انتعشت أسعار الصفقات الآجلة للذهب مع اقتراب اسبوع التداول الجاري من نهايته في بورصة نيويورك التجارية، مدعومة بالأرقام القياسية التي سجلها الطلب العالمي ممثلاً بصناعة المجوهرات والمستثمرين، وخصوصاً صناديق المعاشات في عام 2005، لكن مجلس الذهب العالمي الذي يمثل مصالح شركات المناجم الكبرى توقع أن تتأثر مبيعات المجوهرات سلباً في حال استمر تقلب الأسعار في عام 2006. وأقفلت أسعار صفقات نيسان أبريل فوق 557 دولاراً للأونصة بعد ساعات قليلة من اصدار مجلس الذهب تقريره السنوي أول من أمس، مستعيدة بعض الخسائر التي لحقت بها منذ اقتربت من 580 دولاراً في بداية الشهر الجاري. ولم تؤثر هذه التقلبات التي تكررت في الفصل الأخير من 2005 في حقيقة أن أسعار الذهب ارتفعت بما يزيد على 85 في المئة منذ شباط فبراير 2002، وهو الموعد الذي شهد بداية عملية تصحيح طويلة الأمد في أسعار صرف الدولار. إقبال الاستثمار المؤسساتي وأشار المجلس في تقريره إلى أن تقلب أسعار الذهب يؤدي إلى زيادة إقبال الاستثمار المؤسساتي على تملك الأدوات الاستثمارية للمعدن الأصفر، وفي مقدمها الصناديق الاستثمارية المتداولة في أسواق المال، لكنه في المقابل يدفع المستهلك العادي إلى التزام جانب الحذر في الإقبال على اقتناء المجوهرات، مشدداً على أن الانتعاش والنمو سيعودان إلى أسواق المجوهرات، ولكن ليس قبل أن تستقر الأسعار. وتنفرد المجوهرات بنحو 73 في المئة من الطلب العالمي على الذهب. وكشف التقرير أن تطورات الأسعار منحت الذهب أحد أفضل أعوامه في 2005، حيث سجل الطلب العالمي رقماً قياسياً مرتفعاً إلى ما قيمته 54 بليون دولار. وساهم في هذا الأداء الذي لم يتكرر منذ الطفرة التاريخية التي شهدتها الأسعار في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي، معظم المكونات الأساسية للطلب، خصوصاً صناعة المجوهرات والاستثمار. وبلغت نسبة الزيادة السنوية في قيمة الطلب 16 في المئة على رغم أن نسبة الزيادة المحققة في حجم الطلب لم تتجاوز 7 في المئة. وانفرد الاستثمار بتحقيق نسبة الزيادة الأكبر على الإطلاق بين عناصر الطلب الأساسية، إذ قفزت قيمة الطلب الاستثماري بمقدار 37 في المئة لتصل إلى 8.6 بليون دولار، معززة بازدياد حجم الطلب بمقدار 26 في المئة. وفي المحصلة ارتفع حجم الطلب الاستثماري إلى 600 طن، دافعاً بحصته إلى نحو 16 في المئة من الطلب العالمي، أي ما يعادل حصة الطلب الصناعي، وتحديداً الصناعات الإلكترونية التي سجلت نسبة نمو متواضعة نسبياً 4 في المئة. بيد أن ارتفاع أسعار الذهب الى مستويات جديدة عام 2005، اضطر المستهلك فعليا للتردد في الإقبال على اقتناء المجوهرات ما ترتب عنه تباطؤ حركة نمو حجم الطلب إلى 4.5 في المئة، مقارنة بنسبة نمو تجاوزت مستوى 5.6 في المئة عام 2004. وفيما زادت صناعة المجوهرات العالمية حجم مشترياتها في 2005 إلى 2.736 طن، ارتفعت قيمة صفقاتها بنحو 14 في المئة لتصل إلى 39 بليون دولار. وأرجع مجلس الذهب تباطؤ نمو الطلب على المجوهرات عام 2005 إلى ارتفاع الأسعار، وعزا السبب المباشر لارتفاع الأسعار إلى التدفقات الضخمة التي ضخها الاستثمار المؤسساتي في الصناديق المدرجة في أسواق المال، وخصوصاً بورصة نيويورك، وكذلك الأدوات الاستثمارية المشابهة لها، مشيراً إلى أن حجم الطلب وقيمته على هذه الوسائط ارتفعا بنسبتين غير مسبوقتين بلغتا 53 و67 في المئة على التوالي، في حين بلغت نسبتا ارتفاع الطلب على السبائك والعملات الذهبية 8 و6 في المئة على التوالي. الخوف من حساب المدفوعات الخارجية الأميركي لكن المجلس أوضح، أقله في شكل غير مباشر، أن قوة الطلب الاستثماري على الذهب تعود إلى مخاوف المستثمرين من مشكلات حساب المدفوعات الخارجية للولايات المتحدة وآثارها المحتملة على التوقعات في شأن أسعار صرف الدولار، ملاحظاً أن المكاسب الجديدة التي حققتها أسعار الذهب في 2005 ترافقت مع ارتفاع حجم الإمدادات بأكثر من 15 في المئة، أي ضعفي الزيادة التي سجلها نمو الطلب في العام نفسه. وسجلت الهند أعلى نسبة نمو في الطلب على الذهب عام 2005، إلا أن نسب نمو كبيرة تحققت في عدد من الدول الخليجية وفي مقدمها السعودية، حيث ارتفع حجم طلب صناعة المجوهرات إلى أكثر من 152 طناً، مسجلاً زيادة نسبتها 12 في المئة، بينما قفز حجم الطلب الاستثماري نحو 42 في المئة مرتفعاً إلى 7.3 طن. وفي الإمارات بلغ استهلاك صناعة المجوهرات 89.3 طن، مرتفعاً نحو 8 في المئة، وقفز حجم الطلب الاستثماري إلى 10 أطنان من 6.5 طن في 2004 54 في المئة.