تصالح التلفزيون مبكراً مع السينما، فكان الوسيلة الأسهل لترويج الأفلام السينمائية التي تعرض في الصالات، وإن كان بعد سنوات من انتهاء عرضها تجارياً. أفلام عربية وأجنبية، أميركية وهندية غزت الشاشة الصغيرة، خصوصاً أن صالات مشاهدة الأفلام في صالات السينما ليست متاحة لشريحة كبيرة من الناس. لكن أكثر هذه الأفلام التي وجدت لها طريقاً إلى الشاشة الصغيرة، لا تملك قيمة نوعية وإبداعية، وإنما مواصفات تتناسب ومعايير القناة التي تعرضها، وإن كان ثمة أتفاق افتراضي بين كل هذه القنوات على هذه المعايير. فالأفلام العربية التي تعرض على القنوات العربية هي أفلام مصرية فقط، إما تكون قديمة وأعتبرت من كلاسيكيات السينما العربية وصار عرضها من باب الإهتمام بالإرث السينمائي، أو أفلاماً مصرية تطرق موضوعات مستهلكة ومكررة، عن أزمة الإسكان وقصص الحب، وعن الشر المطلق والخير المطلق، والتهريج الموسوم بالكوميديا، وأفلام المقاولات، كما كان يطلق عليها في مصر. أما الأفلام التي تحصد الجوائز في المهرجانات السينمائية فهي بعيدة من العرض على هذه الشاشات، وبعيدة من تلقي المشاهد العادي، كونها لا تخضع لمعايير هذه القناة أو تلك، ولا تجد لها طريقاً سوى على شاشة تلفزيون أو اثنين، من القنوات المشفرة مدفوعة الأجر. هذه القنوات تبنت عرض أفلام ذات تنوع ونوعية، أفلام مهرجانات، أفلام لا تُكرّس للبطل والنجم، على شاكلة الأفلام المعروضة على القنوات الحكومية وحتى الخاصة، أفلام قريبة من الناس وهمومهم، أفلام عربية بغض النظر عن جنسيتها، فحتى الأفلام الإيرانية وجدت لها فسحة تطل فيها من هذه القنوات على المشاهد العربي. وكنا استبشرنا خيراً بإطلاق قناة"روتانا سينما"، خصوصاً أنها تعلن تملكها أضخم مكتبة للأفلام العربية، لكن المفاجأة أنها لم تقدم حتى الآن سوى الأفلام التي تعرضها القنوات الأخرى - ولكن من دون تقطيع -، كأن كل السينما العربية اختزلت في هذه النوعية من الأفلام، ولا حظ فيها لأفلام من جنسيات أخرى، على رغم وجود إنتاج سينمائي يطوف مهرجانات العالم من دول المغرب العربي ولبنان، وسورية، ويحظى بالتقدير والجوائز. فأفلام كپ"باب الشمس"ليسري نصر الله، أو فيلم"لما حكيت مريم"لأسد فولادكار، أو فيلم"بيروت الغربية"لزياد دويري، أو"طيف المدينة"لجان شمعون، وغيرها.. هي من الأفلام التي تناولتها أقلام بالنقد والتحليل والقراءة واستقطبت اهتمام سينمائيين ونقاد، وهي جديرة بأن يروج لها وأن يحتفى بها. وربما تتمكن هذه الأفلام من تغيير ذائقة الجمهور في تلقي سينما مختلفة عن السائد والمكرس، وتنهي عهد نمطية السينما العربية.