أكثر من بليون يورو يحصل عليها الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا نظير بيع حقوق بث مباريات كأس العالم 2006 في ألمانيا، ولكنه لن يستفيد بأكثر من ربع هذا المبلغ لنشاطاته الخاصة، ويوزع ثلاثة أرباع الأموال المقبلة على اللجنة المنظمة تنال وحدها ربع مليون يورو، وعلى الدول المشاركة في النهائيات بنسب مختلفة وفقاً لنتائجها وترتيبها، ولن يترك"فيفا"بقية الدول غير المتأهلة من دون اهتمام بل سيوزع عليها أيضاً بسخاء جزءاً من الأموال. ولكن هذا الجانب لا يحول دون تدخل صارم من"فيفا"للحصول على حقوق إضافية خلال البطولة لاحتكار الصوت والصورة في المباريات، ولوائح تنظيم كأس العالم تعطي لپ"فيفا"الحق الكامل في استخدام شعارات وصور وتسجيلات وأسماء المنتخبات واللاعبين والمدربين والمسؤولين عبر أفلام وأشرطة ونشرات وإعلانات من دون الحصول على إذن أو تصريح. ولكن الدخل الكامل الذي يعود إلى"فيفا"من تلك الحقوق الإضافية لا يذهب مطلقاً إلى خزانة الاتحاد الدولي، بل يخصصها لأعمال الخير، سواء التابعة لپ"فيفا"أو لمساعدة جمعيات ومؤسسات عالمية وأهلية، كما يمنح جزءاً من تلك الأموال لأعمال التطوير لملاعب وأنشطة كرة القدم في الدول الفقيرة. وشهدت السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في أرباح"فيفا"من تنظيم كأس العالم حتى أصبحت البقرة الحلوب التي تضمن للاتحاد استفراراً مالياً على مدار أربع سنوات كاملة حتى موعد البطولة التالية. وتعرض الاتحاد الدولي عام 2001 لهزة مالية عملاقة كادت تطيح بالمؤسسة التي تحسدها الهيئات السياسية والاقتصادية الكبرى، وكان"فيفا"على ارتباط مالي وثيق مع شركة كيرش سبورت الألمانية في كل البطولات، ونالت"كيرش"حقوق نقل مباريات كأس العالم 2002 ولكن مسلسلاً سريعاً ومفاجئاً من الفساد أطاح بالشركة ودفع بها إلى حد الإفلاس الكامل، وهو ما أصاب"فيفا"بخسائر مالية ضخمة ودفعه إلى إلغاء الكثير من أنشطته وبطولاته، وبينها كأس العالم للأندية 2001 في إسبانيا، ولكن"فيفا"نهض سريعاً من عثرته. ولعب نجم كرة القدم الألماني القديم الفائز مع بلاده بكأس العالم 1974 وبطولة أمم أوروبا 1972 غونتر نيتزر دوراً رئيساً في مساعدة"فيفا"، وهو يعمل رئيساً للجنة بيع حقوق البث في شركة إنفرونت سبورتس إندميديا التي يمتلكها البليونير الألماني روبرت لويس دريفوس صاحب شركة أديداس. وعالج نيتزر البالغ من العمر 60 عاماً المشكلة بذكاء وسرعة، واشترى لشركته حقوق البث في نهائيات كأس العالم 2002 و2006 بسعر مرتفع للغاية، وهو ما أعاد التوازن المالي التام للاتحاد الدولي. وسرعان ما أعاد نيتزر بيع تلك الحقوق في كل أركان الكرة الأرضية عبر عشرات الشركات والشبكات والهيئات الإعلامية، وحصل لشركته على أرباح تصل إلى 50 في المئة من السعر الباهظ الذي دفعه لپ"فيفا". وللمرة الأولى في التاريخ قاد نيتزر فريقاً بارعاً من المفاوضين والاختصاصيين في التسويق والبيع لتوزيع حقوق البث عبر وسائل مختلفة تشمل التلفزيون الأرضي والفضائي وعبر الكابل ومعه عبر شبكة الإنترنت والهاتف المحمول، وهو أصبح الرجل الأول في مجال تسويق الأنشطة الرياضية في قارة أوروبا ونالت شركته حقوقاً عدة في بطولات كبرى غير كرة القدم. ولغة الأرقام تكشف التحول الضخم الذي منحه غونتر نيتزر للاتحاد الدولي لكرة القدم في حقوق البث التلفزيوني لكبرى البطولات. ومنح"فيفا"عام 1987 إلى إحدى الشركات العالمية حق بث مباريات كأس العالم في دورات 1990 في إيطاليا و1994 في الولاياتالمتحدة و1998 في فرنسا في مقابل 219 مليون يورو، وتضاعف المبلغ نحو 4 مرات في كأس العالم الأخيرة 2002 في كوريا الجنوبية واليابان ليصل إلى 840 مليون يورو، وها هو يتجاوز بليون يورو في المونديال المقبل. ولا تقف حقوق"فيفا"المالية عند هذا الحد، ولكنه يحصل على أموال أكثر من خلال حقوق الرعاية والإعلانات والدعاية في البطولة. ويرتبط"فيفا"مع 41 شركة عالمية بوصفهم رعاة رئيسين للمونديال، وهو ملتزم بعدم التعاقد مع أي شركة تمارس نشاطاً مماثلاً لأحد الرعاة، وهو الأمر الذي يقلل نسبياً من فرص زيادة عدد الرعاة في البطولة الكبرى. والرعاة الرسميون في ألمانيا 2006 هم: أديداس وأفايا وبود فايسر وكوكا كولا وفوجي فيلم وجيليت وهيونداي وماستر كارد وماكدونالد وفيليبس وتوشيبا وياهو وكونتيننتال ودويتش تيلي كوم وطيران الإمارات، والمؤسسات الثلاث الأخيرة تشارك رعاة رئيسين للمرة الأولى في كأس العالم. وتمتلك ست مؤسسات عملاقة حق الرعاية في المونديال داخل ألمانيا فقط، وهي إن بي في وهامبورغ مان هايمر ودي باهن واوبي وبوست بانك وأودسيت، ولدى أكثر من 30 شركة ومؤسسة حقوق إنتاج وتسويق وتجارة ومنتجات تتعلق بكأس العالم مع موافقة"فيفا". ويتعامل"فيفا"بصراحة هائلة في مواجهة أي شركة أو جهة تخالف تلك اللوائح أو تقوم بالدعاية لأي جانب يتعلق بكأس العالم أو تنتج أي شيء يحمل شعار كأس العالم أو تميمتها أو صورتها.