يذكّر خوف أوروبا الغربية من عرض شركة"يو أس ميتال ستيل""الهندية" شراء"أرسيلور""الفرنسية - البلجيكية" لقاء 18.6 بليون دولار أي بزيادة 27 في المئة عن قيمة أسهمها في اليوم السابق على العرض، بالحملة التي شنتها شركة"دانون"الفرنسية للمأكولات لإقناع فرنسا بأن اللبن وقناني المياه هي"أصول وطنية"، وعليها، تالياً، حمايتها من عرض شراء تقدمه شركة"بيبسي كو""الأميركية". ولكن القرار النهائي بيد مساهمين تهمهم قيمة العرض أكثر من"القيم الثقافية الأوروبية". وبين رد"أسيلور"وحملة"دانون"أوجه شبه هي: أولاً، يرفع مصنع الصلب شعار محاربة العولمة في الوقت الذي ينتمي الى شركة عالمية ناجحة. فالشركة أكبر منتج للصلب في البرازيل مثلاً، حيث اشترت شركتي صلب، في 1998. وهي تدين بنحو خمس عائداتها الى دول من خارج الاتحاد الأوروبي. وترتفع هذه النسبة كثيراً، بعد قبول عرضها شراء"دوفاسكو"الكندية، الشهر الفائت. ثانياً، عبأت"أرسيلور"نقابات العمال في فرنسا وإسبانيا ولوكسمبورغ وبلجيكا دفاعاً عن الوظائف المهددة. ويتسم رد فعلها المعادي هذا بالغرابة. فپ"ميتال"لا تنوي إغلاق مصانع في هذه البلدان، بينما تقلص"أرسيلور"، في المقابل، الوظائف على الدوام هناك. وكانت"ميتال"اشترت"انترناشونال ستيل غروب"بأميركا، في 2004. ثالثاً، نجحت"أرسيلور"في تعبئة بعض السياسيين وحملتهم على معارضة الصفقة. فأدرج عرض"ميتال"في جدول أعمال اللقاء الذي جمع جان كلود يونكر، رئيس وزراء اللوكسمبورغ، بنظيره الفرنسي، دومينيك دو فيلبان، جنباً الى جنب مع بندي مستقبل أوروبا والسلام في الشرق الأوسط. وأعرب وزير المالية الفرنسي عن"عميق قلقه"من الصفقة المزمعة. ولكن ما يضمره هذا القلق، على قول النقاد الأدبيين الفرنسيين، بسيط: فپ"ميتال غاز"عنصر أنغلو - ساكسوني غريب، يسيطر عليه مؤسسه الهندي، ويسعى الى تقويض نموذج رائد لمؤسسات"أوروبا القديمة". ولكن لم يعر أحد اهتماماً لإقدام أحدهم "ميتال" على إنفاق 18.6 بليون دولار لا لشيء إلا لتحطيم شركة ناجحة ومبدعة. وهذا غاية العبث، لو صدق. والحق ان أحداً من الساسة المهذارين هؤلاء لا يملك سلطة إيقاف الصفقة. وتنكب اللجنة الأوروبية لشؤون المنافسة على دراسة الملف. ويبدو من كلامها ان لا منافسة أصلاً. والقرار الأخير في هذا الموضوع إنما يعود الى المساهمين. ويحق لپ"أرسيلور"ان تعترض على قيمة العرض أو شكله. والجزء الأكبر من العرض هو أسهم في"ميتال"التي يسيطر عليها مؤسسها بواسطة الاجراء الأوروبي العريق القائم على حق التصويت الممتاز. وبينما يعلو خطاب مناهضة العولمة في دول تقول بضرورة وجود"أبطال"وطنيين في اقتصادها، لا يعير المستثمرون هذا الخطاب اهتماماً. عن افتتاحية"فاينانشل تايمز"البريطانية، 2/2/2006