يعترف الاختصاصيون بأن زيادة نسبة المصابين بالسمنة تعتبر مؤشراً أكبر إلى القلق، خصوصاً في الدول المتقدمة. فالمصابون بالسمنة أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري، وتناول الوجبات السريعة بما تحتويه من دهون وتوابل يؤثر في كيمياء المخ ويؤذي قدرة الذاكرة ويسلب الإرادة فيصبح قرار التوقف عنها في غاية الصعوبة تماما مثلما تفعل السجائر وعقاقير الإدمان. وتسهم الوجبات السريعة والجاهزة كثيراً في الإصابة بالربو، لخلوها من الخضر الطازجة والفيتامينات والمعادن. وأظهرت دراسة أصدرتها منظمة الصحة العالمية أن زيادة الوزن لدى التلامذة على نطاق عالمي بلغت 3،3 في المئة وأن هناك تفاوتاً كبيراً بين الدول في نسب البدانة بين الأطفال. ففي دول معينة، كتشيلي وأرمينيا والجزائر، على سبيل المثال، تتجاوز نسبة البدانة ال 5 في المئة في حين تتجاوز ال 15 في المئة في أوزبكستان. في السعودية أيضاً، بلغت نسبة بدانة الأطفال عام 1991 نحو 10 في المئة، وارتفعت في عام 1996 إلى 15 في المئة، ووصلت هذه السنة إلى 20 في المئة، وهي إلى ارتفاع. كل تلك الأرقام المقلقة جعلت من عالم التغذية ضرورة لا بدّ منها في عجلة الحياة المعاصرة السريعة. والمتخصص في علم التغذية لا يملك الوصفة السحرية لمحاربة مرض العصر، عصر التكنولوجيا. فذلك العلم يتطلب تمرساً حقيقياً في الاطلاع على تركيبات الأطعمة ومكوناتها وكيفية استعمال الإنسان لها وأوجه استفادته منها. في هذا الاختصاص، يتعرّف الطالب على مشوار الأطعمة الطويل منذ دخوله إلى الجهاز الهضمي حتى بلوغه خلايا الجسم، مروراً بعمليات الهضم أو الامتصاص. ويطال علم التغذية أيضاً الحاجات اليومية من العناصر الغذائية التي يجب أن يتناولها من يبحث عن حياة صحية سليمة. ماذا يدرس المتخصص في علم التغذية؟ يشير كتاب"المستقبل من اختيارك"إلى أن التغذية كعلم لا تقتصر على الإنسان فحسب، بل الحيوان وحاجاته أيضاً. لذا يتعرّف الطالب الى علم الأحياء والكيمياء وعلم المختبر، والكيمياء العضوية، ومكروبيولوجيا الزراعة والبيوكيميا وكيمياء الغذاء وتحليل الأغذية وتغذية المجتمع وعلم الحيوان والتغذية ودورة الحياة وفيزيولوجيا جسم الإنسان وعلم الحمية الغذائية وحمية المستشفيات والحرق الغذائي، وأخيراً علم النفس. أما بالنسبة إلى طبيعة العمل، فالاختصاصي يحلل شخصية المصاب بالبدانة ويشرف على وضع النظام الغذائي وتحضير الوجبات الصحية والسليمة التي تساعده على الحد من عادات الطعام السيئة. يذكر أيضاً أن الكثير من الأمراض مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والقرحة، تحتاج إلى علاج غذائي معيّن، يساعد في علاجها وتفادي أخطارها. إذاً، ساحة المعركة لذلك المحارب واسعة، تشمل المستشفيات والعيادات الخاصة، والمدارس، والمؤسسات التي تهتم بإطلاق حملات التوعية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ومصانع الأغذية والمختبرات، وأخيراً الأكاديميات المتخصصة. وعلى رغم قلتها، إلا أن الجامعات التي تقدم هذا الاختصاص في العالم العربي، تحرص على تقديم مناهج علمية متطورة توازي تلك المزدهرة في الغرب. ويشار على سبيل المثال لا الحصر، إلى: جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية www.ksu.edu.sa، الجامعة الأميركية في بيروت www.aub.edu.lb، جامعة عدن www.ccau.edu.ye. [email protected]