يحتضن السويدي ماتياس جونسون ابنتيه ميرا 4 سنوات وليا 7 سنوات ويقول مبتسماً:"كان بديهياً ان أتقاسم فترة الأبوة مع زوجتي كي ابقى الى جانب طفلتيّ مدة من الزمن. فأنا مقتنع بأن دور الأب لا يقل أهمية عن دور الأم في تربية الأطفال". ولكن ماتياس جونسون هو حالة استثنائية في السويد. ففي 1974، أقرّ البرلمان السويدي قانوناً لعطلة الأمومة والأبوة المدفوعة التي تصل مدّتها الى 084 يوماً. ويمكن الوالدين تقاسمها واستخدامها قبل ان يبلغ الطفل سنه الثامنة. وفي حال لم يتمكن أحد الوالدين من استخدام ايام عطلته، يمكن أن يتنازل عنها الى وليّ الأمر الآخر. وعلى رغم مرور 23 سنة على هذا القانون فإن الآباء السويديين الذين يتقاسمون فترة العطلة المدفوعة لا يتجاوز عددهم 2.6 في المئة. ويعتقد ماتياس ان عدم تقاسم الآباء تلك الفترة الزمنية وتركها للأمهات يعود الى"الدور الأبوي الذي لا يزال يعيش فيه الكثير من الرجال الذين يعتقدون انهم وحدهم من يعيل العائلة وأن مكان المرأة الطبيعي هو مع الأطفال ومكانهم هم في العمل". ولكن صندوق الضمان الاجتماعي الذي يتكفل بدفع مبالغ تلك العطلة التي تتميز فيها السويد عن بقية دول العالم يحاول الآن تشجيع الآباء السويديين على تقاسم العطلة مع الأمهات من اجل تعزيز المساواة في المجتمع. وفي دراسة أجراها صندوق الضمان الاجتماعي أظهرت ان المجتمع السويدي يتجه نحو تحقيق هدف المساواة في عطلة الأبوة والأمومة ولكن ليس الآن وإنما بعد 43 سنة. وينظر وكيل الدولة لشؤون المساواة كلاس برغستروم بقلق شديد الى هذه الدراسة ويقول:"استغرب ان عدد الآباء الذين يعتنون بأطفالهم لا يزال قليلاً جداً. وعملية المساواة تسير ببطء". وكيلة الدولة لشؤون الأطفال لينا نيبرغ تعارض فكرة إجبار الآهل على تقاسم العطلة المدفوعة وتشرح ان في بعض العائلات يكون أحد الوالدين غائباً في السجن، مثلاً، او في عمل ما خارج البلاد،"فلا يمكن الدولة ان تحرم الطفل من العطلة الكاملة مع واحد من وليي أمره. يجب علينا ان ننظر في مصلحة الطفل وليس الى أمور اخرى. هذه العطلة هي للطفل وليس للأهل". وتنكب الحكومة السويدية الجديدة على استنباط حلول تراعي ظروف الوالدين، بغية الإفادة من العطلة المدفوعة التي يهملها الرجال في أكثر الأحيان. ولكنها لم تتوصل بعد الى حل للمشكلة يرضي الجميع. فالمشكلة لا تقع على عاتق الحكومة فحسب، بل أيضاً على عاتق الرجال الذين لا يرغبون في مجالسة أطفالهم طوال نصف سنة او اكثر. ولعلّهم في ذلك يؤدّون الدور الذي تعودت عليه المرأة في معظم المجتمعات. في السنوات الأخيرة، حصل تطور في قناعات الرجال الأصغر سنّاً من جيل الشباب بين 02 و 92 سنة. ففي دراسة حديثة أجراها مركز الأبحاث السويدي، تبين ان غالبية هؤلاء ترغب في تقاسم العطلة المدفوعة مع زوجاتهم لأهمية إسهامهم في تربية أطفالهم، وفقاً لقناعتهم. وتبقى مشكلة صغيرة عالقة: معظم هؤلاء لم ينجب بعد، أي أن قناعتهم عرضة للتغيير الجذري.