يمكن القول إنّ القاعدة العامة في عالم الأزياء تشبه قاعدة اللغة العربية التي تنطبق على الأرقام من ثلاثة إلى تسعة أي أنها تذكّر مع المؤنّث، مع بعض"الشوائب"وإهمال الجزء الثاني من القاعدة. بمعنى آخر، في حين نجد أن عالم المرأة للموضة هو من صنع الرجال إذ أنهم يشكّلون الغالبية الساحقة من المصمّمين، برز العديد من النساء المنافسات للرجل في هذا الميدان. وقد يعتبر من القدر أن تبرز أسماء مهمة منها ميوتشا برادا وتحفر اسمها بين أبرز مصممات الأزياء للرجال. وإذا سلّمنا جدلاً بأن الرجل استطاع أن يحافظ على دوره كرائد في عالم الأزياء على تنوعه، إلاّ أن ميوتشا برادا استطاعت أن تحلّق عالياً في عالم الرجال. فأضفت من أنوثتها على كل قطعة ألبستها للرجل، وعملت على أن تتميز في ميدان يزيد الطلب عليه لا سيما مع الطفرة التي يشهدها عالم الرجال من خلال اهتماماتهم الزائدة بالموضة والأناقة، إلى درجة يُصبح معها مئة في المئة برادا. كل ما يريد الرجل مجموعة برادا لخريف - شتاء 2006 - 2007 تعطي الرجل كل ما يريده، وبات في إمكان الرجل العصري أن يرتدي برادا من رأسه إلى أخمص قدميه. التشكيلة التي عرضت مزجت الكلاسيكية والدقة في التفاصيل بالحداثة المرحة إلى حد الصخب. حافظت برادا على عنصر الإبهار بتشكيلة ألهبت الخيال، بالقصات الرائعة والمتقنة، بلمسات شابة. من الكنزات الصوفية الى القمصان الحرير، مروراً بأقمشة البدلات المخططة. بالألوان الكلاسيك من الرمادي الى البني والأسود، قدمت برادا مجموعتها للعام المقبل مخاطبة مختلف الأذواق ومعظم الأفراد من طلاب إلى موظفين ورجال أعمال. "الأناقة - العملية"عنوان يمكن إطلاقه على المجموعة الجديدة لبرادا مع كل ما أُضيف إليها من"اكسسوارات"إذا صحّ التعبير. فبرزت ربطة العنق التي يصنّفها بعض خبراء الموضة"عنصر الترف الوحيد في أزياء الرجال"، مساهمةً في عكس الشخصيات المختلفة التي تتوجه اليها المجموعة، وإن استبدلتها ميوتشا في بعض المرات بشالات تضفي الدفء على ملامح الرجال في أيام البرد القارس. ولأن ربطة العنق تحمل الكثير من الرمزية في طيّاتها، لا سيما في ما ترمز له ألوانها، عملت برادا في مجموعتها الجديدة على الابتعاد عن الألوان الصاخبة كالأحمر والبرتقالي اللذين يعبران عن مشاعر الدفء والحميمية والطاقة والديناميكية والقوة، وعن اللون الازرق الذي يوحي بشيء من الانعزالية والهدوء... وغيرها من الألوان ذات الدلالات وركّزت على ما يخدم الرجل العملي. فاستخدمت الواناً هادئة مثل البيج والبني والأسود التي تخدم شخصية رجل الاعمال. ولم تهمل برادا عنصر الجذب إذ وضعت رسوماً لربطات العنق تسهم في جذب العين حتى تناسب الرجل في محافله الخاصة. وجاءت الرسوم كلاسيكية وبسيطة وحلّت مكانها الربطات المخططة للتعبير عن الديناميكية التي يتحلى بها رجل برادا. في المجموعة الجديدة أعطت برادا دوراً بارزاً للحقيبة، التي تعتبر ضرورة في حياة الرجل العملي. فقدمت تشكيلة من الحقائب الجلد بأحجام مختلفة تتناسب ومتطلبات كل الأذواق، ومكرّسة شعار برادا للحقائب"دلالة على الموضة المعاصرة حيث يجب أن تلتقي جميع متطلبات الأناقة". وللحذاء"الحلم"كما تصفه برادا مكانه الخاص في هذه المجموعة عبر تشكيلة واسعة يمكنها أن تصلح لمختلف المناسبات. لا يقي برد الشتاء إلاّ قبعة من الفرو أو الصوف أو الاثنين معاً. فعادت برادا برجالها الى عصر الفرسان وقدمت لهم مجموعة من القبعات الصوف التي تلف رؤوسهم، وتشكيلة أخرى من الفرو العاجي والأسود أو البني والبيج بما يشبه خوذة سائقي الدراجات النارية، لا سيما مع النظارات الشمسية. فنظارات برادا لخريف - شتاء 2006/2007 تحافظ على الحجم الكبير الذي سيطر على عالم الموضة في السنوات الأخيرة، مع الألوان الداكنة إما سوداء أو بنيّة ولا يحدّ من جديّة الملامح التي تخّلفها الاطلالة الأولية لرجل"برادا"إلاّ العلامة الفضية التي ترسم حدود النظّارات مع الوجه. في عام 2005 زادت مبيعات سوق الأزياء الرجالية بنسبة 15 في المئة. وتشير التوقعات إلى أن هذه النسبة ستزيد في السنوات المقبلة. لذلك كان من البديهي أن ينعكس هذا التحول على العروض الرجالية التي تشهدها عواصم الموضة، والتي اكتسبت اهمية كبيرة، فضلاً عن أنها أصبحت أكثر جرأة في ما تقدمه من ألوان وقصات، بل وحتى اكسسوارات. وبالتالي فإننا سنشهد حتماً اهتماماً متزايداً بعروض الأزياء الرجالية، التي سيركز المصممون عليها، ويولوها اهتماماً أكبر تماشياً مع الطفرة الاقتصادية والتغييرات التي شهدتها بعض المجتمعات وكانت وراء ظهور ثقافة تشجع الرجل على الاهتمام بمظهره، من دون أن يشعر بأن في الأمر انتقاصاً من رجولته.پ