليس لدى الأمن الأردني معلومات عن علاقة بين التنظيمين ولكن الأمر بالنسبة اليهم يحتاج الى التوقف عنده، ويشير الى بداية تماه بين الجماعات في العراقوغزة. اما سبب تقدم غزة على الضفة في استقبال"الفكر السلفي الجهادي"وتنظيماته العسكرية والأمنية فمرتبط الى حد كبير بالكثافة السكانية العالية وبانتشار الأحزاب الإسلامية منذ بداية الانتفاضة الأولى. كما ان الرقابة الإسرائيلية على الضفة الغربية كانت اشد منها على القطاع. وهنا لا بد من الإشارة الى الدور الإسرائيلي في تعويم التيارات الإسلامية في نهاية سبعينات القرن الفائت في مواجهة"فتح"والتيارات القومية واليسارية التي لعبت ادواراً في بداية الانتفاضة الأولى. فإسرائيل كانت خبرت حركة الاخوان المسلمين وخياراتها التقليدية واعتبرت ان براغماتية هذه الحركة ربما كانت مدخلاً لتمثيل فلسطيني بعيد من منظمة التحرير الفلسطينية. لكن الإسرائيليين تفاجأوا بسرعة انتشار الحركات الإسلامية وبتحولها الى حركات مقاومة، وادركت متأخرة ان المواجهة المقبلة ستكون مع هذه التيارات وكانت الخطوة الأولى قيامها بإبعاد عدد من ناشطي"حماس"الى منطقة مرج الزهور في لبنان في مطلع تسعينات العام الفائت. وغزة كانت مسرح الميل الإسرائيلي الأول للتعاطي الهادئ مع الاخوان المسلمين الفلسطينيين وهي ايضاً كانت مسرح المواجهات الأولى معهم. ففي نهاية السبعينات لم تعترض السلطات الإسرائيلية على إنشاء الجامعة الإسلامية في غزة، وهذه الجامعة تحولت الى احد المحاضن الفعلية للحركات الإسلامية في المدينة. وحاولت اسرائيل استثمار ثنائية ما يسمى الداخل والخارج مراهنة على استمالة الداخل بصفته بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، والاخوان كانوا جزءاً من هذا الداخل. في مرحلة لاحقة اكتشف الإسرائيليون عقم رهانهم هذا، فقد اكتشفوا متأخرين ان تلك البيئة سيسهل استثمارها من قبل الراديكاليين. وطبعاً يذكر تأخرهم هذا بتأخر الأميركيين في توقع ما أفضت اليه ظاهرة الأفغان العرب التي ساهموا في تعاظمها. غزة تحولت مع بداية الانتفاضة الى المنطقة التي يشار الى الحركة الإسلامية فيها بوصفها الداعي الى"تعجيل الجهاد". فپ"حماس"التي ظهرت مع بداية الانتفاضة الأولى شهدت نقاشاً بين جناحين اخوانيين داخلها جناح"غزي"يدعو الى استعجال"الجهاد"واعلان إنشاء الحركة وآخر من الضفة الغربية فضل في البداية ان يسبق الإعلان عمل في التثقيف والتعليم بما يمهد لهذا الإعلان، وفي النهاية تمكن أصحاب الرأي الأول من فرض توجههم. لا يعني هذا العرض لبداية نمو حركات"المقاومة الإسلامية الفلسطينية"في غزة ربطاً بين البنى التنظيمية لهذه الحركات وبين شبكات"الجهاد العالمي"و"القاعدي"، ولكن البنى الأجتماعية والدينية متقاربة بحيث لا يمكن للباحث في إمكان ان تجد"القاعدة"موطئ قدم لها في غزة او الضفة الغربية إلا ان يبحث في البيئة الحركية الإسلامية اولاً. فالمسار نفسه يمكن رصده في معظم مسارات الحركات الراديكالية. ولكن وفي الحال الفلسطينية من الممكن رصد حركة معاكسة ايضاً. ففي مقابل المسار المعهود لشخصيات راديكالية اسلامية فلسطينية بدأت عملها بالقضية الفلسطينية ثم تجاوزتها او"هجرتها"الى أفغانستان عبدالله عزام او"لندنستان"أبو قتادة اي انتقلت من"الجهاد الوطني"الى"الجهاد العالمي"، ثمة من بدأ في"الجهاد العالمي"ثم انتقل الى"الجهاد الوطني"من أمثال قادة"حركة الجهاد الإسلامي"عبدالعزيز عودة وفتحي الشقاقي ورمضان شلح. فهؤلاء ذهبوا الى مصر في