جاء في لسان العرب في مادة"صوت": الصوت: الجرس معروف، وصات يصوِّت نادى. ويقال: صوَّت يصوت تصويتاً، فهو مصوتٌ، وذلك اذا صوَّت بإنسان فدعاه، ومنه صاح وفي الحديث"كان العباس رجلاً صيِّتاً"أي شديد الصوت. لم يتطرق ابن منظور الى المعنى السياسي للكلمة فلأنه لم يعرف الانتخابات الديموقراطية كما يريدها الغرب، ولكن المعاجم الحديثة، كالمنجد وغيرها، تضيف ان التصويت اعطاء الصوت في الانتخابات، وصوَّت أيده بإعطائه صوته في الانتخابات، وأشاروا الى ان هذا اللفظ محدث حمل معنى جديداً في العصر الحديث. إذاً صوت لها معنيان: قديم نادى وصاح، وحديث أعطاه صوتاً في الانتخابات. ولكن ما الجديد بالنسبة الى الانتخابات الفلسطينية الأخيرة؟ تناقلت وكالات الأنباء أن تسعة عشر موظفاً من العاملين في رئاسة المقاطعة صوتوا لحماس من عددهم البالغ 99 بمن فيهم رئيس السلطة محمود عباس. وتندر البعض قائلاً:"ربما كان الرئيس عباس أحد المصوتين لمصلحة حماس"! قد يكون عباس صوت بالمعنى الحديث، وپ"قد"هنا للتشكيك لا للتحقيق، ولكن أغلب الظن أن صوت محمود عباس الذي وضع في الصندوق كان لمرشحي حركته، على رغم أنه صوت لقائمة الإصلاح والتغيير التي تمثلها حماس بالمعنى القديم. ولكن كيف صوت عباس لحماس؟ يقول المراقبون ان السيد عباس وعد فوفى، ولم يكن وعده كالوعود التي اعتاد المواطن العربي سماعها من مسؤوليه قبل الحملات الانتخابية والتي تتضمن الحياد والنزاهة والشفافية وتكون النتيجة عكس ما وعد به تماماً. لقد شك كثيرون من المحللين والمتابعين للانتخابات الفلسطينية ان تكون في موعدها وان تكون شفافة ونزيهة يرضى عنا جميع الأطراف بما فيها فتح وحماس وغيرهم، وحتى المراقبون الدوليون لم يتوقعوا ان تجرى الانتخابات بهذه النزاهة والشفافية. لقد فاقت جميع الانتخابات العربية بل الأميركية والأوروبية. لقد صوت الرئيس عباس لحماس عندما صاح ونادى بأعلى صوته متحدياً الصعاب انه ضد الفساد والمفسدين وأنه مع انتخابات نزيهة تمثل تطلعات الشعب الفلسطيني. وأصر على وعده، وعلى رغم الضغوطات الهائلة التي مورست عليه محلياً وعالمياً من أجل تأجيل الانتخابات أو تزويرها أو الغائها بطريق مباشر أو غير مباشر. لقد هددوا بعدم التعامل مع الحكومة الجديدة اذا كانت حماس طرفاً فيها، وهددوا بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني اذا فازت حماس وكأن الديموقراطية التي يتبجحون بها لها مقاسات معينة من أهمها عدم السماح للحركات الاسلامية بممارسة حقها في الانتخاب والتصويت! لقد صوت عباس لشعبه في اختياره الديموقراطي ووضع شعبه أمام تحد كبير فلم يعد سراً ما هددت به اسرائيل وتوعدت، وكذلك لم تعد سراً التهديدات الأوروبية والأميركية بقطع المساعدات فقد عرفها القاصي والداني. لقد احترم عباس قرار شعبه ولم يلجأ الى التزوير والمماطلة وارضاء أميركا والغرب وكل من له ولاء لإسرائيل. لقد صوت عباس لحماس بالمفهوم اللغوي كما أوصى ابن منظور صاحب"لسان العرب"، على رغم ان صوته الذي أدلى به في الصندوق كان بالمفهوم السياسي كما أوصى أصحاب المعاجم الحديثة. خليل محمود الصمادي عضو اتحاد الكتّاب والصحافيين الفلسطينين/الرياض