لاقى الاعتداء على مرقد الامامين الشيعيين علي الهادي وحسن العسكري في مدينة سامراء أول من أمس، إدانة دولية واسعة، وسط دعوات الى الهدوء. واتهمت إيران"الصهاينة"بتدبير الاعتداء، فيما ألقت واشنطن باللوم على تنظيم"القاعدة"بزعامة أبي مصعب الزرقاوي، معتبرة أن الهدف وراءه إشعال حرب أهلية. ودانت الجامعة العربية"الجريمة الارهابية"و"الاعتداءات التي أعقبتها على المساجد"السنية، داعية العراقيين الى"ضبط النفس". وندد الرئيس الأميركي جورج بوش بالاعتداء، ووصفه بأنه"عمل سياسي"و"شرير"يهدف الى زرع بذور"الصراع"في العراق. وحيا"أصوات الحكمة"التي دعت الى الهدوء وعدم الرد على الاعتداء، في إشارة الى الزعماء السياسيين والدينيين. وأكد جدية الحكومة الأميركية في عرضها إعادة بناء القبة"الجميلة"لتفهمها"أهميتها". وكان منسق الشؤون العراقية في الخارجية الأميركية جيمس جيفري أعرب أول من أمس عن اعتقاده بأن"الاعتداء يحمل توقيع القاعدة". في المقابل، اتهم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد خلال خطاب في مدينة شهركرد وسط نقله التلفزيون الايراني مباشرة"الصهاينة وقوات الاحتلال"الأميركي بالوقوف وراء الاعتداء. وقال نجاد إن"هذه الأعمال اليائسة ارتكبتها مجموعة من الصهاينة وقوات الاحتلال"، مضيفاً:"ترون اليوم أنهم يغزون أماكن مقدسة. لكن كونوا على ثقة في أنهم لن يفلتوا من غضب الاسلام وقوته ومن الدول التي تسعى الى الحرية". وحمل المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي، إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية الاعتداء، قائلاً"إنها جريمة سياسية يمكن نسبها الى أجهزة الاستخبارات الصهيونية وقوات الاحتلال في العراق"، معلناً الحداد سبعة أيام. الى ذلك، دان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ليل أول من أمس الاعتداء، معرباً عن أمله في أن تتمكن الحكومة العراقية المقبلة من وقف هذه الأعمال. وقال الأمير سعود الفيصل خلال مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس:"في ما يتعلق بالعمل الارهابي الذي وقع في العراق، اننا ضد الارهاب عموماً وفي طبيعة الحال ضد العمليات الارهابية التي تستهدف الأماكن المقدسة ودور العبادة". وأعرب عن أمله في أن"تتمكن الحكومة المقبلة من وقف هذه الأعمال تحقيقاً لأهداف الأمن والاستقرار والازدهار في العراق في ظل سيادته واستقلاله وسلامته الاقليمية". كما شدد على ضرورة"تكريس الوحدة الوطنية للعراق التي تكفل المساواة بين جميع فئات الشعب العراقي". الى ذلك، دان مجلس الأمن أول من أمس الاعتداء والأعمال الانتقامية التي تلته، داعياً العراقيين الى الهدوء والحفاظ على وحدتهم. وأعلن السفير الأميركي في الأممالمتحدة جون بولتون باسم مجلس الأمن الذي يترأسه هذا الشهر أن أعضاء المجلس"يدينون في شدة الهجوم على مرقد الامامين علي الهادي وحسن العسكري في سامراء هذا الصباح أمس والهجمات التي تلته ضد أماكن دينية أخرى". وقال إن أعضاء المجلس"يتفهمون القلق الناجم عن هذه الهجمات، لكنهم يدعون في إلحاح الشعب العراقي الى تحدي مرتكبيها من خلال ضبط النفس والوحدة". ورأت كندا ليل أول من أمس أن الاعتداء يهدف الى تخريب العملية الديموقراطية في هذا البلد. وقال وزير الخارجية الكندي بيتر ماكاي إن"هذا العمل يهدف في وضوح الى تأجيج التوتر الطائفي، وإخراج عملية تطوير الديموقراطية عن مسارها". وأكد أن"كندا تدين في حزم هذا الاعتداء الذي استهدف أحد أقدس الأماكن الدينية في العراق". كما دان عمليات انتقامية تلت الاعتداء. وفي أنقرة، دانت تركيا"العنف الطائفي"في العراق، داعية العراقيين الى تجنب الانجرار الى أعمال انتقامية. واعتبرت الخارجية التركية أن"هدف الذين يلجأون الى الارهاب هو التسبب في نزاع طائفي وعرقي في العراق". وأضافت في بيان أن"الطريقة الأفعل لتجنب الوقوع في الفخ هي الاستمرار في الحذر حيال التحريض اللاإنساني والامتناع عن القيام بأعمال انتقامية وتعزيز الوحدة الوطنية". وفي الاطار ذاته، عقد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان أمس، اجتماعاً طارئاً في مقر المجلس في حضور الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله وعلماء مسلمين سنّة وشيعة. وأكد نصر الله أن"أخطر اختراق لساحتنا الإسلامية هو الاتجاه التكفيري الذي يدعو إلى القتل"، معتبراً أنه"إذا وصلنا إلى مرحلة أن هناك من لا يقبل حواراً ولا منطقاً ولا جدالاً، فالواجب هو في عزل هذا الاتجاه ومحاصرته، وإلا فإنه سيكمل في القتل وسفك الدماء". وفي الكويت، تجمع مئات الشيعة احتجاجاً على تفجير المرقد، فيما حذر الخطباء من اشعال فتنة طائفية في هذا البلد. وحمل المعتصمون الذين تجمعوا سلمياً أمام مسجد شيعي عند أطراف العاصمة الكويتية، لافتات تندد بالتفجير ورددوا هتافات تدين مرتكبي الاعتداء. وفي الدوحة، أعلن"الاتحاد العام لعلماء المسلمين"أن"الاعتداءات على المساجد والمراقد والعلماء والمسلمين عامة وهم معصومو الدم، يحرمه الاسلام بكل مذاهبه". ودعا رئيس الاتحاد الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في بيان تلقت"الحياة"نسخة منه"الحكماء من أبناء العراق، شيعتهم وسنتهم وخصوصاً كبار العلماء والمشايخ وآيات الله في العراق وايران ولبنان أن يتداركوا الموقف قبل فوات الأوان"، و"أن يلتقوا على كلمة سواء، ويحرصوا على اصلاح ذات البين، ويجعلوا الاسلام فوق المذاهب، والوطن فوق الطائفة، وأن يقاوموا دعاة الفتنة والفرقة، وأن يطالبوا جميعاً برحيل الاحتلال".