ارتفعت الصروح الرياضية والعمرانية في قطر استعداداً لدورة الألعاب الآسيوية التي تنطلق بداية الشهر المقبل، لكن آلاف العمال الذين شاركوا في بنائها ما زالوا يعانون من واقع صعب على رغم الجهود التي تبذلها الحكومة القطرية في هذا المجال. يقول الخبير القانوني في لجنة حقوق الإنسان القطرية الدكتور محمد فؤاد ان"أكثر من ربع مليون عامل تم جلبهم إلى قطر خلال السنتين الماضيتين بسبب الطفرة العمرانية الكبيرة"التي يشهدها هذا البلد الصغير والغني بالغاز. ويرى هذا الخبير انه"عندما تزيد أعداد العمالة، تزيد معها المشكلات العمالية"، إلا انه أشار إلى تسجيل انخفاض في نسبة الشكاوى العمالية عام 2006 مقارنة بالعام السابق. وبحسب فؤاد، تستقبل لجنة حقوق الإنسان في قطر الشكاوى العمالية"المتعلقة في معظمها بالتأخير في صرف الرواتب والخاصة بنقل الكفالة"عند تغيير العمل. ويعتبر ضعف الأجور من أهم المشكلات في هذا المجال، على رغم ان لجنة حقوق الإنسان"لم تستقبل سوى ست شكاوى خاصة بمبلغ للأجر، لان العامل يعرف مسبقاً راتبه ويوافق عليه قبل القدوم من بلده"كما يقول الخبير. وبحسب معلومات أفادت بها مصادر من اللجنة، فان"أجور العمالة غير المدربة تتراوح بين 600 و 1200 ريال شهرياً بين 164 و328 دولاراً، وتصل إلى ألفي ريال حوالى 550 دولاراً بالنسبة إلى العمالة الماهرة". ويعتبر فؤاد ان"رواتب العمالة البسيطة متدنية جداً، ولا تتناسب مع مستوى المعيشة الحالي". ويقول راجو نات، وهو عامل هندي في الرابعة والعشرين من العمر،"لقد وعدتني الشركة التي اعمل فيها بدفع ألف ريال 275 دولاراً شهرياً لكن مديرها، وهو هندي، لا يدفع لي الآن سوى 750 ريالاً". وأضاف هذا العامل"لقد وعدوني بالبقاء سنتين في قطر، لكنهم الآن يقولون ان علي المغادرة بعد انتهاء الألعاب". من ناحيته، يشتكي العامل النيبالي باسنتا من إخلاف شركات المقاولات لوعودها. ويقول باسنتا"وعدوني براتب 600 ريال شهرياً ولم يعطوني إلا 550 ريالا"، قبل ان يضيف"أنا مجبر على العمل بهذا المبلغ الزهيد، لأنني لا اعثر على عمل في بلادي، ويجب ان أعيل أطفالي الأربعة الذين أرسل لهم بين 150 و350 ريالاً شهرياً"بين 41 و95 دولاراً. وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في شؤون الاتجار بالبشر، انتقدت قبل أسبوعين مكاتب توظيف العمال في الدول المصدرة للعمالة إلى دول الخليج، وبعض الكفلاء في بلدان العمل"لأنها تعمل على استغلال العمال وإيهامهم بوجود وظائف ليست موجودة أصلاً". ونوهت المقررة سيغما هود"بمحاولة قطر السيطرة على المشكل عبر فرض دفع مبلغ قدره 70 ألف دولار ضماناً لاستقامة العملية، على شركات توظيف العمال، وعبر مصادرة مبلغ الضمان إذا أقدمت هذه المكاتب على مخالفات تتعلق باستقدام العمال". وتنفي شركات المقاولات الكبيرة تهمة سوء معاملة العمال والتلاعب بالرواتب، ملقية اللوم على بعض المقاولين الصغار الذين يدفعهم الجشع لذلك أو يقبلون صفقات بأسعار منخفضة فيضطرون لخفض رواتب العمالة لموازنة ربحيتهم. وقال الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للتنمية، إحدى اكبر الشركات في قطر:"من المفروض ان تكون هذه الرواتب قد تغيرت الآن، لأنها لا تساعد في إنتاجية العامل". لكنه يلفت أيضاً إلى ان"وزارة العمل تبذل جهوداً مضاعفة، وتقوم بزيارات مفاجئة إلى مواقع عمل وسكن العمال، ما أدى إلى تقدم"على مستوى معاملة العمال وظروف عيشهم. ويوجد في قطر جهاز تفتيش عمالي تابع لإدارة العمل يتمتع بحق الضبط القضائي ويعمل على الحؤول من دون اندلاع المشكلات العمالية. وذكرت صحيفة"الراية"القطرية في نهاية العام الماضي ان"جهاز التفتيش العمالي أكد انه تلقى 1295 شكوى من القطاع الخاص، منها ما يتعلق بتأخر الرواتب أو بزيادة ساعات العمل عن المتفق عليه". وبحسب المصدر نفسه، فقد"تمت تسوية 872 حالة، في حين تم حفظ 231 حالة ورفع 163حالة أخرى إلى القضاء". وتوقع محمد فؤاد"صدور قرارات ايجابية تصب في فائدة الفئات ضعيفة ومتوسطة الدخل مباشرة بعد انتهاء دورة الألعاب الآسيوية". كما أشادت سيغما هود"بإنشاء المركز القطري لحقوق الإنسان الذي سيتولى تغطية الشؤون المتعلقة بالموضوع في منطقة الخليج". وقالت ان"قطر تعمل على إصدار قانون سيصدر قريباً من أجل مكافحة الاتجار بالبشر". وقال وزير الدولة القطري للشؤون الداخلية عبدالله بن ناصر آل ثاني في مقابلة اذاعية الاسبوع الماضي، ان الوزارة"تعكف على اعداد قانون جديد لاقامة الوافدين سيكون متوازناً، خصوصاً في حفظ حقوق كل الاطراف". اما العامل النيبالي باسنتا فلا يخفي سعادته وهو ينظر الى البرج العالي لملعب خليفة، وقال"اشعر بالسعادة للإسهام في اقامة هذا الصرح الجميل، لكنني احزن لوضعي، واتمنى حياة افضل".