أحبطت السلطات البيلاروسية محاولة المعارضة أمس تنظيم اعتصام واسع النطاق في ساحة"اكتوبر"وسط العاصمة مينسك، احتجاجاً على نتائج انتخابات الرئاسة التي أجريت الأحد الماضي وسط تشكيك دولي بنزاهتها وأسفرت عن فوز الرئيس الحالي ألكسندر لوكاتشينكو بأكثر من ثمانين في المئة من أصوات الناخبين. وكانت السلطات استبقت دعوة المعارضة باعتقال مئات الأشخاص أول من أمس وتفريق المعتصمين في الساحة، وزجت الأجهزة الأمنية بأعداد كبيرة من رجال مكافحة الشغب في المنطقة صباح أمس، فرضوا طوقاً حول الساحة بحجة إجراء أعمال تأهيل تمهيداً لمراسم تنصيب الرئيس المنتخب، بينما دين أمس 274 محتجاً اعتقلوا أول من أمس بحسب تأكيد منظمة"فياسنا"لحقوق الإنسان في بيلاروسيا. وفي محاولة لتجنب مواجهات، دعا زعيم المعارضة ألكسندر ميلينكيفيتش أنصاره إلى التجمع في إحدى الحدائق القريبة، وتعهد بمواصلة أعمال الاحتجاج حتى رضوخ السلطات لمطالب المعارضة بإلغاء نتائج الانتخابات والتحضير لدورة انتخابية جديدة في حزيران يونيو المقبل. ودعا ميلينكيفيتش أنصاره إلى شن"هجوم"جديد"قريباً"على نظام لوكاتشينكو الذي وصفه ب"الديكتاتور". وأعلن ميلنيكيفيتش متوجهاً إلى آلاف المتظاهرين:"أطلقنا الهجوم الأول على حصن هذا النظام، والمهم أنه وصل إلى نهاية المطاف. القانون والله معنا، ولن ننتظر خمس سنوات لشن هجوم جديد بل سنشنه قريباً". وزاد:"المهم أن نقاتل من أجل انتخابات جديدة ونزيهة من دون هذا الديكتاتور"، من غير أن يحدد طريقة التحرك. وشكل ميلينكيفيتش حركة معارضة موسعة"من أجل الحرية"، داعياً كل القوى السياسية إلى الانضمام إليها، كما دعا في الوقت ذاته إلى الواقعية في تقدير الحجم الحالي للحركة. وقال:"علينا أن نكون واقعيين. لسنا 200 ألف شخص أو 500 ألف. ولو كان هذا الوضع، لو كنا بهذا العدد، لكان لوكاتشينكو أرغم على الرحيل في طائرته إلى نظام ديكتاتوري آخر". ودخل متظاهرون معارضون في مواجهة مع الشرطة في وسط مينسك، بعدما هتفوا:"تحيا بيلاروسيا"و"العار"و"الشرطة مع الشعب"عند مشارف ميدان"أكتوبر"حيث نصب مخيم أخلته الشرطة أول من أمس. وأوقف وصول تعزيزات أمنية كبيرة تقدم مجموعة من المتظاهرين كانوا اخترقوا طوقاً أمنياً أول في محاولة للتقدم باتجاه الساحة التي سدت مداخلها بحواجز حديد وبطوق أقامته عناصر القوات الخاصة في شرطة مكافحة الشغب. وبعد ذلك، وتحت ضغط عناصر الشرطة الذين شكلوا سلسلة متراصة، أمكن صد متظاهرين من دون استخدام الهراوات. وحاولت حشود أخرى الانضمام إلى المتظاهرين من شارع قريب في حين تحاول الشرطة منعهم عن ذلك. ولم يدر اشتباك عنيف، لكن وقعت بعض المصادمات بين الشرطة والمحتجين. وأغلقت الشرطة ساحة أكتوبر أمام المتظاهرين. وأبعدت شرطة مكافحة الشغب بهدوء مجموعات صغيرة من المتظاهرين تجمعوا قبيل الموعد الذي كان محدداً ظهراً في الموقع. وكان ميلينكيفيتش سعى إلى تجنب اعتقالات جديدة، بإعلانه قبل تظاهرة أمس أن التجمع هدفه الاحتفال بعيد الاستقلال الذي يحيي ذكرى إعلان جمهورية بيلاروسيا الشعبية الأولى سنة 1918. في موازاة ذلك، توجه مئات من المتظاهرين يتزعمهم مرشح المعارضة في الانتخابات الكسندر كوزولين إلى مركز اعتقال أوكرستينو في وسط مينسك حيث يحتجز زملاؤهم المعتقلون الذين دينوا. وبدأ الحشد المسيرة بهدوء نحو مركز الاعتقال، بعدما حض كوزولين محتجين على دعم السجناء الذين اعتقلوا في الساعات الأولى من صباح أول من أمس. البيت الأبيض ودان الرئيس الأميركي جورج بوش قمع بيلاروسيا المتظاهرين. وأفاد البيت الأبيض بأن واشنطن ستفرض عقوبات مالية وقيوداً على سفر مسؤولي روسيا البيضاء. وعبر بوش في بيان عن تقديره"لهؤلاء الذين يعملون في الظل لعودة الحرية الى روسيا البيضاء"مشيراً إلى الذين اعتبروا إعادة انتخاب الرئيس ألكسندر لوكاتشينكو تحايلاً. وزاد:"مشاعر أمتنا مع هؤلاء الذين تعرضوا لمضايقات واعتقلوا وسجنوا أو ضربوا بسبب جهودهم". وقال سكوت ماكليلان الناطق باسم البيت الأبيض إن الولاياتالمتحدة دعت السلطات في روسيا البيضاء إلى"الإفراج من دون تأخير"عن المعتقلين بسبب الاحتجاج على الانتخابات التي قال مراقبون من الخارج إنه قد شابتها عيوب. وأشاد ماكليلان بالمجلس الأوروبي لموافقته على فرض عقوبات على زعماء روسيا البيضاء ومن بينهم لوكاتشينكو. ودانت وزارة الخارجية البيلاروسية قرار فرض عقوبات عليها. وأعلنت الوزارة في بيان:"قرار اتخاذ عقوبات ضد خيار بلد يعني إنكار حق المواطنين في بيلاروسيا في العيش في بلدهم كما يفضلون، وليس وفق ما يفضل الآخرون. وهذه ليست هي السياسة الجيدة والتي لا مستقبل لها". وزاد:"تحتفظ بيلاروسيا بحق الرد على هذه التدابير".