على رغم تدهور الأوضاع العراقية وسوئها يوماً عن يوم، تشير تصريحات الرئيس الاميركي الاخيرة الى انه لا يفكر في تغيير خططه الاستراتيجية في العراق. وعلى رغم علة اصوات معارضي سياسته وقرب انتخابات الكونغرس، يتحدث الرئيس جورج بوش عن انتصار الأميركيين في العراق. ولكن أين هو النصر؟ فالجيش الاميركي انتصر على الجيش العراقي، وأطاح نظام صدام حسين، وقبض عليه. إلا أن الجيش الاميركي فشل في بسط سيادته على العراق. وهو يخوض، الى يومنا هذا، معارك ضد متمردين و مقاومين. ويفوق عدد قتلى الجيش الاميركي الألفين و500 قتيل. ولم يلتزم بوش وعده العراقيين بحفظ أمنهم واستقرارهم. وبات الموت يداهم العراقيين من كل حدب وصوب، وعمّ الخراب والدمار المدن العراقية. وتصدع البناء الوطني العراقي، ولاحت لائحة حرب عرقية وطائفية. والعراقيون مجمعون على كره الأميركيين ومعاداتهم. وعلى خلاف ما اشتهى بوش، أضعف العراق مشروع نشر الحرية والديموقراطية بالشرق الاوسط، وقوض نفوذ اميركا بالمنطقة. فتفشت موجة معاداة السياسة الاميركية في الشرق الأوسط. وبلغت تكلفة الحرب على العراق نحو 337 بليون دولار، ولم تسيطر أميركا على النفط العراقي. وتضرر الاقتصاد الاميركي من ارتفاع اسعار النفط عالمياً، في حين استفادت ايران من عائدات هذا الارتفاع. ولا ريب في أن الشعب الاميركي يرى عن كثب ما يحصل في العراق. وهو يدرك أن ما يزعم الرئيس بوش أنه انتصار ما هو الا هزيمة. وقد تتيح الانتخابات الاميركية الوشيكة في 7/11 للشعب الأميركي تقويم الحرب على العراق، ومحاسبة بوش عليها. وتشير استطلاعات الرأي الى فوز الديموقراطيين وترجح حصولهم على غالبية المقاعد في مجلسي الكونغرس الأميركي. ويرجح المستشارون والخبراء الاميركيون احتمال انسحاب القوات الاميركية من العراق قريباً. ولكن هؤلاء الخبراء لا يملكون إجابة عن السؤال: من يملاً الفراغ الذي يخلفه الجيش الاميركي وراءه في وقت تسعى دول اقليمية مجاورة الى السيطرة على العراق؟ و مثل هذه السيطرة تمهيد قوي لانقسام العراق. عن سامي كوهين ، "مللييت" التركية ، 29 / 10 / 2006