توافق وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ونظيرته الأميركية كوندوليزا رايس في الدعوة إلى حل قضايا المنطقة الرئيسة، وفي مقدمها الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فيما اختلف خطاباهما حول الأولويات وتفاصيل الحلول المقترحة. وأكدت مصادر مرافقة أن"زرع نواة"التحرك تجاه مؤتمر دولي لإحياء عملية السلام ستستأثر بنقاشات وزراء خارجية دول الخليج ومصر والأردن في لقائهم بالوزيرة الأميركية حول مائدة إفطار رمضاني في القاهرة مساء أمس. وفيما التزم الأمير سعود التشديد في مؤتمر صحافي مشترك مع رايس في مدينة جدة على البحر الاحمر على أن بلاده لا يمكن أن تتخلى عن دعم الفلسطينيين من خلال السلطة الوطنية، كانت رايس واضحة في دعوتها حكومة"حماس"إلى الرحيل، قائلة:"إن الدعم الدولي الممكن تقديمه لحل الاقتتال الفلسطيني الداخلي ذهب ضحيته 12 قتيلاً في أقل من يومين لن يكون سوى المطالبة بتغيير الحكومة الفلسطينية الحالية لإيجاد حكومة يمكن أن تحترم مبادئ اللجنة الرباعية"، في اشارة الى المجموعة المؤلفة من الولاياتالمتحدة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا. وحضت رايس جميع الاطراف على وقف الاقتتال. ولا تعترف حركة"حماس"والحكومة المنبثقة منها بإسرائيل، علماً ان الاعتراف احد الشروط الثلاثة للجنة الرباعية من اجل استئناف المفاوضات، كما أن"حماس"تعلن تحفظها عن مبادرة السلام العربية. وبعد أن أمضت كوندوليزا رايس ليلتها الأولى في جولتها على المنطقة في مدينة جدة حيث استقبلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مساء أول من أمس، توجهت إلى القاهرة في الحادية عشرة صباحاً، ولحق بها في الثالثة ظهراً نظيرها السعودي ليجتمعا مجدداً، في ما وصف أميركياً بلقاء"دول الاعتدال"في المنطقة مع أميركا. وبرز التمايز في الموقف السعودي - الأميركي خصوصاً في موضوع عملية السلام إذ إن الرياض ترى، بحسب الامير سعود الفيصل، ان الاولوية القصوى يجب ان تكون لتحريك عجلة السلام لوقف الاعتداءات الدامية على الفلسطينيين وما سبقها من تدمير مروع للبنان، وربط تفجر الأزمات الأمنية في المنطقة ومخاطرها بتعطل عملية السلام نتيجة ممارسات اسرائيل وتجاهلها الدعوة الدولية والإقليمية إلى السلم. ولم تمض دقائق على دعوة الأمير سعود الولاياتالمتحدة إلى التركيز على القضايا الجوهرية في الصراع والبعد عن التفاصيل، حتى ردت رايس من المقعد المجاور قائلة ان بلادها ترى ضرورة ان يكون للفلسطينيين حكومة جديدة، معتبرة أن ذلك من شأنه فتح السبيل امام ان"يكون هناك تقدم مرة أخرى نحو تأسيس الدولتين وفق رؤية الرئيس بوش ورؤية المبادرة العربية". وفي هذا السياق، رد الأمير سعود على سؤال حول دعم حكومة بلاده ل"حماس"، بالتشديد على أن الدعم السعودي يسلم إلى السلطة الوطنية. وقال:"ندعم السلطة الفلسطينية ضمن الجامعة العربية ولا يمكننا تأجيل هذه المساعدات، خصوصاً أن الفلسطينيين يواجهون مشكلات حقيقية على الأرض". وفيما رحبت الرياض، على لسان سعود الفيصل، بالمطلب الإيراني المدعوم من أطراف دولية ورغبة إقليمية باعتماد الحوار الديبلوماسي سبيلاً لإغلاق ملف البرنامج النووي واللجوء إلى وكالة الطاقة الدولية بديلاً عن مجلس الأمن، شنت رايس هجومها على البرنامج ونيات إيران، معتبرة أن الطريق الواضح لحل الأزمة يتمثل في"السير وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1669". وقالت للصحافيين في قصر المؤتمرات:"لقد ناقشنا ما يقلقنا بالنسبة الى ايران وبرنامجها النووي، وقدمت شرحاً موجزاً لخادم الحرمين الشريفين ووزير الخارجية حول عدم وجود تقدم ... ولا يوجد لدينا أي قناعة أنهم الإيرانيين ينوون هذا الآن، وفي الواقع بيانات الرئيس الإيراني هي عكس ذلك وستكون هناك مشاورات في وقت قريب مع مجموعة الخمسة زائد واحد، لأن أمامنا طريقاً واضحاً بموجب قرار 1669". وكان الامير سعود جدد التعبير عن هواجس دول الخليج البيئية بحكم"انتشار المفاعلات على سواحلنا"، مشيراً إلى أنه:"يتبقى موضوع التخصيب الذي يظل نقطة الخلاف الرئيسة بين الطرفين ويعيق الاتفاق في ما بينها، خصوصاً في ظل الشكوك المتبادلة وهذا ما يجعلنا نقدر استمرار المباحثات للوصول إلى التسوية المطلوبة للأطراف كافة". وفي تصريح لافت، سمت كوندوليزا رايس لبنانوالعراق"دول الديموقراطية الجديدة"وقالت:"لقد تحدثنا عن الحاجة الى دعمهما". وكانت رايس استهلت المؤتمر الصحافي بالقول:"إننا عقدنا مناقشات مكثفة ومثمرة في المملكة، كما جرت العادة ونحن نناقش منذ فترة قضية الشرق الأوسط، وهناك الكثير من التغيير والتحديات وناقشنا بشكل مستفيض الموقف في الأراضي الفلسطينية والرغبة في إيجاد طريق للفلسطينيين حتى يحلوا أزمتهم السياسية". وشددت على ضرورة دعم لبنان بشكل خاص بعد الحرب وإعادة بنائه وتسليح قواته المسلحة التي تستخدم الآن من أجل بسط السلطة اللبنانية في جميع الأراضي اللبنانية، إضافة إلى الحديث عن الحلول من أجل تنفيذ قرارات الأممالمتحدة بالكامل:"وهذا يشتمل على احترام ... حظر السلاح، إذ أكدت الأممالمتحدة هذه النقطة حتى لا تكون هناك أية أسلحة لأي مجموعة بما فيها حزب الله". وقالت ان"القوات الأمنية اللبنانية هي الوحيدة المخولة ب حمل السلاح". كما نوهت رايس بما اسمته"الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة العربية السعودية إلى العراقيين وهم يحاولون أن يجدوا طريقهم نحو المصالح الوطنية". واعتبرت أن الدعم السعودي"سيكون بالنسبة الى العراق والعراقيين فرصة لأن تكون دولتهم دولة موحدة وديموقراطية يعيش فيها السنة والشيعة والأكراد ويمثلون بشكل كامل، ولكن يجب أن يتغلبوا على هذه البيئة الأمنية التي يواجهونها الآن". وعن المحادثات التي أجرتها في جدة قالت:"ناقشنا التغيرات التي تحدث في المملكة العربية السعودية والتقدم في مجال الإصلاحات"، مشيرة إلى:"وجود حوار استراتيجي يتعامل إلى حد كبير مع الكثير من الشؤون المتعلقة بالقضايا الثنائية".