استبعد رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي المصرف المركزي بن برنانكي احتمال تعرض الاقتصاد الأميركي لركود حاد، مشدداً على أن التباطؤ الذي بدأ في الربع الثاني ويتوقع أن يستمر حتى نهاية السنة يشكل"ضرورة"لضمان الاستمرار بتحقيق نمو معتدل ومستدام وغير مهدد بالضغوط التضخمية. وأبرز في هذا المجال الدور الذي لعبه تراجع أسعار النفط عن مستوياتها القياسية أخيراً في الحد من مخاطر التضخم وتعويض المستهلك عن هبوط قطاع الإسكان. وأكد برنانكي في كلمة أمام المؤسسة الوطنية الإيطالية - الأميركية مساء أول من أمس أن التباطؤ، الذي خفض نسبة نمو الناتج المحلي من 5.6 في المئة في الربع الأول إلى 2.6 في الربع الثاني ومن ثم إلى 1.6 في الربع الثالث، تطابق مع توقعات لجنة السوق المفتوحة المعنية برسم السياسة النقدية وعكس في شكل رئيس"فتور"قطاع الإسكان، مشيراً إلى مؤشرات أولية إلى بلوغ نسبة النمو للربع الرابع النطاق نفسه للربعين السابقين. واعترف محافظ المصرف المركزي الأميركي بأن قطاع الإسكان يمكن أن يعرض الاقتصاد لآثار ذات أبعاد خطيرة لارتباطه بعدد كبير من الصناعات والخدمات المساعدة، وكذلك للدور المهم الذي يلعبه في الحد من قدرة المستهلك على الإنفاق. لكنه أوضح أن ما يحدث في هذا القطاع حالياً يعتبر عملية تصحيح أوجبتها الارتفاعات القياسية التي حققتها مكوناته الأساسية في السنين الخمس الأخيرة خصوصاً أسعار المنازل ومبيعاتها. ولفت إلى أن قطاع الإسكان الذي اختزن 40 في المئة ما يزيد على 26 تريليون دولار من الثروة الأميركية نهاية الربع الثاني من السنة، شهد بين عامي 2000 و2005 زيادة في حركة بناء المنازل بأكثر من 40 في المئة وفي مبيعات المنازل القائمة والجديدة بنسبة مماثلة، إضافة إلى ارتفاع متوسط أسعار المنازل على مستوى البلاد بحوالى 60 في المئة. وقال إن"تباطؤ وتيرة تزايد حركة إنشاء المنازل وأسعارها كان أمراً محتماً". أسعار الطاقة ولاحظ أن الأثر السلبي الذي أحدثه هبوط قطاع الإسكان في الإنفاق الاستهلاكي قابله عوامل إيجابية عدة، من ضمنها تراجع أسعار الطاقة الذي دعم القدرات الشرائية للأسر، وثقة المستهلك، وارتفاع أسعار الأسهم، والمستوى المنخفض نسبياً لأسعار الفائدة الطويلة الأجل. وأشار خصوصاً إلى أن تراجع أسعار النفط بحوالى 25 في المئة، مقارنة بأحدث ذروة بلغتها، ساهم في انخفاض مؤشر التضخم العام نصف نقطة مئوية في تشرين الأول أكتوبر وذلك للشهر الثاني على التوالي. وكشف برنانكي عن توقعاته بأن أسعار الطاقة ستتراجع في العام المقبل، إن لم تبق عند مستوياتها الحالية، ما لم تحدث تطورات خطيرة في موسم الأعاصير وتوقعات الطقس، مشدداً على أن الاحتمال الأرجح هو أن أثر أسعار الطاقة في التضخم سيكون"معدوماً". وطبقاً لوزارة التجارة الأميركية، بلغت نسبة تضخم الأسعار الأساسية في أحدث فترة من 12 شهراً، نحو 2.7 في المئة، مرتفعة بحدة عن الفترة السابقة، أي أكثر من الحد الأقصى المسموح به بما يقترب من واحد في المئة. فعلى رغم نفي مجلس الاحتياط الفيديرالي على لسان رئيسه اعتماد نطاق للتضخم بحيث أن تجاوزه يستوجب تشديد السياسة النقدية، يعتقد الكثير من الاقتصاديين بوجود نطاق غير معلن يراوح بين واحد واثنين في المئة. ولم يعط برنانكي أي مؤشرات صريحة إلى طبيعة الخطوة التي ستتخذها لجنة السوق عندما تعقد اجتماعها العادي في منتصف الشهر المقبل، مكتفياً بالقول إن اللجنة تدرك بأن مخاطر تدهور مؤشر التضخم الأساس الفترة المقبلة تبقى احتمالاً وارداً وستستمر بمراقبة الوضع عن كثب، مشيراً إلى أن قرار زيادة سعر الفائدة الأساس أو خفضها عن مستواها الحالي وهو 5.25 في المئة سيتوقف على بيانات التضخم وإمكانات نمو الطاقات الإنتاجية في الاقتصاد الأميركي. لكنه قال إن السيناريو الأكثر احتمالاً أن مؤشر التضخم الأساس، الذي يعتبر كلفة العمالة أكبر العوامل المؤثرة في حركته، سيتراجع عن مستواه الحالي تدريجاً وسينمو الاقتصاد بوتيرة تقل في شكل طفيف عن معدله المعتاد في المدى القصير ثم يستعيد عافيته لينمو وفق إمكانات طاقاته الإنتاجية أي العمالة وإنتاجها في السنة المقبلة، ما اعتبره محللون مؤشراً غير مباشر على استمرار تجميد السياسة النقدية.