بجمل مختصرة يمكن وصف ما يجري في فلسطين: ثمة فئتان تتقاتلان على قيادة الشعب الفلسطيني. وأنا اعترف بفشلي في التحليل السياسي، لأنني ببساطة أميل الى ما يمليه علي تحليل قلبي ووجداني، أما السياسة التي تتطلب عقلاً بارداً وقلباً ميتاً واهتماماً بالمصالح، فلست من أهلها ولا من أقاربها حتى، لكن من حقي ان اشعر اني مواطن حقيقي يعيش في وطن حقيقي ما دامت هناك وزارات ومؤسسات ورئيس ووزارة بيئة تحافظ على نظافة محيطي او وزارة تموين مثلاً، تحافظ على صحة ما أتناوله من طعام. شخصياً أفكر في الهجرة الى كندا، وقد بدأت فعلياً بعمل ترتيبات ذلك، على الأقل يوجد هناك قانون يحاسب اللصوص، ورواتب تصرف في شكل منتظم للموظفين، ولا أحد يطلق النار في الهواء للفت انتباه امرأة جميلة تمر في الطريق، واهم من ذلك هناك لا أحد يكذب على أحد وان كذب فهو يحاصر ويحشر في زوايا الاستجواب ويستقيل من منصبه والعار يقطر من عينيه. ثقافة الاستقالة بعد الفضائح والفشل غير موجودة في حياتنا، العكس هو الصحيح، هناك ثقافة اسمها ثقافة الترقيات بعد الفضائح. هل هناك انحطاط اكثر من ذلك؟ لا أشعر شخصياً انني أعيش في وطن ضحى أبناؤه بآلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين، ولا أستطيع ان افهم سر فشل النظام السياسي الفلسطيني على رغم عقود طويلة من الخبرة والتجارب، ولم اكن حتى في كوابيسي أتصور ان تأتي حكومة فلسطينية تتعامل مع المجتمع الدولي وفق معيار الحلال والحرام، وان تقود مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الاستقلال بهذه الطريقة، وشعارات حماسية وخطب. "حماس"تعتقد بأن فلسطين هي جمعية خيرية، تدار فقط بالإيمان والصلوات والنقاء، وفتح تعتقد ان فلسطين شركة تدر دولارات واستثمارات ومصالح، والشرفاء فيها عاجزون عن التغيير. ما هو الحل؟ لا أحد يدري، المواطن البسيط يشعر تماماً انه جائع ومحبط وحزين وعاجز وحائر ومرتبك بين نهجين أو فئتين، كلتاهما تبحثان عن أجندتهما الخاصة الفئوية، والضحية هو المواطن البسيط، المعلم والعامل والموظف. هل الهجرة من فلسطين هي الحل؟ لم لا ما دامت كرامتنا الشخصية والوطنية ضائعتين في مهب الاقتتال على المصالح الفئوية. وما هو الوطن ان لم يصُن كرامة المواطن وعزة نفسه وتطوره العاطفي والنفسي؟ وما هي فلسطين ان لم تكن نظافة الضمير والقلب والروح؟ فوداعاً يا فلسطين يا أجمل البلاد وأقسى البلاد. وداعا أيتها اللعينة التي اعبدها والتي سحقت كرامتي. زياد خداش - بريد الكتروني