بداية السبعينات للدراسة وهناك التقوا برموز الجماعات الإسلامية القطبية التي كانت بدأت تنشط في الجامعات المصرية حينها وتأثروا بصالح سرية الذي زاملهم في الجامعة، وبمحمد سالم الرحال، وكذلك بالناشطين المصريين من امثال عبدالسلام فرج. واعتقل المصري عبدالعزيز عودة وفتحي الشقاقي من قبل الأمن المصري نتيجة علاقتهما بپ"حركة الجهاد"المصرية. كما ارتبط لاحقاً قادة"حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين"بپ"الثورة الإيرانية"وزاروا طهران في بداية الثورة، لكنهم وعلى رغم احتكاكهم بتجارب"الجهاد العالمي"عادوا وأسسوا حركتهم"الفلسطينية"في غزة. ويمكن هنا تسجيل ملاحظة حول الفارق بين معتنقي"الجهاد العالمي"بعد تجارب وطنية، وبين العائدين من"الجهاد العالمي"الى"الجهاد الوطني"، هو ان معظم الأولين من أبناء الشتات الفلسطيني وتحديداً مخيمات الأردن، بينما الآخرون هم من الداخل وتحديداً من مدينة غزة. من الممكن سحب هذه العلاقة التماثلية بين الجهادين الوطني والعالمي على بدايات نشوء حركة"حماس"وان على نحو مختلف. فقد شهدت الحركة بحسب مقربين منها في تلك الفترة تجاذباً بين قيادات الخارج القادمة في حينها من الكويت عقب حرب الخليج الثانية خالد مشعل ومحمد نزال وعماد العلمي وموسى ابو مرزوق وقيادات الداخل في غزة عبدالعزيز الرنتيسي ومحمود الزهار واسماعيل ابو هنية. قيادة الخارج كانت تريد الانتقال من"المقاومة"السلبية عبر الأطر الشعبية والتحركات الاحتجاجية، الى المقاومة"الإيجابية"اي العمل العسكري المباشر. اما قيادة الداخل فكانت تريد الاستمهال. اذاً لطالما كان الخارج والشتات اكثر راديكالية من الداخل، وهو أمر يفسر ايضاً بعض جوانب تأخر"القاعدة"بالوصول الى الداخل الفلسطيني، هذا التأخر الذي يقول بعض المترددين على الأوساط"القاعدية"انه يسبب الكثير من الأرباك في الوسط"الجهادي السلفي"ويطرح شكوكاً واسئلة حول دور هذه الجماعات ووظيفتها. على نحو ما كانت"عالمية"دعاوى عبدالله عزام"الجهادية"غير منفصلة عن معضلته الفلسطينية، كذلك لا تخلو فلسطينية حركة"الجهاد الإسلامي"، وحركة"حماس"وان بدرجة اقل، من"عالمية"لطالما نقلت نزاعات في مناطق بعيدة من العالم الى قلب القضية الفلسطينية. وفي منطقة المراوحة هذه تجد"القاعدة"حظوظها في القضية الفلسطينية. انها المنطقة التي تضيع فيها الحدود بين فلسطين كوطن وفلسطين كوديعة مقدسة، وهذه الثنائية تكاد تكون ملمحاً ثابتاً في الهوية الفلسطينية، ولكنه ملمح يعرضها الى ضياع الأرض وبقاء الفكرة. هذا الافتراض يوازي تماماً الفارق بين"السلفية الوطنية"وپ"السلفية الجهادية العالمية"والتنقل بينهما، فكيف سيكون الحال اذا لم يكن للأولى اصل متين في كتب السلف واجتهادات اتباعهم؟ ربما تمثل الجواب بعد الانتخابات الفلسطينية بأن من السهل هجرها والالتحاق بپ"الجهاد العالمي". وبالأضافة الى سلفية"حماس""الوطنية"لطالما انتشرت في مناطق الضفة الغربية وحتى في داخل مناطق الخط الأخضر جماعات سلفية خارج حركة الاخوان المسلمين. وحدث اكثر من مرة ان خرج عن هذه الجماعات افراد ومجموعات"جهادية"بعضها تم تفكيكه وأخرى انتقلت الى العمل الدعوي. ففي 1979 أسس الشيخ عبدالله نمر درويش وهو من عرب اسرائيل تنظيم"اسر الجهاد"ونفذ هذا التنظيم عمليات عسكرية عدة قبل ان يعتقل مؤسسه ويسجن لمدة خمس سنوات. وبعد الإفراج عنه أعلن عن تراجعه عن افكاره وأسس الحركة الإسلامية في فلسطين وانخرط في العملية السياسية الإسرائيلية. وهناك شخص