عادت أسعار الفائدة في السوق المصرية لتلقي بظلالها مجدداً على تعاملات المصارف إثر احتدام الجدل اخيراً حول دور المصارف الأجنبية في السوق وانعكاسات ذلك على خطط النمو في البلاد، إذ نجح"بنك مصر"في انتزاع الاهتمام بالخطوة التي أقدم عليها الاسبوع الماضي بزيادة سعر العائد على أوعيته الإدخارية المميزة الى 9.25 في المئة وبواقع 0.50 في المئة ليعطي الانطباع بأن هناك اتجاهاً صعودياً مرتقباً في أسعار العائد. وبينما التزم المصرف المركزي الصمت تجاه هذا الاجراء مانحاً لجنته للسياسة النقدية حق الانفراد بتحديد توجهات سعر العائد في حينه وفقاً للتوقيت المحدد لاعلان تسعير عمليات الاقراض في ما بين المصارف"الانتربنك"، إلا أن من الواضح أن هناك ميلاً للاستمرار في رفع أسعار الفائدة في الاجل القصير. يعزز ذلك، كما يرى الخبير المصرفي احمد عبدالوهاب، ان المبادرة يقودها مصرف عام توجه سياسته في إدارة العائد الاعتبارات التي تحكم صانع السياسة النقدية، وهي مواكبة المنحنى الصعودي لمعدلات التضخم التي وصلت الى مستوى قياسي منذ حزيران يونيو الماضي حيث كانت في حدود 4.5 في المئة لتبلغ 11.9 في المئة باعتراف وزير المال خلال تشرين الثاني نوفمبر، وهو ما يعني ضرورة التحريك لزيادة أسعار الفائدة الدائنة على الودائع لئلا يصبح سعر الفائدة الحقيقي سلبياً على نحو حاد. وتخشى السلطة النقدية في مصر تباطؤ السوق المصرفية في الالتزام بزيادة أسعار العائد على الودائع، ما يؤثر في حركة تدفق الأموال إلى داخل الجهاز المصرفي أو تحول البعض الى استبدال عملة الإدخار المحلية بالدولار الأميركي ما يجدد مخاطر عدم الاستقرار النقدي. ويلاحظ نائب المدير العام في"البنك العربي - الافريقي"احمد سليم ان السوق المصرفية على رغم نضوج تعاملاتها في الوقت الراهن عن ثلاث سنوات ماضية ووجود آليات إدارة جيدة لأسعار الفائدة، إلا أن التهديد الراهن جد خطير لأنه لا توجد ضمانات من جهة على تراجع معدلات التضخم، كما انه لا توجد مؤشرات سريعة على تطور نمو معدلات العائد داخل السوق من جهة أخرى، ما يجعل أي زيادة في معدلات التضخم مؤشراً خطراً على وضع هيكل أسعار العائد داخل السوق.