أعلن رئيس المعهد الدولي الجزائري للإدارة عبد الحق العميري، ان الاقتصاد الجزائري ضعيف على رغم البيانات الاقتصادية القوية. ولفت إلى ان نظاماً مصرفياً بالياً، وهيمنة الدولة على الاقتصاد، وخطر تقديم الاعتبارات السياسية على الاقتصادية، هي بعض العوامل التي من الممكن أن تهدد استقرار البلاد. وأن كل مظاهر القوة الاقتصادية للبلاد يمكن تلخيصها في ارتفاع أسعار النفط. وتنتج الجزائر أقل من 1.4 مليون برميل يومياً من النفط الخام. ووصف العميري الاقتصاد الجزائري ب"عروس جميلة لكنها مريضة جداً"، موضحاً أن الأرقام جيدة والساسة سعداء لكن الجزائر لا تزال بعيدة من اقتصاد السوق. ويتوقع أن تتجاوز عائدات الجزائر من النفط والغاز 50 بليون دولار هذا العام، ارتفاعاً من 45.6 بليون دولار في 2005. وينتظر أن ينمو الاقتصاد بنسبة 5.8 في المئة، و8 في المئة في 2008. كما أن التضخم مستقر والديون في تراجع. وأطلقت الحكومة خطة خمسية بكلفة 80 بليون دولار لتحفيز نمو الاقتصاد، وتوفير الوظائف التي تحتاجها البلاد بشدة، مدعومة باحتياطات نقد أجنبي تزيد على 60 بليون دولار. وتستهدف الخطة إعادة الأمل إلى سكان البلاد البالغ عددهم 33 مليون نسمة، في أعقاب أكثر من عشر سنوات من الصراع، الذي أودى بحياة 200 ألف شخص، وتسبب في أضرار مادية بقيمة 20 بليون دولار. وقال العميري ان الجزائر تخطئ إذا اعتقدت أن بمقدورها تطبيق اقتصاد السوق، في حين لا يزال القطاع العام يساهم بنسبة تزيد على 30 إلى 35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأشار إلى ان الجزائر حاولت تطبيق اقتصاد السوق في مناخ يهيمن عليه القطاع العام، معرباً عن اعتقاده بأن هذا مستحيل. وأضاف أن الإصلاحات في القطاع المصرفي بطيئة، نظراً الى أن المصارف التابعة للدولة تمثل نحو 95 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية ومحافظ القروض. ورأى العميري ان تطوير النظام المصرفي شيء، واصلاحه شيء آخر، معرباً عن اعتقاده أن الحكومة لا تتعامل مع مشكلة إقراض الشركات الخاسرة، ومستوردي البضائع المصنعة. وأكد ان 40 في المئة من القروض تستخدم في تمويل الواردات، وأن بين 40 و45 في المئة منها يذهب إلى شركات خاسرة. وأعتبر أن التدخلات السياسية تمثل عائقاً آخر أمام الوصول إلى اقتصاد السوق. وأضاف العميري ان تعيين مديري المصارف والشركات والمؤسسات لاعتبارات سياسية لا اقتصادية أعاق الاقتصاد. وأشار إلى أن الجزائر تفتقر الى الاستراتيجية والرؤية، واستغرب عدم وجود مركز أبحاث واحد متخصص في رسم خطة اقتصادية للبلاد. وقال ان البلاد لديها الموارد المالية الكافية لتجاوز السنوات الخمس المقبلة من دون عناء، لكنه حذر من أن تراجع أسعار النفط قد يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وتعاني الجزائر من ندرة في الوظائف الجديدة، فيما تندلع أعمال الشغب اسبوعياً في بعض المناطق احتجاجاً على ضعف الخدمات العامة. واختتم العميري قائلاً إن المسؤولين في الجزائر ينظرون إلى الجوانب الإيجابية فقط، لكن عندما يأتي اليوم الذي تتراجع فيه أسعار النفط، ستواجه البلاد أزمة اجتماعية واقتصادية كبرى.