آخر في الضفة الغربية هو ضياء الدين القدسي وهو ممن خاضوا التجربة الأفغانية وعاد الى الضفة واستطاع تكوين مجموعة مناصرين، لكنه اليوم معتقل ايضاً. يقول مسؤول سابق في السلطة الفلسطينية رفض ذكر اسمه"التفكير السلفي الجهادي الذي نعرفه بدأ يتغلغل في مرحلة متأخرة في الضفة الغربية. وبدأت مجموعات صغيرة بالتشكل في اكثر من منطقة عن طريق الإنترنت والكتب والمنشورات التي تصل من الأردن ومن مصر. هذا الأمر سيكون الشغل الشاغل للأجهزة الأمنية الإسرائيلية في السنوات الثلاث القادمة". اما المسؤول الأمني الأردني فيقول ان السلطات الأدرنية لا تتابع الجماعات السلفية الجهادية في غزة بلنا ومن المهم معرفة قنوات اتصالها بالخارج حتى يتم تحديد إمكاناتها وأهدافها". "السنوات الثلاث المقبلة ستكون سنوات"القاعدة"في الضفة والقطاع"يردد هذه العبارة في الأردن مسؤولون سياسيون وأمنيون ومتابعون لپ"مسارات القاعدة"، وپ"جهاديون". فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية أيقظ هذا الافتراض، وكذلك انسداد أفق التسوية. .انشقاقات إقليمية في "القاعدة"... والزرقاوي تحدى المقدسي بتفجيرات عمان شرح مسوول أمني أردني لپ"الحياة"آلية عمل تنظيم"القاعدة"في الأشهر الأخيرة كما رصدتها اجهزة الأمن الأردنية، فقال إن هناك ثلاثة انواع من العمليات التي ينفذها تنظيم"القاعدة"في العالم. الأول هو الذي يصدر ايمن الظواهري اوامر مباشرة بتنفيذه، والثاني هو الذي تترك تقديراته للمجموعات والشبكات المنتشرة في العالم، والنوع الثالث هو ذلك الذي يتم الأيحاء به عبر المواقع الألكترونية"الجهادية"والتي تتضمن صفحاتها في الكثير من الأحيان رسائل مشفرة لأناس محددين تكون بمثابة تكليفهم بمهمات وعمليات. وأكد المسؤول الأمني ان كلاً من اسامة بن لادن وايمن الظواهري مختبئان في ولاية وزيرستان الباكستان. وكشف عن ان بن لادن عين أخيراً مسؤولاً للعلاقات الخارجية في"القاعدة"وهو مصري يدعى سعيد، وكان عمل سابقاً مسؤولاً مالياً في التنظيم. وقال ان ثمة انشقاقات شهدتها"القاعدة"في الآونة الأخيرة كان ابرزها انفصال ابو الليث الليبي، الذي استقل بمجموعة مناصرين له وفضل العمل منفرداً داخل افغانستان، ورجح ان تكون وراء هذه الانشقاقات قيام بن لادن بتقريب المصريين اليه على حساب محازبيه من الجنسيات الأخرى. المسؤول الأمني اشار الى ان بن لادن اعاد تعيين امراء للمناطق، فعين اميراً لأوروبا وآخر لبلاد الشام سورية ولبنانوفلسطينوالأردن وهو سوري يتنقل بين لبنان وسورية ويحاول تجنيد ناشطين من البلدين. ولفت الى ان ابو مصعب الزرقاوي هو امير العراق فقط، وان العمليات التي نفذها او حاول الأخير تنفيذها في الأردن تدخل في سياق عملية انتقامٍ خاصة للزرقاوي في الأردن. مصدر آخر وصف عمليات فنادق عمان التي نفذها الزرقاوي بأنها رسائل داخلية اراد الزرقاوي توجيهها الى شيخه ابو محمد المقدسي الذي سبق ان كتب رسالة للزرقاوي من سجنه المح فيها الى الحصار الذي يعانيه"الجهاديون"في الأردن جراء وضع الزرقاوي اياهم في مجال الشبهة. وذكر الزرقاوي بصعوبة اعتماده على اردنيين في عملياته في الداخل. ويبدو ان الرسالة خلفت مرارة بين الرجلين واراد الزرقاوي ان يقول لشيخه:"ما زلت استطيع التحرك في الأردن"وقام بتفجير الفنادق عبر عراقيين هذه المرة. رحلة"جهادي"فلسطيني الى جبال الپ"اندوكوش" في ما يأتي رواية لفلسطيني عائد من افغانستان: "عندما قررت الذهاب الى أفغانستان عام 1987 لم يكن قراري ناجماً عن قناعة