توقع محللون أن تشهد أسعار الذهب قفزات جديدة، مع توجه المصارف المركزية في عدد من البلدان الآسيوية الكبرى لزيادة حصة المعدن الأصفر في احتياطاتها المالية، تحسباً من تقلبات محتملة في أسعار صرف العملات الرئيسة وخصوصاً الدولار والمخاوف من التضخم الأميركي. ومن شأن تحقق هذه التوقعات، أن يزيد من الضغوط التي تتعرض لها الأسعار، منذ بدأ الطلب العالمي على الذهب بتسجيل معدلات نمو قوية في بداية العام الماضي. ووصل سعر أونصة الذهب أمس الى 478 دولاراً. وارتفعت أسعار الذهب المقومة بالدولار بنحو 20 في المئة منذ بداية عام 2004. وطبقاً لمجلس الذهب العالمي، عكس مسار الأسعار، التطورات الدراماتيكية التي شهدها الطلب العالمي في الفترة نفسها، وانتهت بتسجيل رقم قياسي غير مسبوق في 12 شهراً، انتهت في حزيران يونيو الماضي، حين ارتفعت قيمة استهلاك صناعة المجوهرات، التي تساوي 78 في المئة من الطلب العالمي الإجمالي، بنحو 38 بليون دولار. ولفت مجلس الذهب، إلى أن الأسعار لم تثن المستهلكين عن اقتناء الذهب، إذ أن ارتفاع الأسعار 9 في المئة في الربع الثاني من عام 2005، بمقارنة بالفترة نفسها من 2004 لم يحل دون ازدياد الطلب العالمي بنحو 14 في المئة بمعيار الوزن، وبنحو 24 في المئة بمعيار القيمة. وبلغت هاتان النسبتان في النصف الأول من العام الجاري 21 وپ29 في المئة على التوالي، أي أن حجم الاستهلاك العالمي ازداد في نصف عام فقط بمقدار 329 طناً وارتفعت قيمته بنحو ستة بلايين دولار. وتصدرت الهند الأسواق الرئيسة، حيث ارتفع الطلب على المجوهرات في النصف الأول من العام بأكثر من 50 في المئة، وفي الربع الثاني من العام بلغت نسبة الزيادة في مبيعات المجوهرات 12 في المئة في الصين، 18 في المئة في السعودية، وپ9 في المئة في الإمارات وپ8 في المئة في مصر، وپ4 في المئة في أميركا. وتوقع المجلس تباطؤ الطلب قليلاً في الشهور الباقية من العام الجاري، لكنه لم يستبعد حدوث نقص في المعروض، مشيراً إلى أن ارتفاع الطلب 14 في المئة في الربع الثاني، قابله زيادة في انتاج المناجم نسبتها 8 في المئة. وحتى"اتفاق الذهب"الذي جددته المصارف المركزية للدول الصناعية في أيلول سبتمبر 2004، ويقضي بطرح 500 طن من احتياطاتها في الأسواق سنوياً، ترافق مع ارتفاع الطلب على الذهب لغرض الاستثمار 66 في المئة في الربع الثاني. المركزية الآسيوية ورأى محللون في مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية العملاقة"مورغان ستانلي"، بأن الضغوط على أسعار المعدن الأصفر يمكن أن تتزايد في شكل دراماتيكي، في حال قررت المصارف المركزية في الاقتصادات الآسيوية الكبرى، تعزيز حصة الذهب في تشكيلة احتياطاتها المالية، كإجراء احتياطي ضد مخاطر تقلب أسعار الصرف. بل لم يستبعدوا احتمال أن تكون القفزات التي سجلتها الأسعار في الأسابيع القليلة الماضية نجمت عن عمليات شراء ضخمة، وغير معلنة من قبل بعض هذه المصارف. وكشفت تقارير صندوق النقد ومجلس الذهب العالمي، بأن الذهب فقد أهميته كعنصر أساس في احتياط الدول، لكنه لا يزال يتمتع بدرجة عالية من الجاذبية. وعلى سبيل المثال تكبدت الدول العربية خسائر ضخمة من جراء انخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسة الأخرى، بأكثر من 22 في المئة منذ بداية 2002، الا أنها عوضت الكثير من هذه الخسائر عندما ارتفعت قيمة ما تملكه من احتياطي الذهب في الفترة نفسها 68 في المئة، محققة أرباحاً قيمتها ستة بلايين دولار. ويشكل الذهب في احتياط العملات الصعبة للدول العربية أقله في معظمها إذ أن بعضها، مثل قطروالإمارات، تخلى كلياً عن الذهب نحو 8 في المئة، وهي نسبة صحية تقترب من المتوسط العالمي الذي لا يتعدى 8.7 في المئة. وبالمقارنة لا يزيد متوسط حصص الذهب في احتياطات المصارف المركزية للدول الآسيوية الكبرى مثل اليابانوالصين وكوريا وتايوان على واحد في المئة، مما اعتبره المحللون في مورغان ستانلي دافعاً قوياً لاطلاق عمليات شراء واسعة. ولفت المحللون إلى أن اتخاذ المصارف المركزية المشار إليها قراراً برفع حصة الذهب إلى 5 في المئة فقط، سيترجم إلى عمليات شراء تصل قيمتها إلى نحو 110 بلايين دولار، أي ما يعادل ثلاث سنوات من الإنتاج العالمي.