عندما أغلقت عواصم العالم الغربي خزائنها أمام الفلسطينيين عقب فوز حركة"حماس"في انتخابات المجلس التشريعي فكر الرئيس محمود عباس في اللجوء الى شخصية ذات تأثير دولي تتعاطف مع الفلسطينيين وتحظى بثقتهم، لمخاطبة الغرب واقناعه بمواصلة الدعم، فكان جيمس وولفنسون مبعوث اللجنة الرباعية ومنسقها لخطة الانسحاب من قطاع غزة الذي طالما وصفه عباس في اللقاءات الخاصة ب"الصديق العظيم للشعب الفلسطيني". وبعد اجتماعهما في رام الله الخميس الماضي، لم يجد وولفنسون العارف بدهاليز السياسات المالية للغرب من خلال عمله رئيسا للبنك الدولي فترة طويلة من الزمن، حلا عاجلاً للأزمة المالية التي تمر فيها السلطة سوى البحث في العالم العربي عن مصادر بديلة وآنية للدعم الغربي، وهو ما لم يعارضه محمود عباس. وفي اليوم التالي للقاء، أي الجمعة، توجه وولفنسون وهو أميركي يهودي الديانة، الى الأردن للانطلاق منها في جولة عربية تشمل كلاً من مصر والسعودية وقطر والكويت والمغرب والامارات وغيرها بحثاً عن دعم عاجل لخزينة السلطة الخاوية. ونجح وولفنسون قبل ان يغادر في اقناع البنك الدولي بدفع مبلغ من المال قدره 60 مليون دولار للسلطة. وكان مقرراً دفع هذا المبلغ المخصص للفلسطينيين لخزينة السلطة في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، لكن البنك قرر تجميده بعد خرق السلطة معايير متفقاً عليها مع للانفاق الحكومي وعلى نحو زاد من عدد الموظفين ومن رواتبهم وهدر الكثير من الأموال في غير موضعها مثل دفع فواتير كهرباء عن مجالس محلية مفلسة. واشار وزير الاقتصاد الفلسطيني مازن سنقرط الى ان السلطة الفلسطينية طلبت من وولفنسون تمديد فترة عمله مبعوثا للجنة الرباعية التي تنتهي الشهر المقبل لأشهر عدة مشيرا الى حاجتها لوجوده بصفته شخصاً قريباً من الفلسطينيين يدرك حاجاتهم ومشكلاتهم. وكان وولفنسون وقف الى جانب الفلسطينيين في كثير من القضايا الخلافية التي ثارت أثناء التفاوض حول الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة. وقد نجح في حينه في تجنيد دعم من قبل الجاليات اليهودية في العالم لابقاء الدفيئات الزراعية في غزة سليمة، وتقديمها للفلسطينيين بعد ان هدد أصحابها من المستوطنين باتلافها. ولتشجيع أثرياء اليهود في العالم على المساهمة في الصندوق الذي أقامه لشراء هذه الدفيئات بقيمة 15 مليون دولار بادر وولفنسون وتبرع بمبلغ نصف مليون دولار من جيبه الخاص. ويشير وزير الاقتصاد سنقرط الى ان السلطة طلبت من وولفنسون مساعدتها في توفير رواتب موظفيها للأشهر القليلة القادمة. وكانت السلطة واجهت صعوبات كبيرة في توفير رواتب الشهر الأخير بعد ان أوقفت إسرائيل تحويل المبالغ الجمركية لخزينتها، وأوقف العالم الغربي معوناته اثر فوز"حماس". ولم تتمكن السلطة من دفع الرواتب البالغة قيمتها 116 مليون دولار سوى بعد تحويل اسرائيل لقيمة الجمارك"55 مليون دولار"وبعد ان حصلت على تسهيلات من البنوك والشركات الكبرى المحلية. وكان وولفنسون نجح العام الماضي في اقناع الدول الصناعية الثمانية الكبرى في تقديم دعم سخي للفلسطينيين للسنوات الثلاث "2006-2008" لانجاح مشروع الانسحاب الاسرائيلي من غزة ومن أربع مستوطنات في شمال الضفة. لكنه اعترف عقب لقائه مع الرئيس محمود عباس ان المبلغ الذي قررت تلك الدول تقديمه للفلسطينيين وقيمته تسعة بلايين دولار قد لا يصرف نظرا الى التغيرات التي حدثت بفوز"حماس". وقال في رد على سؤال ل"الحياة":"نعم لقد كان هناك وعد بدفع تسعة بلايين دولار للسلطة في سكوتلندا، لكن هذا يخضع للاتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين". وأضاف:"وكما تعلمون يوجد اليوم تغيير في البرلمان وفي الحكومة هنا، ويوجد انتخابات قادمة في اسرائيل، وأعتقد ان العالم يحتاج الى التوقف ورؤية ماذا قرر شعبكم قبل ان يتدخل". وعن جهوده كمبعوث للجنة الرباعية في مساعدة السلطة على توفير رواتب موظفيها بعد اعلان عدد كبير من الدول المانحة عن وقف مساعداتها للسلطة عقب فوز"حماس"في الانتخابات قال وولفنسون:"لقد تدبرت السلطة أمر الرواتب هذا الشهر، ونحن نتطلع لوضع رزمة من المساعدات لتخفيف الضغوط المالية في الفترة القادمة". واشار نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس محمود عباس الى ان الرئيس مع وولفنسون اتفقا على ان يقوم الثاني بجولة خليجية لتوفير دعم مالي عاجل لموازنة السلطة لتمكينها من دفع رواتب موظفيها للاشهر القليلة القادمة. وقد دأبت الحكومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة على الحصول على قروض من البنوك المحلية لتغطية العجز في رواتب الموظفين. ويقول مسؤولون في السلطة ان وزير المالية المستقيل سلام فياض كان يحصل على هذه القروض برهن موجودات صندوق الاستثمار، وان قيمة هذه القروض تجاوزت قيمة هذه الموجدات"بلغت نصف مليار دولار". وأقر وكيل وزارة المالية الدكتور جهاد الوزير صعوبة دفع الرواتب في الفترة القادمة في حال استمرار توقف المساعدات الخارجية. وقال:"من المؤكد ان الأمور ستكون أكثر صعوبة مع كل شهر جديد". وتشكل ايرادات السلطة الضريبية، وبضمنها تحويلات جمركية من اسرائيل، حوالي نصف فاتورة رواتب الموظفين البالغ عددهم 140 ألفاً. ويتوقع الفلسطينيون ان يزداد الوضع المالي سوءاً بعد تشكيل"حماس"للحكومة في غضون أقل من شهرين بعد ان اشترط العديد من الدول المانحة اعتراف الحركة باسرائيل مقابل مواصلتها تقديم الدعم المالي للسلطة.