خلال 30 دقيقة يتيح لنا بيار أبو جودة مخرج برنامج"العدسة العربية"على"الجزيرة"، اللقاء مع المخرج جان شمعون ليكثف لنا انجذابه الى السينما، وحكايته مع أفلامه الستة:"تحت الأنقاض"وپ"زهرة القندول"وپ"بيروت جيل الحرب"وپأحلام معلقة"وپ"أرض النساء"وپ"طيف المدينة". بين تدفق المياه، وشجن الموسيقى، وصوت الموجة التي تضرب الصخر يطلع لنا جان شمعون ليرد تهمة عيشه في السبعينات، ويعلن افتخاره بالانتماء الى هذه الحقبة المتسمة بالرؤية والإخلاص والحماسة والصدق. دراسة جان شمعون للمسرح في بيروت، أفادته في دراسته اللاحقة للسينما في باريس وفي عمله اللاحق عندما عاد الى لبنان حيث عاش سنوات الحرب الاهلية بكل رصاصها وويلاتها وسخريتها. تأثر في باريس بأجواء ايار مايو 1968 الطالبية، وأطعم الحمام بيده وهو مستلق في شارع آمن هناك قبل ان يعود الى عاصمة أثخنت الحرب طوائفها وزواريبها وعصافيرها بالجراح. يشكو له احد زعماء الحرب من ان برنامجه الاذاعي"بعدنا طيبين... قولوا الله"مع زياد الرحباني قد اثر في"العناصر"، كان وقت بث هذا البرنامج بمثابة وقف اطلاق النار بين المتحاربين على خطوط التماس، يحيا الفن! يقرر جان شمعون"تطليق العزوبية"عندما عثر على إنسانة توافرت فيها شروطه الثلاثة: ذكية... جميلة... ومناضلة، فكانت مي المصري، التي كانت تحمل قضيتين: فلسطين وحب السينما، وهذا ما جعلهما ثنائياً تكاملياً وناجحاً. في كل افلامه، ترى حرص جان على تصوير اللحظة وعدم موتها وضياعها، كأن الكاميرا تقول: ليس من حق احد منعي من الرؤية، ليس من حق احد شطب هذا المشهد من التاريخ. على أنغام أغنية انكليزية ناعمة، وصوت موجة تضرب الصخر لمنح الانسان درساً في الصمود، يختتم المخرج بيار أبو جودة لقاءه القصير مع جان شمعون. ويبقى سؤال: اذا كان الانسان يمارس النفور والحنين ازاء الذكريات، المؤلمة والمفرحة، والانسان يحمل ذكرياته حتى القبر، كيف له، في الحياة، ألا يجعل من الذاكرة عبئاً، كيف له ان يتمتع بذاكرة حيوية، ولا تكون النوستالجيا مصيدة!