تعيش مدينة أريحا هذه الايام صخب الحملات الانتخابية لاختيار اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني المقبل. ورغم ان الكلمات المفتاحية في الوعود الانتخابية هي التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد، الا ان ذلك لم يمنع وقوع خروق لقانون الانتخابات وبعض التجاوزات في هذه المدينة التي يمكن ان تُعد نموذجاً لمدن اخرى ان كان لجهة المعاناة المترتبة عن الفساد او الوعود الانتخابية او تطلعات الناخبين. واريحا مدينة وادعة تعتاش على الزراعة وعلى السياحة بوصفها مشتىً جميلاً وتاريخياً. كانت اول مدينة تنسحب منها اسرائيل في الضفة في اطار اتفاق"غزة - اريحا اولاً"، واليوم لا وجود عسكريا اسرائيليا فيها او توغلات بخلاف المدن الاخرى. يتنافس فيها خمسة مرشحين على مقعد واحد، ومع بدء العد التنازلي ليوم الاقتراع، تحتدم فيها الحملات الانتخابية، حتى ان بعض المرشحين لجأ الى تسيير سيارات مزودة مكبرات صوت للترويج لنفسه. والشعارات الانتخابية المطروحة كثيرة، لكن القاسم الاعظم بينها هو دعوتها الى التغيير والاصلاح. وتحاول حركة"فتح"النأي بنفسها عن تهم الفساد، فتشدد على"النزاهة"وتقول:"سنقطع اليد التي تسرق قوت الشعب وقوت الفقراء". وتقول"كتلة التغيير والاصلاح"المنبثقة عن"حماس":"لا للفساد والمحسوبية والرشوة والاقصاء الوظيفي". اما حركة"الطريق الثالث"فتركز على محاربة الفوضى فتقول:"ما بكفي الاحتلال... كمان فوضى وفلتان"، وتضيف:"بدنا قانون بدنا نظام". لكن ماذا عن الناخبين وتوجهاتهم؟ "الحياة"جالت في المدينة واستمزجت اراء بعض سكانها في المرشحين وحملاتهم، ولاحظت ثلاثة توجهات لافتة لدى الناخبين، فهناك الذين سيقاطعون الانتخابات لانهم يرون انها لن تقدم ولن تؤخر شيئا بالنسبة الى معيشتهم، وهناك الذين سيصوتون لمرشح"حماس"بسبب النزعة الدينية، في حين كان التوجه المهيمن هو التصويت للمرشح الاقوى والاقدر على توفير الخدمات للسكان. وتقول ربة بيت ان"الدعاية الانتخابية لا تهمني، وسأنتخب حماس لاسباب دينية"، في حين تقول سيدة اخرى انها لن تقترع لان المرشحين"قبل الانتخابات بيعرفونا، لكن بعدها لا يتعرفون على احد". ويوافقها الرأي احد الموظفين قائلاً:"لسنا متأملين خيراً، يريدون الوصول حتى يُعَبّوا يملأوا جيوبهم، وعندما يصلون لن يعملوا لنا شيئا". ويتفق مزارعان على اعطاء صوتيهما الى مرشح"فتح"صائب عريقات، ويقول احدهما ان عريقات"متكلم ويخدم البلد ومتعلم ومعروف في الداخل والخارج، في حين ان بعض المرشحين غير متعلم وتلاحقه اسرائيل ولا يستطيع الخروج من اريحا". اما الاخر فيقول انه سينتخب عريقات لانه"لا يوجد بديل افضل، ولانه جيد وساعدنا ببناء المدرسة والروضة والشوارع وساعد عائلات مستورة كثيرة، ومكتبه مفتوح للجميع". ويرى مرشح الحركة الاجتماعية عادل ابو نعمة، وهو مستقل يطلق على نفسه"مرشح الفقراء"، ان المسؤولين"جعلوا الشعب متسولاً يسعى الى الحصول على مساعدات شخصية، بينما كان من باب اولى لو استخدمت هذه المساعدات في تنفيذ مشاريع منتجة". ويوضح ل"الحياة"ان"الناس بنسبة كبيرة مع التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد"، وانه رشح نفسه بسبب"الفساد والمحسوبية والفئوية والحزب الواحد في التشريعي والحكومة وتهميش الشريحة الاوسع من العمال والفقراء والمزارعين". ويؤكد ان اولوياته هي العمل من اجل انهاء ملف الاعتقال السياسي، علما ان الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات وجمال الشوبكي سجينين في اريحا. ورغم وعود المرشحين بمحاربة الفساد، الا ان ذلك لم يمنع وقوع تجاوزات للقانون الانتخابي. ويقول ابو نعمة ان بعض الناخبين تجاوز الموازنة الانتخابية المسموح بها 60 الف دولار و"يتبين ذلك في حساب بسيط لعدد اليافطات الملونة الكبيرة والجداريات واسعارها". ويضيف ان قانون الانتخابات يحظر على اي مرشح استخدام اي من شعارات السلطة، في حين يظهر عريقات في جدارية مع الرئيس محمود عباس الذي يشكل رمز السلطة، معتبراً ان عريقات"استخدم الصورة للقول بطريقة غير مباشرة: انتخبوني لانني قريب من السلطة وممكناتها. وهذا خرق فاضح". واضاف ان قادة اجهزة امنية وضباطاً يزورون مرشحين في بيوتهم من اجل الترويج لهم، معتبراً ان هذه الزيارات هي"للترهيب والترغيب"معا. وتحدث آخرون ل"الحياة"عن صدور تعميم داخلي يدعو قوات الامن الوقائي الى انتخاب عريقات الذي سُمح له ايضا بمخاطبة العسكر رغم ان ذلك ممنوع. من جانبه، قال عريقات ل"الحياة"ان الناخبين طلبوا منه"الاستمرار في عملية السلام لكن ليس بأي ثمن"، مضيفاً انهم طالبوه"بدولة مستقلة عاصمتها القدس وفي حدود عام 1967 مع حق اللاجئين في العودة". وقال انه وعدهم بتوسيع مشاريعه المتعلقة ببرامج التعليم والصحة والرياضة.