ثمة أفلام "تعبت" من كثرة مرورها على المهرجانات، وثمة قراء تعبوا من كثرة ما ترددت أسماء أعمال وهي تعرض هنا وتكرم هناك فيما هم قابعون بانتظارها، انتظار قد يطول ويطول أو يتوج بمجرد اكتفاء"برؤيتها"على صفحات الجرائد، أو التزود بمقاطع محدودة منها على شاشات التلفزة. إنما هذا الواقع السائد في العديد من البلاد العربية، لا ينطبق هنا. فما ان يبدأ الكلام عن الأفلام المشاركة في مهرجان كان على سبيل المثال، حتى يكون عدد منها قد تصدر الشاشات في كل المدن الفرنسية، ما يتيح لمن قرأ وسمع ان يشاهد. اما في مهرجان من نوع آخر كمهرجان نانت مثلاً، فالحال مختلفة تماماً. اذ باستثناء عدد محدود من الأفلام السابق ذكرها، أي التي دارت على مهرجانات مختلفة، يمكننا ان نطلق لقب"خام"على معظم ما تبقى. فهي هنا تعرض للمرة الأولى، ومن هنا تنطلق بعد ان يكتشفها العاملون في الحقل السينمائي لتزور مهرجانات اخرى، أو لتوزع تجارياً في الصالات الأوروبية. من هذا المهرجان المخصص للقارات الثلاث آسيا، افريقيا، أميركا الجنوبية انطلقت عالمياً أفلام كياروستامي وناصر خمير وسيسيكو، ومن هنا بدأت شهرة السينما الإيرانية، وعرفت سينما دول الاتحاد السوفياتي سابقاً: طاجيكستان وكازاخستان وقيرغيزستان، والسينما التشيلية والأرجنتينية... إنها حقاً متعة الاكتشاف مع كل ما قد يحمله هذا من سعادة أو من خيبة. في الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان نانت الدولي، والتي تبدأ في 21 وتنتهي في 28 من الشهر الجاري، سنتمكن اخيراً من رؤية"فلافل"اللبناني ميشال كمون في المسابقة الرسمية بعد ان وصلت اصداء تميزه. ومن ايران فيلمان"فاير وورك ونزدي"لأقشر فرهادي وپ"بضعة كيلوغرامات من التمر من اجل الجنازة"لسمان سالور. لكن سنرى أفلاماً اخرى لم يسبق ان تناهى الى أسماعنا بعد شيء عنها. من الأرجنتين دييغو ليرمان، والإكوادور وكازاخستان دانيار سالامات، واليابان شنجي أوياما، والصين وكوريا وإندونيسيا وماليزيا. كما ستتحقق متعة الاكتشاف بصرياً بعد ان تحققت قراءة كذلك مع أفلام من المملكة العربية السعودية في تظاهرة مخصصة لها بعنوان"العربية السعودية - البدايات"مع"ظلال الصمت"لعبدالله المحيسن، الذي يُعتبر الفيلم السعودي الأول،"سينما 500 كلم"لعبدالله اياف، وبالطبع"نساء بلا ظلال"هيفاء المنصور، وپ"كيف حالك"للكندي ايزدور مسلم. وسيعرض الفيلم العماني الأول"ألبوم"لخالد الزدجالي. ومن ضمن التظاهرات الأخرى العديدة نشير الى عرض"الكامل"من اعمال المخرج الهندي ساتياجيت راي الذي وصف المخرج الياباني الكبير أكيرا كيروساوا عدم مشاهدة افلامه بأنه"كالعيش من دون رؤية الشمس أو القمر". يعرض المهرجان لساتياجيت راي، الذي يعتبر من احد الكبار في تاريخ السينما، والذي نال الأوسكار عام 1992 عن مجمل أعماله، الثلاثين فيلماً روائياً التي حققها خلال حياته توفي عام 1992 وكل شرائطه الوثائقية والقصيرة.