ولدها فيّ احتكاكي بمشايخ المجاهدين. قررت الذهاب من تلقائي. كنت هنا في الأردن أتابع أخبار المجاهدين في أفغانستان واقرأ منشوراتهم التي كانت توزعها حركة الأخوان المسلمين، وكانت فلسطين بعيدة المنال. قصدت السفارة الباكستانية في عمان، وكان رئيس الوزراء الباكستاني في حينها ضياء الحق يشجع على الذهاب الى باكستان للجهاد، ولكن كان ذلك يتم عبر الجمعيات والأحزاب الإسلامية لا بمبادرات فردية. وبناء على ذلك لم تقبل السفارة في البداية إعطائي تأشيرة دخول، الى ان أعدت المحاولة مدعياً انني أريد الذهاب لأتقدم بطلب انتساب الى إحدى الجامعات الإسلامية في العاصمة الباكستانية، فنلت التأشيرة. انزلتني الطائرة في مطار كراتشي، ومن كراتشي استقلت طائرة أخرى الى بيشاور، وما ان وصلت الى المطار حتى اتصلت ببيت الأنصار الذي كان أعده الشيخ عبدالله عزام لاستقبال المجاهدين العرب، وكنت حصلت على رقم هاتف بيت الأنصار من احدى المجلات التي كانت تصدرها جماعة الاخوان المسلمين في الأردن. وجاء لاستقبالي احد الأخوة المكلفين تنظيم قدوم المجاهدين العرب. وصلت الى دار الضيافة التابع لبيت الأنصار حيث أمضيت اياماً قليلة قبل ان يتم توزيعنا على معسكرات التدريب ولاحقاً الى الجبهات. في بيت الأنصار الذي أسسه الشيخ عبدالله عزام كان هناك الكثير من الفلسطينيين، لا بل ان هذه المؤسسة قامت في البداية على أكتاف الشيخ عبدالله وانصاره من الفلسطينيين ومن بينهم مساعده عدنان التميمي وآخرون قد لا يكون مناسباً ذكرهم هنا. لقد كان واضحاً لي في البداية ان العنصر الفلسطيني في حركة المجاهدين العرب هناك طاغ، وعلمت لاحقاً ان اسامة بن لادن كان يقدم الفلسطينيين على غيرهم من ابناء الجنسيات الأخرى، حتى في شركاته واعماله التجارية سواء في السعودية أم لاحقاً في السودان. بعد أيام قضيتها في دار الضيافة التقيت خلالها الشيخ عبدالله عزام وزعنا على معسكرات التدريب التي كان من المفترض ان نمضي فيها ستة أشهر، ولكن تم اختصار هذه المدة الى شهرين بسبب إلحاح المهمات خارج معسكرات التدريب. وخلال هذه المدة كانت المناوشات بدأت بين الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار والجمعية الإسلامية بقيادة رباني. وكانت قوات احمد شاه مسعود تقف الى جانب رباني. أشعرتني النزاعات الأفغانية بإحباط كبير فقد كنا في الأردن نعتقد انه عندما سنذهب الى افغانستان سنجد ان الملائكة تقاتل الى جانبنا، وان جهادنا في تلك البلاد هو مقدمة لجهادنا في فلسطين. فرزت للعمل في ولايات نجار وطالقان وولايات الشرق والجنوب، وهناك وجدت ان القبلية والولاء للقبيلة أولوية على كل شيء. فقد كان المجاهدون الأفغان مثلاً أسروا جنرالاً افغانياً شيوعياً، وكانوا يعاملوه في شكل جيد ما أثار تساؤلاتي، ويوماً تقدمت من أحد المسؤولين وسألته لماذا لا نعدم هذا الجنرال الذي تسبب بقتل المئات من المجاهدين، فأجاب انه اي الجنرال ابن عشيرة كبيرة لا نستطيع استفزازها. كان الولاء للعشيرة متقدماً على اي ولاء آخر، وصفيت من طريق الجهاد الأفغاني حسابات كثيرة. كان على مشايخنا ان يوضحوا لنا قبل ان نذهب حقيقة الأوضاع في تلك البلاد، فذلك لن يقلل من عزائمنا الجهادية ولكنه كان سيحد من حال الإحباط التي أصابتنا جراء احتكاكنا بهذه التجربة. لقد عدت بعد ستة أشهر أمضيتها هناك. في البداية كنت مثقلاً بالخيبات الناجمة عن ما عاينته في أفغانستان. ولكن بعد اشهر على عودتي من هناك بدأت مجدداً بالحنين الى تلك البلاد".