يعاني العديد من النساء في كثير من المجتمعات في العالم من ظاهرة العنف ضد المرأة. وعلى رغم التكريم الذي منحه الإسلام للمرأة، وتقديمه لها كل الحقوق التي يجب أن يتمتع بها أي إنسان، إلا أن بعض الرجال يستخدمون الدين حجة لتبرير العنف الذي يمارسونه ضد النساء -والزوجات تحديداً - بدعوى أنه هو من أعطاهم هذا الحق، إلا أن ذلك عارٍ عن الصحة، بدليل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة التي حضت على احترام المرأة، ومن ذلك قول الرسول محمد عليه الصلاة والسلام:"رفقاً بالقوارير"وأحاديث أخرى كثيرة بالمعنى نفسه، إضافة إلى القدوة الحسنة التي مثلها، عليه الصلاة والسلام، في معاملته لزوجاته وبناته. وقد شاعت في الآونة الأخيرة أصوات مناهضة للعنف ضد المرأة، صادرة عن هيئات ومنظمات عدة، كمنظمة الصحة العالمية، ورابطة النساء التابعة للأمم المتحدة، وكل من منظمتي"اوكسفام"وپ"ايانسا"المهتمتين بحقوق الإنسان، إضافة إلى وحدات حماية الأسرة التي تمارس عملها على مستوى محلي، كالتي تأسست في كل من الأردن والمغرب وغيرهما. ونظراً الى الاهتمام الكبير بمحاربة هذه المشكلة، كان لا بد في البداية من وضع تعريف للعنف ضد المرأة، ومن التعريفات الشاملة التي وضعت في هذا السياق، التعريف الذي قدمه الإعلان العالمي لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة، الذي نص على أن العنف ضد المرأة هو"أي اعتداء ضد المرأة يبنى على أساس الجنس، ويتسبب - أو قد يتسبب - في إحداث أذى أو الم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء، أو الضغط، أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة". ويتبين من هذا التعريف أن العنف ضد المرأة لا يقتصر على العنف الجسدي، لكنه يضم إضافة الى ذلك العنف النفسي والجنسي. كما بينت الدراسات التي أجريت بهذا الصدد أن المعنف غالباً ما يكون من نطاق العائلة، حيث توصلت إحدى هذه الدراسات إلى أن 95 في المئة من المعنفين معروفون من الضحايا وهم على الأغلب من العائلة، و5 في المئة فقط من الغرباء، مما يزيد من حجم وخطر هذه المشكلة، ذلك أن الكثير من النساء يمتنعن عن الشكوى أو اللجوء إلى القضاء لاعتقادهن بأنهن ليسوا في أمان من الأشخاص الذين يمارسون عليهن العنف نظراً الى قربهم منهن، إضافة إلى الحياء والخوف من نظرة المجتمع لهن. إن تفاقم هذه المشكلة، واتساع رقعة انتشارها، يستوجب العمل بجهد لحماية هؤلاء النساء من العنف الواقع عليهن، من خلال إقرار قوانين رادعة لمن يمارس العنف على المرأة بأي شكلٍ كان، إضافة إلى توفير مراكز حكومية وأهلية توفر الحماية والمأوى للنساء اللواتي يتعرضن للإساءة، والقيام بحملات توعية على نطاق واسع، باستخدام وسائل الإعلام المختلفة والملصقات واللوحات والندوات وغيرها من الأساليب، تلقي الضوء على المشكلة، وتقدم النصح للنساء حول كيفية حصولهن على الدعم، كما يجب التركيز على توعية المرأة بحقوقها وتشجيعها على عدم الصمت عن معاناتها، حتى تتمكن السلطات وكل المؤسسات ذات العلاقة، من حصر المشكلة، والعمل على حلها على طريق القضاء عليها بشكل نهائي. نسرين البرغوثي - عمان