منذ استقالة وزراء "حزب الله" من الحكومة والتهديد بالنزول الى الشارع من هنا وهناك ، يسود الشعب اللبناني شعور بالخوف وعدم الطمأنينة. فاللبنانيون الذين شبعوا من السياسة والحروب والتراشق الكلامي، اصبحوا معنيين فقط بمستقبلهم ومستقبل أولادهم وبالعيش بسلام. وبعد كل المحن التي مر بها البلد من حرب أهلية الى احتلال الى مسلسل الاغتيالات، يشعر اللبناني انه لا قدرة لديه للتخطيط لمستقبل معقول وسط ظروف عصيبة. فلبنان بلد للجميع، ولبنان ليس لطائفة ضد طائفة، ولبنان المنقسم غير قابل للعيش. ولبنان لم يعد يحتمل الحروب. فالحروب والخلافات والاحتلال والتدخلات الاجنبية أعاقته، وكلما أراد ان يتعافى انهكته حرب أو فوضى أو عملية اغتيال جديدة. وحان الوقت للجميع في الطبقة السياسية ان يعوا ان الخلافات والفوضى وتخويف اللبنانيين والمستثمرين الاجانب بالنزول الى الشارع وبتسلل "القاعدة" وتفجير الحكومة، من شأنها ان تزيد من افلاس لبنان ليس فقط على الصعيد الاقتصادي وانما ايضاً نتيجة نزوح شبابه وأبنائه الذين يسعون الى الهجرة الى وطن بديل. والمسؤولية هنا مشتركة، وتقع على الأكثرية في قوى 14 آذار كما تقع على"حزب الله"والجنرال ميشال عون والكل على الساحة السياسية في لبنان. والمحكمة الدولية ضرورية لتعافي لبنان، ولا يمكن لأي شخص يملك شعوراً وطنياً حقيقياً ألا يفرح بمحاكمة من قتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما وايضاً سمير قصير وجبران تويني، ومن حاول اغتيال مروان حمادة ومي شدياق. والآن وقد أقرت الحكومة اللبنانية مسودة هذه المحكمة اصبح ضرورياً محاكمة المجرمين. وعلى كل اللبنانيين، من مسيحيين وشيعة وسنة ودروز، ان ينظروا الى مستقبل أبنائهم. فلبنان بلد ديموقراطي قائم على تعايش ينبغي ان يكون من مقوماته الى الأبد، ولبنان بحاجة الى انتعاش اقتصادي، علماً بأن لا خروج من المأزق الاقتصادي وبلوغ الانتعاش إلا بالسلام والتعايش والديموقراطية، خصوصاً الأمن. فكيف يأتي المستثمر العربي أو الأجنبي الى لبنان فيما الجميع في حال تصارع والأوضاع هشة؟ وكيف تساعده الأسرة الدولية وتجمع الأموال لدعمه إذا بقي الصراع على ثلاثة زائداً واحداً وأربعة وثلث معطل وثلث مشارك... الخ. فالشعور بالوطنية والمسؤولية يتطلب يقظة من الجميع لمساعدة حكومة فؤاد السنيورة الذي يعترف الكل بنزاهته ووطنيته وحرصه على سيادة البلد. وعودة الوزراء الشيعة الى طاولة الحوار ضرورية في سبيل انقاذ البلد وتوافقه وتعايشه. فالسيد حسن نصرالله الذي مثل لطائفته وللرأي العام العربي رمز النصر في وجه إسرائيل، عليه أن يظهر أيضاً أنه يريد فعلاً لبنان قوياً ومتعافى وعربياً وسيداً وديموقراطياً. فالجميع يريد لبنان لأبنائه، والمسؤولية ملقاة على الجميع وليس على طرف واحد فقط. فالمطلوب الآن بإلحاح وفي سبيل حياة كريمة للبنانيين، تحقيق هدنة بين جميع الأطراف السياسية والعودة الى الطاولة من أجل عيش مشترك. ومعظم اللبنانيين الذين تهجروا في الحرب عادوا الى قراهم وعلى الطبقة السياسية أن تحرص على ألا تهجر غالبية شباب لبنان فيبقى البلد فريسة أطماع الخارج. ولا يمكن لطائفة، أياً كانت، أن تستولي على البلد، لأن ذلك يعني نهايته. والمعنيون بلبنان ديموقراطي وسيد وتعددي، عليهم أن يعوا مسؤولياتهم حرصاً على مستقبل أولادهم!