نعم يبدو لي أن الغاء المحقق العدلي مستحسن. وأرى ان يحل محله قاضٍ يقضي في التحقيق، يتولى التحكيم بين الدفاع وبين النيابة العامة، ويضمن الخصومة بين المتقاضيين. فالحقيقة مصدرها الخصومة والمقابلة بين الجبهتين المتقاضيتين. والعدالة مصدرها الحقيقة. ولا شك في اننا النظام القضائي الفرنسي أدخلنا الخصومة في الاجراءات القضائية التي كانت تقوم أولاً على الادعاء. وما ينبغي استخلاصه من قضية اوترو هو اخفاق الدفاع في اثبات حقوقه. وهذا ما ينبغي تلافيه من طريق اثبات حقوق الدفاع. فمطالبهم في التحري والتقصي لم تؤخذ في الحسبان. وعلاج التقصير هذا هو سن الزامية الشهادات المتناقضة والمتخاصمة. والمسألة هي لماذا ينصب قاضي التحقيق العدلي فوق البشر، بينما هو انسان مثل سائر البشر خلق ضعيفاً. فهو يوكل اليه امران عبء الواحد منهما ثقيل: الفصل في دعويي المتقاضيين الخصمين، والتقصي. وينطوي هذا على التباس قريب من الفصام، وينبغي تبديده، ولكنه ليس طعناً في النظام القضائي الفرنسي، بل هو اقرب الى اصلاحه. ولا أرى جدوى من التعرض الى النيابة العامة، والتذرع باصلاحها اصلاحاً بنيوياً. فاذا تخلفت النيابة العامة عن المبادرة الى الملاحقة، كان في مستطاع القاضي في التحقيق حملها على الملاحقة. وعلى هذا، فهو ليس تفعيل الحريات وحسب، بل تفعيل النظام العام كذلك. ولا يستتبع المقترح هذا جعل قاضٍ في التحقيق محل المحقق العدلي قرشاً اضافياً على المدعي او المدعى عليه. ولا ينبغي تقديم توفير النفقات على صون كرامة انسان او حياته. والحق ان هذا لا يستتبع زيادة النفقات على الافراد، على خلاف النفقات العامة ربما. وفي الاحوال كلها ينبغي الاختيار بين تعويض ابرياء دينوا قبل ان يقر ببراءتهم، وحطمت حياتهم، وبين عدالة تساوي تكلفتها التعويض. ولعلها مسألة سياسية عن حق. عن إيف روبيكيه نقيب محامي باريس، "لكسبريس" الفرنسية. هل يستحسن إلغاء منصب المحقق العدلي؟