بدأت الملامح النهائية لاتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بين الرئيس محمود عباس وحركة"حماس"في التبلور. وقد سافر عباس امس من رام الله الى غزة للقاء رئيس الحكومة اسماعيل هنية ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق. وقال مسؤولون في مكتب عباس انه توجه الى غزة بعد تلقيه ردوداً ايجابية من حركة"حماس"بشأن جاهزيتها لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وكشف الدكتور مصطفى البرغوثي الذي قام بأعمال الوساطة الاخيرة بين عباس و"حماس"ان الجانبين اتفقا على برنامج الحكومة وعلى مواصفات رئيسها. وقال البرغوثي ل"الحياة"ان برنامج الحكومة سيكون خطاب التكليف الموجه من الرئيس محمود عباس الى الحكومة الجديدة مشيراً الى انه - أي خطاب التكليف - سيرتكز على وثيقة الوفاق الوطني. وقالت مصادر في"حماس"ان خطاب التكليف لن يتضمن قضايا اشكالية مثل الاعتراف باسرائيل. وأكد البرغوثي ان الخطاب سيكون مقتضبا وعاما بحيث يمثل المجموع الفلسطيني. وقد طرحت"حماس"اسماء ثلاثة مرشحين لترؤس الحكومة يتقدمهم الدكتور محمود الشبير رئيس الجامعة الاسلامية في غزة. وقالت مصادر في الحركة ان الشبير حصل على مبايعة من مجلس شورى الحركة في الاجتماع الذي عقده يومي السبت والاحد الماضيين. وتنتظر"حماس"ان تسمع من الرئيس محمود عباس تأكيدات برفع الحصار في حال تغيير رئيس الحكومة قبل ان تعطي موقفها النهائي. وقال مسؤولون في الحركة انها توافق على تغيير رئيس الحكومة في حال واحدة فقط هي تلقي تأكيدات برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني. وقال رئيس الحكومة اسماعيل هنية امس:"الشيء المهم بالنسبة لنا هو رفع الحصار وتلقي ضمانات لرفع هذا الحصار عن شعبنا". وتتجه"حماس"لابقاء سيطرتها على الحكومة من خلال الاحتفاظ بالعدد الاكبر من الحقائب الوزارية وخاصة الوزارات السيادية مثل المالية والداخلية. وقال مسؤولون في الحركة انهم سيحصلون على ضعف ما تحصل عليه حركة"فتح"من حقائب وزارية في الحكومة الجديدة كي يحافظوا على وجه الحكومة . ومن جانبها تقول حركة"فتح"انها لا تولي اهمية كبيرة لعدد الحقائب الوزارية التي ستحصل عليها بقدر اهتمامها بتشكيل حكومة قادرة على رفع الحصار. وقال عزام الاحمد رئيس كتلة"فتح"في المجلس التشريعي:"مشكلتنا ليست في الوزارات وعدد الوزراء بل في رفع الحصار وإعادة الحياة الى المؤسسات الفلسطينية مشيراً الى تعطل التعليم والصحة وغيرها من الخدمات جراء الحصار المفروض على حكومة"حماس"الحالية. وفي غزة، كشفت مصادر فلسطينية ل"الحياة"ان الاعلان عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية العتيدة سيتم في العاصمة المصرية، القاهرة، خلال الساعات او الايام القليلة القادمة، وليس في غزة او رام الله او العاصمة السورية دمشق. وقالت المصادر ان بيانا او اعلانا مشتركا سيصدر في اعقاب اجتماع الرئيس محمود عباس مع رئيس الوزراء اسماعيل هنية الذي سيعقد للمرة الاولى منذ شهرين ليل الاثنين الثلثاء، وسيشارك فيه رئيس المبادرة الوطنية النائب مصطفى البرغوثي الذي لعب دور وساطة بين الطرفين. واضافت ان هنية وحركة"حماس"لن يعلنا او يسميا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الذي بات في حكم المؤكد ليس هنية، بل شخصية مقربة من حركة"حماس"او محسوبة عليها لكنها ليست فاقعة في حزبيتها او اسماً لامعاً في الحركة. وكشفت ان لدى حركة"حماس"شروطا لإعلان اسم رئيس الوزراء الجديد او تسليمه للرئيس عباس، منها ان يضمن الاخير رفع الحصار فورا عن الحكومة والشعب الفلسطيني. كما تشترط حركة"حماس"ايضا الحفاظ على قوة المساندة التي باتت تعرف باسم القوة التنفيذية وشكلتها وزارة الداخلية والامن الوطني قبل عدة شهور كجهاز مستقل وزيادة عددها، فضلا عن تعيينات ادارية وامنية اخرى، الى جانب بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة والغتها الحكومة الحالية، او قرارات اتخذتها الحكومة الحالية ولم يصادق عليها الرئيس. وللتخفيف من وطأة الامر، قالت المصادر ان حركة"حماس"تخشى ان لا يقوى الرئيس عباس على تنفيذ وعوده التي جاءت في سياق الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بسبب ما عرف عنه عدم قدرته على مقاومة الضغوط الخارجية، خصوصا الاميركية. واشارت الى الموقف الاميركي الرافض حتى الآن الموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية يقودها قيادي من حركة"حماس"وتضم شخصيات قيادية اخرى من الحركة ومن فصائل فلسطينية اخرى، وان رفضها حال حتى الآن دون التوصل الى اتفاق حول تشكيلها. وتخشى الحركة ان تضع الادارة الاميركية عقباب أخرى الآن. واوضحت المصادر ان لقاء عباس وهنية وهو الاول منذ عقد اللقاء الاخير بينما في الحادي عشر من ايلول سبتمبر الماضي سيتناول جملة من القضايا الرئيسة، في مقدمها برنامج الحكومة الذي سيستند الى وثيقة الوفاق الوطني والجندي الاسير غلعاد شاليت، فضلا عن كتاب التكليف، وكيفية الاعلان عن الحكومة، والوزراء والحقائب. الى ذلك، قال الناطق باسم حركة"حماس"فوزي برهوم ان حركة"حماس""ابدت مرونة واضحة اتجاه تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على اساس وثيقة الوفاق الوطني، ولكنها لا تزال تصر على التمسك بالثوابت"، مؤكدا ان"الحكومة القادمة لن تعترف بالاحتلال"في اشارة الى واحد من ثلاثة شروط وضعتها اللجنة الرباعية الدولية لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني. واضاف برهوم ل"الحياة"انه في اعقاب المرونة التي ابدتها حركة"حماس""يبقى على الرئيس عباس القيام بجهود واضحة وحثيثة في اتجاه فك الحصار عن الشعب الفلسطيني وعن الاموال الفلسطينية، والعمل على اطلاق سراح المعتقلين البرلمانيين والوزراء، وتسويق الحكومة دولياً". من جانبه، قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جمال الخضري ان حركة"حماس"انتهت من اختيار الشخصية التي ستشغل منصب رئيس الوزراء القادم، وذلك في اعقاب التوافق بين مؤسستي الرئاسة والحكومة في شأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية". وتوقع الخضري المقرب من حركة"حماس"ويشغل حتى الآن منصب رئيس مجلس امناء الجامعة الاسلامية، كبرى المؤسسات التابعة للحركة، ان يتم اعلان اسم رئيس الوزراء المقبل خلال الساعات القادمة. وشدد على اهمية ان تحظى الحكومة القادمة بدعم واحترام دولي والتعامل معها بإيجابية كونها تستند الى وثيقة الوفاق الوطني وتتمسك بالثوابت ومدعومة من الرئيس عباس والمجلس التشريعي.